حين شرعت في بحثي عن المسرح السعودي تاريخاً وتجربة، واجهتني مشكلة الوصول إلى الوثيقة والمعلومة للانتهاء من كتابة بحثي، وهذا ما وضعني مع مشكلة تعدد الروايات خاصة روايات بدايات المسرح، أو روايات الريادة، فهل بدأ المسرح في مكة، الأحساء، عنيزة، الرياض، أو في مكان آخر؟، ولا يمكن بالطبع تأكيد رواية من الروايات سوى بالتوثيق.
ولم أجد جهة مسرحية في المملكة اهتمت بالتوثيق كعادة كل الجهات الرسمية وفي كل المجالات، لأن التوثيق يبدو في آخر اهتمامات هذه الجهات الرسمية، من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، جمعية الثقافة والفنون وحتى الجامعات السعودية، ما اضطرني للاتكال على مشاريع التوثيق الفردية كمشروع المسرحي علي السعيد التوثيقي والذي بدأه منذ زمن لجمع كل ما يخص المسرح السعودي من أخبار ومقالات وعروض مرئية ونصوص مسرحية، مع أن هذا الدور لا بد أن تناط به الجهات المنتجة للمسرح.
وخلال البحث عن التجارب المسرحية في المنطقة الشرقية، تبين أن شركة أرامكو كانت من الجهات المنتجة للمسرح خاصة في بدايات التأسيس، وربما تكون أول من أنتج وقدم مسرحاً منظما تنطبق عليه اشتراطات المسرح، وكانت أولى العروض كما يشير السعيد في إحدى مقالاته قدمت في العام 1945م، ولكن هذه العروض لم تكن عروضاً مسرحية عربية، بل كانت عروضا من المسرح الأمريكي تقدم باللغة الانجليزية والجمهور لم يخرج عن دائرة موظفي الشركة.
الوثائق المسرحية التي تملكها شركة أرامكو عن عروضها المسرحية لم توضع تحت يد الباحثين المسرحيين لقراءتها كتجربة وكرصد لتاريخ المسرح في المملكة، وللجهات التي قدمت وأنتجت مسرحا كما هو حال ارامكو، إلا إذا لم يكن ثمة وثائق تسجل هذه التجربة المبكرة. مع أن هذه التجربة لا يمكن إلا قراءتها بمعزل عن التجربة المسرحية في المملكة، فهي بعيدة عن سياقها إذ لم تكن مؤثرة ولم تترك بصمتها على المسرح بشكل عام، فالدائرة الضيقة المغلقة للمسرحيات، فرقا وجمهوراً لا يترك المجال لربطها تاريخيا وفنياً بالمسرح بالمملكة.
مع هذا، فهذه دعوة لشركة أرامكو السعودية لفتح ملفات المسرح خاصة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ليتسنى للباحثين المسرحيين الاطلاع والاستفادة من التجربة في سياقها الخاص.
اترك تعليقًا