
في إحدى الندوات التي أعقبت مهرجان أفلام السعودية الذي نظمته بالشراكة مع شركة أرامكو وجهات أخرى جمعية الثقافة والفنون بالدمام في فبراير الماضي، أثارت الندوة وما قدمه منظمو المهرجان من عرض عن المهرجان والأفلام المشاركة والزخم الإعلامي الذي رافقه دهشة بعض الحضور ممن لم يسمعوا عن وجود أفلام سعودية يصنعها شباب ويشاركون فيها في مهرجانات عربية وعالمية أيضاً، بل أن الكثير لم يسمعوا بإقامة مثل هذا المهرجان الذي كتب عنه في وكالات أنباء عالمية وفي المواقع والصحف وحتى في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان مما أثار حفيظة أحد المخرجين المشاركين في المهرجان مداخلة لأحد الحضور قارن بها بين ما يمكن أن تقدمه الأفلام السعودية وما تقدمه السينما في هوليود. هذه المقارنة تبدو مجحفة بحق تجارب تحاول أن تتلمس الطريق الصحيح إلى فن السينما، فالمخرجون السعوديون الشباب يناضلون من أجل إنتاج فلم بإمكانات بسيطة وبلا موازنات تذكر، ويعتمدون على المتطوعين من طواقم فنية ومن ممثلين ومن كتاب سيناريو، إمكانات أنتجت أفلاماً حققت جوائز في مهرجانات عربية واستطاعت أن تدرج ضمن أفلام مهرجانات عالمية كمهرجان كان الفرنسي، ومخرجون تسلحوا بالاطلاع على ما تقدمه السينما حول العالم من أفلام وعلى ما يتاح لهم من قراءات ومن ورش تدريبية ليبدعوا في مجال عشقوه رغم ما فيه من مطبات. مجحف أن نقارن سينما بحجم السينما الأمريكية بكل إمكاناتها البشرية وموازناتها التي توازي موازنات دول بإرهاصات سينمائية بلا دعم، مجحف أن نقارن ما وصلت له السينما الأمريكية من قدرة على تطويع التقنيات الحديثة في إنتاج أفلام مدهشة على مستوى الصورة والمؤثرات مع تجربة تعتمد على الفردي وعلى الاجتهادات.
وكان اللافت في رد المخرج، هو حديثه عن أن الأفلام الأمريكية تحولت إلى نموذج كونها صناعة تم تسويقها عالمياً لتكون في متناول الجميع وهذا لا يعني أنه النموذج الأفضل فنياً بل ثمة أفلام مبدعة تقدمها دول لا تمتلك الصناعة التي تمتلكها هوليود، مثل الأوربية وأفلام أمريكا الجنوبية وأفلام آسيوية، أفلام هي بحد ذاتها مدارس بصرية لصناعة الفلم ولكن مشكلتها أنها ليست أفلاماً لم تحظ بالتسويق وظلت في دائرة المهرجانات.
ما يحتاجه الفلم السعودي أن يصل لأكبر شريحة من الناس رغم أنه لا زالت السينما وصناعة الأفلام غير حاضرة وما يقدم ليس سوى أفلام قصيرة لها سماتها الخاصة، عبر التأكيد على هذا الوجود من خلال الإعلام المرئي والمسموع والإعلام الجديد الذي تتصدره مواقع التواصل، يحتاج دعماً إعلامياً من قنواتنا الرسمية والخاصة ومن الصحافة للإضاءة على هذا الفن الجديد محلياً والذي بدأ يروج. ويحتاج إلى أن تتحول مهرجانات الأفلام إلى حالة شعبية ونتفتح أكثر على الجمهور العادي ولا يقتصر الأمر فقط على المتخصصين.
اترك تعليقًا