الموقوف رقم 80

 

 %d9%85%d8%b3%d8%b1%d8%ad%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d9%82%d9%88%d9%81-%d8%b1%d9%82%d9%8580-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b2%d8%a7%d8%a6%d8%b1

ملحوظة: يمكن أن تنفذ المسرحية في أي فضاء كان وليس بالضرورة أن تكون على خشبة مسرح. حاولت في هذا النص أن اعتمد تقنية التقطيع السينمائي وعلى اللقطات السريعة، وهي المرة الأولى بالنسبة لي التي أعتمد على هذه التقنية في الكتابة المسرحية.

– قدمت المسرحية لكلية التربية بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان، وأخرجها طاهر الحراصي 2009م.

– وقدمت في الجزائر إخراج زروق نكاع لجمعية المسرح الحر ميلاف 86 في العام 2014.

– وفي ليبيا إخراج عبد السلام البديوي تحت مسمى (السجين) لفرقة المسرح القومي ببنغازي.

الشخصيات

المحقق:       محقق شاب، دخل السلك العسكري بالوراثة.

السجين:      موقوف منذ 10 سنوات في سجن انفرادي.

 

اللقطة الأولى- اليوم الأول

شخصان يواجهان الجمهور، ضابط في الجهة اليسرى خلف مكتب، وسجين مقيد خلف قضبان حديدية، الضابط يدخن سيجارته وهو يقرأ في أحد الملفات التي على الطاولة باهتمام، السجين ينظر بملامح حيادية إلى البعيد، يضع المحقق الملف جانباً وينفخ دخان السيجارة، ينظر جهة الجمهور، يطفيء سيجارته. (يمكن عرض صور متتابعة على البروجيكتور تتوازى مع الحوارات وتحكي بصرياً حكايتي الشخصيتين).

المحقق:       أنا جديد في هذا السجن.

السجين:      أنا في هذا السجن منذ عشرة أعوام.

المحقق:       الإدارة كانت تبحث عن دماء جديدة تتعامل مع الخارجين عن القانون بطريقة مختلفة.

السجين:      مر علي أكثر من خمسة محققين هنا.

المحقق:       تخرجت مؤخراً من كلية الشرطة.

السجين:      أنا لم أكمل جامعتي، أعتقلت في سنتي الثالثة.

المحقق:       لم أكتفِ بما درست في الكلية حول طرق التحقيق، قرأت وتثقفت، لأتعلم طرقاً أكثر.

السجين:      أبي كان يقول أن الكتب هي ما أفسد عقلي، كان يمنعني من القراءة، مرة رمى كتبي في الشارع، لم يبق شيئاً على أرفف غرفتي.

المحقق:       اخترت الشرطة لأنها تعطي هيبة.. (يقف ويتمشى نافخاً صدره) إذا مررت في السوق مثلاً الكل يقدم لك الاحترام.

السجين:      أبي يعمل خضّاراً، وكان يخاف من الشرطة، إذا مر شرطي في سوق الخضار يقف خائفاً ويرفع يده بالتحية (يرفع يده مقدماً التحية).

المحقق:       الباعة يتسابقون لخدمتي، يختارون لي أفضل ما عندهم ليقدمونه لي هدية.

السجين:      كنا نأكل أصنافاً من الفاكهة لم يرها جيراننا، كان أبي يختار لنا أفضل المتبقي من بضاعته ويرمي الباقي.

المحقق:       حين كنت صغيراً، كنت أرى كيف كانت لوالدي هيبة، بنجومه الثلاث التي كانت تزين كتفيه، أعجبتني صورة والدي، فصرت مثله.

السجين:      كان يتمنى أن يراني مهندساً أريحه من تعب السنوات.

المحقق:       إنه سعيد لأني ورثت مهنته.

السجين:      لم يكن يريدني مثله، كان يقول (يقلد صوت والده وبحزم) لا أريد لك مصيراً كمصيري، ستكون مهندساً، وسكنيني الناس بأبي المهندس.

المحقق:       لم يحقق رغبة والدي سواي، فصرت ابنه المدلل، كان يقول لي متشفياً في إخوتي وهو يربت على كتفي ( يقلد صوت والده) أنت ولدي الوحيد.

السجين:      لم أكن مقتنعاً بالهندسة، أحب الإعلام، أمنيتي أن أكون صحفياً، لأجل والدي تخليت عن أمنيتي، لأجل أن يكنى بأبي المهندس.

المحقق:       يكفيني هذا الرضا من والدي.

السجين:      رضاه كان غايتي.

المحقق:       سأرضيه أكثر إذا أخلصت في عملي، سأثبت له أني صورة منه بحزمي وقدرتي على انتزاع اعترافات المجرمين.

السجين:      صورته لا تفارق خيالي وهو يرمقني بنظرات الحزن لحظة إعتقالي.

المحقق:       لا يمكني أن أنسى افتخاره بي.

إظلام بالتلاشي

اللقطة الثانية-في ذات اليوم

المحقق خلف الطاولة، والسجين أمامها، المحقق يقرأ في ملف السجين وهو ينفخ دخان سيجارته، السجين يحدق في وجه المحقق بحيادية، يرفع المحقق رأسه عن الملف ويضعه جانباً، يقف ويدور حول الطاولة، يواجه السجين، يقعد على الكرسي الذي بجانبه. (شاشة البروجكتور مقسومة إلى قسمين، في الأول يعرض وجه المحقق وفي الثاني السجين).

المحقق:       ( يقرب علبة السجائر من وجه السجين) سيجارة؟!.

السجين:      أنا لا أدخن الآن.

المحقق:       (يبعد العلبة) يعني أنك كنت تدخن؟!

السجين:      نعم، توقفت منذ اعتقالي، لا مجال للتدخين في هذا المعتقل.

المحقق:       ألا يعجبك المعتقل؟

السجين:      (بهدوء شديد) من يعجبه معتقل؟!، أنا هنا خارج العالم.

المحقق:       لأنك خارج على القانون.

السجين:      أنا لم أرتكب ما يجعلني خارجاً على القانون.

المحقق:       (يسحب الملف ويقلب أوراقه) ومشاركتك في مظاهرة داخل الجامعة؟، والمقالات التي كنت ترسلها لبعض المجلات، أحاديثك وتصريحاتك ضد الحكومة لأصدقائك ومقربيك، ألا تعتبر كل هذا خروجاً على القانون؟!

السجين:      المظاهرة التي اعتقلت لأجلها كانت لمطالبات مشروعة، المقالات كانت مجرد قراءة للوضع الاجتماعي الذي كنا نعيشه، أما حديثي عن تقصير وزارة من الوزارات في واجباتها تجاه الناس لا يعد تعدياً على الحكومة.

المحقق:       هذه وجهة نظرك، لكن نحن لنا وجهة نظر أخرى.

السجين:      أعرفها، إن كل هذه التصرفات كانت بدافع علاقة مع دولة خارجية.

المحقق:       إنك تريحني، أنت تعترف بعلاقتك بهذه الدولة؟.

السجين:      لا.

المحقق:       ولكنك كنت تتعامل مع مخابرات هذه الدولة، وهي من حرضك على المظاهرة.

السجين:      (بنفس الهدوء) إفتراء.

المحقق:       أنت تصر على عدم الاعتراف؟!.

السجين:      مر علي خمسة من المحققين وفشلوا في أن ينتزعوا مني إعترافاً كهذا.

المحقق:       لأنهم قصّروا في انتزاعه بالقوة منك.

السجين:      بل لأني أندفعت شخصياً ودون تحريض للكتابة والمشاركة في المظاهرة.

المحقق:       (يقف المحقق ويتجه خلف السجين، يمسك شعر رأسه من الخلف ويسحبه، يتأوه السجين) لو أنك اعترفت لاختصرت على نفسك كل هذا العذاب وكل سنين الإعتقال.

السجين:      لو اعترفت لكنت في عداد الموتى، حكم بالإعدام، أقلها لا زلت أتنفس.

المحقق:       ستكون شهيداً بين أصدقائك.

السجين:      وخائناً في صحفكم، يوماً ما ستسأمون مني وتفرجون عني.

المحقق:       (بغضب يصفحه ويطيح به أرضاً) أنت واهم، ستوقع على عريضة اعترافك بالقوة.

السجين:      (يقف وبنفس البرود) عشر سنوات كفيلة بأن تفقدني شعوري بالألم والمهانة، لا تتعب نفسك معي، أو كما يقولون، كان غيرك أشطر.

المحقق:               (يهجم عليه بالضرب) وقح.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة الثالثة- اليوم الثاني

في غرفة التحقيق، إضاءة وسطية على برميل ماء، المحقق يمسك برأس السجين ويغطسه في الماء، السجين مقيد اليدين، يخرج المحقق رأس السجين من البرميل وهو يرشح ماءً.

المحقق:       ستعترف الآن؟!

السجين:      (وهو يلهث) بماذا تريدني أن أعترف؟!

المحقق:       بعمالتك.

السجين:      أنا لا علاقة لي بأحد.. أخبرتك سابقاً.

المحقق يغطس رأس السجين في البرميل لثوانٍ ثم يرفعه

المحقق:       ستتكلم الآن؟، ألم تر الموت داخل البرميل؟.

السجين:      (يلهث) رأيته، لكن لا أملك ما أفيدك به، أنا تظاهرت لأجلي ولأجل الآخرين، لم يدفعنا أحد لذلك.

المحقق:       والمقالات؟

السجين:      نفس الدافع، وسيلة أخرى لأُسمِع صوتي الآخرين.

المحقق:       تخالف القانون لتسمع صوتك الآخرين، تتظاهر دون إذن، وتكتب مقالات تتهكم فيها على الحكومة، وتقول أنك تسمع صوتك؟.

السجين:      ومتى صارت المظاهرات بإذن؟

المحقق:       هل أنت معتوه؟، لن توافق أي جهة رسمية على إعطائك إذناً بالتظاهر.

السجين:      وكيف نقول للمسئولين أننا بحاجة لـ..

المحقق يقاطعه بغطس رأسه بالبرميل

المحقق:       ومن قال أن لكم الحق بأن تقولوا أو تسمعوا أصواتكم أيها الخونة .. (يمعن في الضغط على رأس السجين) خونة، خونة.

إظلام بالتلاشي

 

 

اللقطة الرابعة- اليوم الثالث

السجين مربوط من يديه على الحائط، المحقق أمامه وهو يدخن سيجارته، آثار حروق على صدره وبعض جسده، (البروجكتور يعرض صوراً مقربة لآثار الحروق).

المحقق:       (يطفئ السيجارة في جسد السجين الذي يكتم صرخته) أطلقها، لا تكتم صرخة ألمك.

السجين:      هي مجرد تعبير عن الألم ولن تخففه.

المحقق:       أنت تتحمل أكثر من اللازم، أعترف حتى ترتاح من كل هذه الآلام.

السجين:      نعم سأرتاح لأني سأكون ذكرى، أعرف أن كثيرين وقعوا على عرائضكم التي قادتهم للإعدام.

المحقق:       (يمسك وجهه ويعصره بين يديه بغضب) بإمكاننا قتلك منذ البداية والتخلص من جثتك ومن ملفك أيضاً وكأنك لم تكن، ونحن على يقين أن أحداً لن يهتم ولن يسأل عنك.

السجين:      (وهو بين يدي المحقق) ما الذي يمنعكم إذاً.

المحقق:       (يتركه ويبتعد عنه) لا يمنعنا شيء، لكن نريد تعاونك التام، ستخبرنا كيف جُندت ومن هم أعضاء خليتك.

السجين يضحك بهستيريا، يبدو الغضب على المحقق، يتجه للسجين ويوسعه ضرباً وركلاً

المحقق:       ما الذي يضحكك أيها الوقح، وقح..

السجين:      (بألم) لا أفهم ما الذي تريدونه مني؟، الدولة التي تتهمونني بأني عميلها صارت صديقتكم، وتبادلتم السفراء وعقدتم معها الاتفاقيات وانضمت إلى حلفكم، وحتى الآن أنتم تصرون على اتهامي بالعمالة لها.

المحقق:       (بارتباك) صحيح، لكن في الماضي كنتم عملاء لدولة كانت عدوة لنا، كنتم خونة، ويجب أن تعاقبوا بأثر رجعي.

السجين:      حتى لو اعترفت أني كنت عميلاً، كيف سيكون موقفكم وانتم تحاكمون عملاء لهذه الدولة؟.

المحقق:       أنا لا شأن لي بكل هذا الذي تقوله، وظيفتي أن أنتزع منك الاعتراف.

السجين:      وأنا مصر على أني بريء، بريء، بريء.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة الخامسة- اليوم الرابع

السجين متقرفص داخل إطاري سيارة ولا يظهر سوى رأسه وركبته الملتصقة بصدره، ويبدو عليه الألم، المحقق يضربه بعصا غليظة، (على البروجيكتور صور مقربة لآثار الضرب على جسد السجين).

المحقق:       ألا تشعر بالألم؟، قل الحقيقة بدل العذاب.

السجين:      لا أملك حقيقة سوى حقيقة وجودي هنا.

المحقق:       (ينهال عليه ضرباً) كف عن الفلسفة، لا أريد فلسفة..(يتوقف عن ضربه).

السجين:      لو كنت كما تدعون لاكتشفتم ذلك منذ زمن، مخابراتكم لا يمر عليها شيء، تعرف حتى عدد الشعرات في حواجب كل مواطن، فكيف بعميل لدولة أجنبية؟.

المحقق:       (يضحك بسخرية وخبث) أنا لا أعرف عدد الشعرات في حاجبيك، لكني سأعرف إذا نتفتهما لك الآن.. ( يهجم عليه، وينتزع بعض الشعرات من حاجب السجين الذي يعتلي صراخه، يعد الشعرات) واحدة، اثنتان، ثلاث.. (يرمق السجين بنظرات غضب) ستعترف أو أعدها كلها؟.

السجين:      إذا اعترفت سيكون اعترافاً تحت التهديد، وهو ليس بصالحك، لن يكون جيداً لك أمام هيئات حقوق الإنسان.

المحقق:       ( يضحك بهستريا) قتلتني ضحكاً يا رجل، منظمات حقوق الإنسان، طز.. أنا لا يهمني أحد.. يهمني فقط الورقة التي ستوقع عليها.

السجين:      غداً سأخرج وسأحاكمك، سأقف أنا وأنت لنتحاكم على كل ألم سببته لي.

المحقق:       ومن قال أنك ستخرج من هنا، وإن خرجت لن تخرج سليماً سأملؤك عاهات وإعاقات، سأسحب ذاكرتك كلها، ستراني في كوابيسك فقط.

السجين:      لن أنسى وجهك، وسأراك حتى في يقظتي.

المحقق:       أجل لن تنساني (يضربه بهستيريا.. والسجين يصرخ).

إظلام بالتلاشي

 اللقطة السادسة- اليوم الخامس

المحقق خلف مكتبه، والسجين أمامه..

المحقق:       لا أدري من أين تستمد قوتك، لو كنت مكانك لاعترفت.

السجين:      (منهكاً ويبدو عليه الضعف) استمد قوتي من شيء قد لا تراه أنت، من يقيني بأن ثمة أمل.

المحقق:       لن يكون هناك أمل لخروجك.

السجين:      لم أتعلم اليأس.

المحقق:       ولكنك ستتعلمه، سأفقدك كل حواسك.

السجين:      أنت لا تختلف كثيراً عن المحققين الآخرين، كلهم رددوا نفس الكلام، لكنهم رحلوا وأنا لم أوقع على عريضتكم.

المحقق:       لا تقارني بالآخرين، أنا مختلف وعلى يدي ستوقع العريضة.

السجين:      وكلهم قالوا أني سأوقعها على يديهم.

المحقق:       (غاضباً يقف ويضرب بيده على الطاولة) ستوقعها على يدي هاتين، لأني سأريك النجوم في الظهر.

السجين:      لكني بريء.

المحقق:       بريء أو مذنب، المهم ستوقع (ينتبه لتحديق السجين في عينيه، يبدو عليه الارتباك، فيشيح بوجهه) ما بالك تحدق فيّ.

السجين:      لا شيء، فقط أقرأ براءتي في عينيك.

المحقق:       (يضحك بسخرية) براءتك في عيني؟، ( بغضب يضرب الطاولة مرة أخرى) لا تتحذلق علي، أنا لا تمر علي ألاعيبك هذي، أنا مصر على أنك مذنب، ومصر على توقيعك لعريضة الاعتراف بالرضا، أو بالقوة.

السجين:      لكنك تخالف يقينك.

المحقق:       أي يقين؟!

السجين:      يقينك ببراءتي.

المحقق:       يقيني بخيانتك.

السجين:      حدسي لم يكذب أبداً، سنوات السجن علمتني كيف أختبر البشر، مر علي كثيرون من رفقاء زنازين ومن حراس ومحققين، صرت اعرف داخلهم من ملامح وجوههم، ومن كل ما يصدر عنهم من حركات.

المحقق:       تريد أن توهمني بأنك خبير بالبشر. طيب!، أخبرني عن نفسي.

السجين:      لم يحن الوقت.

المحقق:       ومتى يحين.

السجين:      حينما يحين الوقت سأخبرك عنك.

المحقق:       (بغضب يصرخ) أيها الحارس، خذه إلى زنزانته.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة السابعة- اليوم السادس

المحقق في مواجهة الجمهور يجلس على كرسي بملابس بيتية، وفي الجانب الآخر يرى السجين يستند على جدار زنزانته وهو متقرفص.

المحقق:       لم يمر يومي ذاك على ما يرام، طيف السجين كان يلاحقني في كل لحظة هدوء، حاولت الهروب منه إلى الأصدقاء، غابوا عن المقهى على غير عادتهم، ظللت أنفخ وحدي دخان الشيشة، علني أهرب منه، لكنه كان يلاحقني، رأيته في وجوه الكثيرين، حتى في وجه الجرسون.هربت من المقهى إلى السرير، لكن لم يحالفني النوم، أسئلة كانت تؤرقني وتمنعي من أن أغمض جفني، أخاف أن يهزمني، أنا من يجب أن أهزمه، وظيفتي تحتم علي إذلاله وانتزاع اعترافه (بألم) آآه، أريد أن أنام.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة الثامنة- اليوم السابع

على البروجيكتور تتابع صور فيديو لعمليات تعذيب السجين تسبقها عبارة (اليوم السابع، الثامن، التاسع.. حتى اليوم الثلاثين في آخر لقطة فيديو)، أشكال من التعذيب يخترعها المحقق لتعذيب السجين، تستمر اللقطات لتبين العذاب الذي يعيشه السجين.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة التاسعة- اليوم الواحد والثلاثين

أمام الزنزانة، السجين يحدق في المحقق الذي يقف قبالته

المحقق:       سأريح رأسي منك لأيام.

السجين:      إجازة؟.

المحقق:       بل أنت الذي ستحصل على إجازة طويلة عن التشميس*، ستبقى في الانفرادي ولن تخرج منه حتى تتعفن.

السجين:      أنا منذ زمن طويل في الانفرادي.

المحقق:       هذه المرة ستحرم من الخروج كغيرك من المساجين، ستحرم من قضاء حاجتك ومن الاغتسال، سأنقلك إلى زنزانة غير هذه تفقد فيها إحساسك بالزمان.

السجين:      لمَ كل هذا؟

المحقق:       لا تسألني.

السجين:      أسأل من؟، عشر سنوات وأنا مجرد موقوف، لم أخضع لمحاكمة ولا إلى حكم، عشر سنوات وأنتم تحاولون إجباري على الاعتراف بما لم أرتكبه، ألم تيأسوا مني؟

المحقق:       العسكرية تمنعنا من اليأس، ثم أن هدفي الآن هو أنت، أنت دون غيرك من السجناء، لأني نجحت مع غيرك في انتزاع اعترافاتهم، وسأنجح معك.

إظلام

صوت المحقق:       ينقل إلى الزنزانة الأرضية، ممنوع من التشميس، وممنوع من الخروج إلى دورات المياه، ممنوع عليه الاغتسال، تقلل له وجباته، تشغيل كاميرات المراقبة على مدار الساعة.. (بالتدريج يتلاشى صوته وهو يصدر أوامره بشأن السجين).

 

اللقطة العاشرة- اليوم الثاني والثلاثون

السجين في الزنزانة، مقيد وهو يمسك القضبان يبدو عليه الإنهاك

السجين:      ( يصرخ) أريد دورة المياه، أريد قضاء حاجتي، ألا تسمعون؟!، هيه أيها الحارس اللعين؟، ( ترتفع حدة صراخه) أنت أيها المحقق، أخرجني من هنا، لا أستطيع احتمال حبس حاجتي، أريد دورة المياه.

يمسك ما بين فخديه ويجول في الزنزانة الضيقة، يتوقف فجأة ..

السجين:      ( برعشة) آآآه، ( يبلل ملابسه).

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة الحادية والعشرون- اليوم الثاني والستون

السجين متقرفص خلف قضبان الزنزانة يبدو عليه الإنهاك والضعف، ملابسه قذرة، الفضلات تملأ الزنزانة، يدخل المحقق ويقف أمام القضبان.

المحقق:       (يغلق أنفه بيده ) ما هذه الرائحة الكريهة؟، لقد تعفنت.

السجين:      (يحاول الوقوف مستنداً بالقضبان) هذا ما كنت تريده، نعم .. تعفنت.

المحقق:       كم أشفق على الحراس الذين يحضرون لك طعامك وماءك.

السجين:      لا يفعلون سوى شتمي وهم يغلقون أنوفهم.

المحقق:       من حقهم، لا أحد يمكنه احتمال الرائحة.

السجين:      كم مضى على وجودي في هذه الزنزانة.

المحقق:       ثلاثين يوماً.

السجين:      (يقع على الأرض من الإنهاك) اللعنة.

المحقق:       (بصوتٍ عالٍ) أيها الحراس جهزوا كل مواد التنظيف واغسلوا هذا النتن بخراطيم المياه، نظفوا زنزانته من فضلاته.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة الثانية عشرة-في ذات اليوم

لقطة في البروجكتور، عملية غسيل السجين من قبل المحقق وبعض مساعديه بخراطيم المياه وبمواد التنظيف، صابون غسيل ملابس، و صابون غسيل صحون، لقطات متتابعة، لحالته بعد النظافة ..

تلاشي بالتدريج

 

اللقطة الثالثة عشر-في ذات اليوم

المحقق خلف الطاولة، على الطاولة كأس ماء و السجين أمامها وهو نظيف

السجين:      لم أكن مصدقاً بأني سأعيش بعد هذه الثلاثين يوماً، من له القدرة على العيش في العفن، كل شيء في الزنزانة تعفن، جسدي الذي لم يصبه الماء، شعري الذي غزاه القمل، وأظافري التي طالت، ملابسي التي ملأتها الفضلات والسوائل التي كانت تنضح من جسدي، سقف الزنزانة و جدرانها، لم أكن اشعر سوى بالحشرات التي قطنت زنزانتي، (لقطات مقربة على البروجيكتور لبعض الحشرات تتسلق رجل السجين وهو يداعبها بحنان بالغ) كانت وحدها تؤنس وحدتي، لم تكن تخاف حتى من تسلق رجلي أو يدي، كانت تشفق علي. ثلاثون يوماً مرت لأعاد للحياة من جديد، كانت تكفيني هذه الانتعاشة حتى وإن بخراطيم الماء، كنت أريد الماء وكفى.

المحقق:       (يشير لكأس الماء) اشرب هذا الماء، ثلاثون يوماً لم تذق ماءً نظيفاً (بسخرية) حتى الماء الذي كنت تشربه كان ماءً لري العشب، ما رأيك.

السجين:      المهم أنه ماء، كان يطفئ الجمر داخلي ( يتناول الماء ويشربه).

المحقق:       أخبرني الآن، كيف رأيت الثلاثين يوماً؟.

السجين:      كانت أقسى ثلاثين يوماً عشتها.

المحقق:       (بفخر) وهل تجدني كالمحققين السابقين؟

السجين:      لا تختلف عنهم.

المحقق:       (باستغراب) مع كل هذا الألم الذي سببته لك؟.

السجين:      لدي إصابة في عمودي الفقري من أثر التعذيب سببها لي أحد المحققين، هل تدري بأن هذا أصبح صديقي، لا يفوت لي زيارة حين يسمح لي.

المحقق:       أنت كاذب.

السجين:      يمكنك التأكد من كشوف الزوار.

المحقق:       وهل تعتقد أني سأكون مثله، أزورك فيما بعد.

السجين:      يبدو ذلك.

المحقق:       من أين تأتي بهذه الثقة.

السجين:      قلت لك أني أستطيع قراءة البشر.

المحقق:       (يقف غاضباً ويواجه السجين) وهل تظن أني بالسهولة التي يقرأني نتن مثلك؟!.

السجين يحدق طويلاً في المحقق.. يبتعد المحقق قليلاً عنه

المحقق:       هل لي بسؤال؟!

السجين:      أنت المحقق وأكيد أن لك الحق في أن تسأل.

المحقق:       سؤال مر في رأسي ليلة البارحة.

السجين:      كنت تفكر بي؟.

المحقق:       (بسخرية) أفكر بك؟، فقط مررت على خاطري، كنت في سهرة كالحلم، حسناوات فاتنات، رغبات مشبعة.

السجين:      وما الذي جعلني أمر في خاطرك في سهرة كهذي؟

المحقق:       ألا تفكر في إمرأة؟

السجين:      فقدت الرغبة في التفكير.

المحقق:       حتى في أحلامك؟

السجين:      كنت كالآخرين، لي رغبات لا يشبعها سوى حلم.

المحقق:       والآن؟

السجين:      كانت آخر مرة قبل أن يصيبني المحقق بضربة في ظهري.

المحقق:       والذي بين فخديك؟، ألا يشعرك بالرغبة.

السجين:      هذا الشيء الوحيد الذي يذكرني برجولتي.

 (ينقض المحقق على السجين ويمسك عضوه)

المحقق:       هل ستعترف الآن بعمالتك وإلا أفقدتك ما بقي من رجولتك؟!

السجين:      ( يتألم بشدة) لست عميلاً لأحد.

المحقق:       لا أحد يستحق أن تتحمل العذاب وحدك لأجله، قل لي من هم زملاؤك، أرح نفسك.

السجين:      (بإصرار) لا أحد معي.

المحقق:       (يتركه) هل تريد أن تعود ثانية للزنزانة، هذه المرة سأزيد المدة، سأتركك دون ماء نظيف لشهرين.

السجين:      (بخوف) لا.

المحقق:       تعترف إذاً.

السجين:      تريدني أن أعترف بما لم أرتكبه؟

المحقق:       والتحريض ضد الحكومة، الخروج عن القوانين، تسريب أخبار مكذوبة عن الوضع المحلي من خلال مقالاتك؟، ماذا تسمي كل هذا؟.

السجين:      أنا مواطن ومن حقي أن أطالب وأعترض.

المحقق:       المواطن لا يرتمي بأحضان عدو.

السجين:      لكنها الآن صديقة.

المحقق:       يوم كانت عدوة كنت تكتب في إحدى صحفها.

السجين:      لأن صحفنا رفضتني.

المحقق:       هذا ليس عذراً.

السجين:      وما الذي يفعله المهووس بالكتابة؟

المحقق:       ولماذا تكون مهووساً بالكتابة، هل سينقص شيء إن لم تكتب، ها أنا ذا لا ينقص مني شيء، لا أكتب ولا أحب الكتابة.

السجين:      أنا أحبها.

المحقق:       هذا من سوء حظك.

السجين:      فعلاً، لو كنت كغيري لعشت الآن وسط عائلة، زوجة وأبناء، ووظيفة.

المحقق:       حتى أولئك الذين تظاهرت لأجلهم ما عادوا يتذكرونك، أنت تضحي للاشيء.

السجين:      منذ سنوات تصالحت مع نفسي، أنا الآن لا أفكر سوى في نفسي، لا علاقة لا بالفقراء ولا بالمحتاجين، لا علاقة لي بالشوارع الضيقة ولا في نسبة البطالة، لن أطالب بزيادة الأجور، أطالب فقط بحقي بالحياة، أريد أن أتزوج ويكون لي أطفال.

المحقق:       يعني أنك تبت عن خيانتك.

السجين:      أنا لست خائناً، لكني تبت عن التفكير بأي أحد، أنا أحب الحكومة، أحب الوزراء، أحب كل المسئولين، كلهم دون استثناء، هم يعملون لأجلنا ويجب أن نعاملهم بالمثل، أحب الشرطة وأنا في خدمتهم مثل ما هم في خدمتي..(صمت) لو بيدي لانتزعت قلبي لترى أني لا أكذب.

المحقق:       لكنك أخطأت خطأً لا بد من محاسبتك عليه.

السجين:      حاكموني واسجنوني.

المحقق:       نحاكمك دون محاضر موقعة، دون اعترافات؟!.

السجين:      لا يمكنني الاعتراف.

المحقق:       إذاً ستتواصل معك حفلة التعذيب.

السجين:      (يصرخ) لا.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة الرابعة عشرة- اليوم السبعون

المحقق وراء طاولته يدخن بعصبية.. وفي البروجيكتور لقطات متتابعة لعمليات تعذيب السجين

المحقق:       توقعت أن تفيد الثلاثون يوماً، تفلح في انتزاع اعترافه، وتوقعت أن تفيد كل أشكال التعذيب التي تمارس عليه، لكنه يقوى يوماً بعد يوم.. أتعبني هذا اللعين، إنه يؤرق مناماتي، صرت أرى في عينيه نفسي، أشعر بأني مكشوف عنده، صرت أخاف من نظراته، صارت تربكني، كيف لرجل أن يحتمل كل هذا الألم؟، وكيف لي أن أحتمل كل هذا الصبر.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة الخامسة عشرة- اليوم الثاني والسبعون

 يدخل المحقق بصمت وعليه يبدو الحزن والضيق، يجلس خلف طاولته يقلب الأوراق بضجر شديد.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة السادسة عشرة- اليوم الرابع والسبعون

يدخل المحقق بصمت وعليه يبدو الحزن والضيق، يجلس خلف طاولته، يقلب الأوراق بضجر شديد، السجين يطل بوجهه من قضبان الزنزانة.

السجين:      هذا ثالث يومٍ ولم يستدعني للتحقيق، هل من مكروه أصابه، هل نقلوه من السجن لأنه لم يتمكن من إجباري على الاعتراف؟، ما الذي يمنعه، ليس من عادته أن يتركني أهنأ بنوم وطعام. أشعر بالوحدة هكذا، ساعات التحقيق تغير نمط حياتي هنا، تبعدني عن جو الزنزانة، أنا ألفت التحقيق ولا أقوى على أن أتركه، كثيرة يومان..(يصرخ) هيه أيها الحارس، خذني للمحقق.

 

إظلام بالتلاشي

 اللقطة السابعة عشرة- ذات اليوم

 

المحقق خلف الطاولة والسجين أمامها، المحقق يبدو عليه الضيق..

السجين:      قلقت عليك.

المحقق:       ولمَ؟.

السجين:      ثلاثة أيام دون تحقيق.. كثيرة.

المحقق:       هي فرصة لك لترتاح.

السجين:      كان التحقيق فرصة لأكسر الروتين.

المحقق:       ماذا تريد الآن؟

السجين:      أن تحقق معي.

المحقق:       مزاجي لا يسمح لي بالتحقيق، لنؤجله إلى غدٍ، عد على الزنزانة الآن.

السجين:      لا أريد.

المحقق:       غريب أمرك.

السجين:      اختر لي أي وسيلة تعذيب جديدة، لن اعترف مثل كل مرة، لكن لن أعود للزنزانة بهذه السرعة، الوقت هناك بطيء ولا يمر.

المحقق:       (مشدوهاً) أنت مجنون.

السجين:      بل عاقل، لو كنت مكاني لفعلت مثلي، حين تعيش في زنزانة تفقد فيها إحساسك بالزمن، ستقتنص أية فرصة تشعرك بأنك حي.

المحقق:       وتتحمل العذاب؟

السجين:      عذاب الوحدة أشد.

المحقق:       (باستغراب) اختر لك طريقة وتعذب بها وحدك.

السجين يخرج بسرعة وسط ذهول المحقق.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة الثامنة عشرة- في ذات اليوم

لقطات في البروجيكتور تبين عملية من عمليات التعذيب يمارسها السجين على نفسه..

إظلام بالتلاشي

 

 

اللقطة التاسعة عشرة- اليوم التاسع والسبعين

المحقق على كرسي يقابل الجمهور، السجين على مبعدة منه وفي نفس الوضعية، يبدو على المحقق الوجوم والحزن.. صمت لبرهة، ينتبه السجين ناحية المحقق.

السجين:      هل تعلم أننا صامتان منذ مدة؟!.

المحقق:       (دون يلتفت للسجين) أعلم.

السجين:      ولماذا نحن صامتان؟.

المحقق:       أنا كنت صامتاً، أنت كنت تتكلم، لكن لا أذكر ماذا كنت تقول.

السجين:      هذا لأنك كنت تفكر في شيءٍ آخر.

المحقق:       نعم، لم أكن هنا، كنت أفكر في شيءٍ آخر.

السجين:      يبدو عليك الحزن.

المحقق:       أنا مشوش.

السجين:      وحزين؟.

المحقق:       وحزين.

السجين:      ولمَ؟

المحقق:       (يلتزم الصمت ويشتد الحزن في ملامح وجهه).

السجين:      (يقف ويتجه إلى المحقق، يقف بجانبه) تكلم، أنا صديقك، أتفقنا أن نكون أصدقاء.

المحقق:       (ينكس رأسه ويصمت).

السجين:      (يمسك كتفه ويهزه) أخبرني، ما الذي يجعلك حزيناً؟.

المحقق:       أخبرني أنت، تقول أنك تستطيع أن تقرأ البشر.

السجين:      نعم أستطيع، أنت مهزوم.

المحقق يرفع رأسه تجاه السجين

السجين:      تؤلمك هزيمتك.

المحقق:       (يصرخ) أنا لم أهزم.

السجين:      في عينيك انكسار وهزيمة حذرتك منها.

المحقق:       يمكنني قتلك.

السجين:      يمكنك، لكنك لن تفعلها، هزيمتك تعني أنك لا تفعلها، أنت لا تصلح محققاً.

المحقق:       (يمسك بخناقه) بل أصلح، أصلح، هل تفهم؟!.

السجين:      أنا لم أقصد إيلامك، لكنك تصر على عدم الاعتراف بهزيمتك.

المحقق:       من أي جهنم أتيت لي؟.

السجين:      (يأخذ بيده ويجلسه على الكرسي) استرح على الكرسي، استرخِ، هذه العصبية لا تنفعك.

المحقق:       (بعد أن يقعد على الكرسي) من أي جهنم أتيت لي؟

السجين:      أنا موجود منذ عشر سنوات، أنت الذي أتيت.

المحقق:       لكنك.. ( يصمت بألم)

السجين:      أكمل.

المحقق:       أنت هزمتني، أنت الذي تشعرني بضعفي، تشعرني بأن لا أملك شيئاً.

السجين:      أنا أضعف من أن أهزم محققاً.

المحقق:       لكنك فعلتها، لا أعرف كيف سأرى وجه أبي وأنا فشلت في هذه المهمة؟!.

السجين:      وهل تخاف منه؟

المحقق:       نعم، أخاف.

السجين:      الآباء لا يخيفون.

المحقق:       أبي تربى على العسكرية، حول بيتنا إلى ثكنة، أوامر لا تنتهي، منذ طفولتي وعيت على أبٍ لا يبتسم أبداً، حين يعود من عمله يستنفر الجميع لاستقباله، كبرت قليلاً وأنا أتحمل صفعاته المؤلمة على وجهي إن أخطأت، كان يريد أن أكون ضابطاً مثله، وأنا أريد أن أكون معلماً، صرت ضابطاً لأجله، بل خوفاً من صفعاته، أبي سيصفعني إن عدت له دون أن انتزع اعترافك، سيصفعني، سيصفعني، أتفهم سيصفعني.. (يمسك خديه ويبكي بحرقة). (على البروجيكتور يمكن عرض صور من مراحل المحقق العمرية بالتتابع وحالات الخوف من والده).

يحتضنه السجين، يسمع صوت نشيج المحقق.

إظلام بالتلاشي

 

اللقطة العشرون- اليوم الثمانون

إظلام تام سوى شاشة البروجيكتور حيث يرى المحقق

المحقق:       ( يدخن سيجارته بشيء من العصبية) لم أفلح في انتزاع اعترافاته، لم افلح في أن اثبت لأبي أني مثله، الآن أنا مكسور، صرت أعود إلى البيت برأس محني، أمر بالسوق دون أن يتنبه أحد لوجودي، لم يعد لنجومي هيبة كالماضي. هزمني هذا السجين، كنت أنا من أرى فيه الهزيمة والانكسار، كنت أرى فيه اليأس والبحث عن خلاص حتى لو بالموت إعداماً، رجل بعاهات يهزمني.. أنا.. (صمت)

إظلام سريع، ثم إضاءة سريعة على نفس المكان، محقق آخر يحل محل المحقق، السجين كما هو دون تغيير في وضعيته.

المحقق الجديد:       أنا جديد في هذا السجن.

السجين:      أنا في هذا السجن منذ عشرة أعوام وثمانين يوماً.

المحقق الجديد:الإدارة كانت تبحث عن دماء جديدة تتعامل مع الخارجين عن القانون بطريقة مختلفة.

السجين:      مر علي أكثر من ستة محققين هنا.

المحقق:       تخرجت مؤخراً من كلية الشرطة.

يتلاشى صوت الحوار تدريجياً مع تلاشي الإضاءة … إظلام

رأي واحد حول “الموقوف رقم 80

اضافة لك

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: