
يرى فاضل الكعبي في كتابه مسرح الملائكة- إصدارات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة- أن “مسرح الطفل يساعد على تعديل سلوك الطفل عبر ما يقدمه من مؤثرات وقيم وتفاعلات في نفسية المشاهد الصغير تجعله يعي سلوكه ويدرك الخطأ والصواب في هذا السلوك”، خاصة مع المشاركة الوجدانية بين الطفل المتلقي والممثل. وبالعودة إلى مواصفات مسرح الطفل، نجد أن المسرحية الجيدة هي التي تتسم بالفكاهة والفرح، فمن خلال هذه الفكاهة يمكن أن تصل رسالة المسرحية لهذا المتلقي الصغير.
إذاً، المسرح قادر على تعديل سلوك الطفل، ولكن أي نوع من المسرح، هل هو المسرح القائم على مفهوم الترهيب من مصير السلوك السلبي، لدرجة الإيغال في تصوير هذا المصير حتى وإن كان بتجسيد الموت والأرواح، فيتحول المسرح إلى رعب ينفر منه الطفل ويأخذ السلوك المراد تعديله منحى غير مرغوب به ويتبدل إلى ردات عكسية؟!، أم يكون المسرح بترغيب الطفل بجمال السلوك الإيجابي، وربطه بعلاقة حميمة مع هذا السلوك، بدل أن يكون سلوكه بإيجابية نابع من خوف ورهبة من عقاب.
ولأن مارك توين عبر عن المسرح بأنه أخطر الاختراعات الإنسانية، فلا بد أن يكون للكاتب، المخرج، الممثل المسرحي أن يكون ملماً بخطورة هذا المسرح، لأنه يخاطب من وصفهم جان لوك بالصفحة البيضاء، فعليهم واجب تقديم ما يتناسب وعقلية هذا الطفل وفطريته، وطريقة تفكيره وقناعاته التي تدفعها سجيته البكر. فمن المجحف بحق الطفل أن يتعامل المسرح معه بوصاية، ويوجهه بالتلقين، بدل التشارك معه في فسحة من الحرية، ضمن مفاهيم التربية بالمسرح.
الطفل لا يمكن أن يتقبل ترهيبه بعقاب، فالرفض سيكون ردة فعله، ولكنه في ذات الوقت سيتقبل أن نوصل له القيم والأخلاق، والواجبات وتجنب الممنوعات، بشكل لا يخدش إنسانيته، لو قدمناها بمسرحية فكاهية بمؤثرات صوتية جميلة وديكورات مدهشة، لا أن يطغى عليها الخوف والحزن والقلق. الطفل كائن بريء فلا ننتهك هذه البراءة باسم المسرح!.
اترك تعليقًا