
يحتاج الكاتب المسرحي أن يخرج نصه من صيغته الكتابية إلى الصيغة المسرحية المجسدة، إلى جهة إنتاجية أو مخرج يتبنى ذلك النص لتنفيذه، وإلا بقيت نصوصه حبيسة الأدراج، وفي أحسن أحوالها يضمها كتاب إن نوى نشر نصوصه، وللكتاب في هذا الوقت قصته، فلم يعد الزمن زمنه، ولم يعد متداولاً ولم يعد يلاحقه محبو القراءة في رفوف المكتبات. الزمن الآن بات زمن الانترنت، زمن المعلومة الجاهزة سهلة التناول، فالشبكة كفيلة بتسهيل الصعاب، وتسهيل عملية البحث عن نص مبتغى.
حين بدأت الكتابة، كنت مولعاً بالكتابة بالقلم، ومصراً على أن القلم والكتابة به لها طقوسها الخاصة، وبالقلم الأفكار والكتابة سيالة، لم أكن مقتنعاً بأن الزمن متغير، ولكل تغير ظروفه، لم أستسغ أن أفتح صفحة جديدة في برنامج كتابة على شاشة كمبيوتر لأبدأ الكتابة، كنت أشعر أن ثمة حائل بين شاشة الكمبيوتر والكتابة المسترسلة، ولكني وقعت في المحظور، فقد اكتشفت كمية السحر في هذه التقنية الحديثة التي أتاحت لي الشطب والتعديل، باتت الكتابة أسهل، والوقت بات أكثر اتساعاً من ذي قبل.
في بدايات تدشين موقع مسرحيون تعرفت على الموقع، وعلى الصديق الراحل قاسم مطرود من خلال نصه، شجعني على نشر نصي (فصول من عذابات الشيخ أحمد) الذي حاز على جائزة الشارقة للأبداع العربي-الإصدار الأول 2001م، ونفذ في افتتاح أيام الشارقة المسرحية في العام 2003، ونشر ما كتب عن العرض من الصحف الإماراتية والعربية الحاضرة في المهرجان، وتبعته بنشر نصي (المزبلة الفاضلة) إلى أن تعاونت مع قاسم كمراسل للموقع، وقد غطيت له عدة فعاليات مسرحية.
المفاجأة التي غيرت كل تفكيري، وزادت إيماني بالإنترنت كجسر حقيقي للتواصل بين العالم، حين تفاجأت بخبر تنفيذ مسرحيتي (المزبلة الفاضلة) في دهوك بكردستان العراق، كان الخبر في إحدى الصحف العراقية يفيد بأن الكاتب عراقي الجنسية، ربما لارتباطي بموقع سمته عراقية، كنت سعيداً بهذه التجربة، وبخروج نصي من فضاء النت إلى عالم الواقع، سعيداً رغم عدم اطلاعي على العرض، ورغم عدم علمي بتنفيذ نصي إلا صدفة،. تتابع تنفيذ نصي في أكثر من مكان، ودون علمي ولا أعلم إلا صدفة، عدا عن تنفيذ النص في الكويت والتي أخرجها علي المذن، الذي عرفني بأن نصوصي حاضرة في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت في مشاريع الإخراج المسرحي، وكان مسرحيون هو الوسيط، وعن تنفيذ أربعة نصوص من نصوصي في سلطنة عمان الذين تواصل معي بعضهم لأخذ موافقة كتابية على تنفيذ النص. وهذا لا يمنع أني تعرفت على بعض مخرجي نصوصي وتواصلت معهم وأصبحوا من أصدقائي، منهم المخرج السوري هاشم غزال الذي قدم نصي (المزبلة الفاضلة) في مهرجان الماغوط في السلمية، ولم أعلم بخبر عرضه إلا من صديق سوري سمع به من الراديو صدفة.
لأنني لا أنتمي لجهة، او فرقة، أو أي تكوين جماعي مسرحي، فإن نصوصي لا يمكنها أن تنفذ على الخشبة لو لم أنشرها على مواقع الانترنت، وإن نشرتها في كتاب، فالإنترنت أتاحت لي الفرصة أن أتجاوز الحدود الجغرافية ويصل نصي لأكبر عدد من الخشبات العربية، وأخرجها مخرجون شباب وهم الشريحة المتصلة أكثر بشبكة الانترنت. لولا مسرحيون وغيره من المواقع لما تجاوزت نصوصي ذاكرة كمبيوتري، ولما تجاوزت رف مكتبة بعد نشري لنصوصي في كتاب، لذا فإن فضائي الشاسع هو الانترنت، وهو جسري إلى المسرح العربي وإلى أصدقاء المسرح وإلى خشبات المسرح.
المفارقة، أنه لم يقدم لي داخل السعودية وحتى هذه اللحظة سوى نص وحيد، وأنا الذي طافت نصوصي دولا عديدة.
اترك تعليقًا