عملية التطوير والتعلم مهمة جداً لكل شخص في مجال عمله، لذا يسعى من يملك طموحاً في تطوير أدواته للبحث عن فرصة للتدريب داخل عمله أو خارجه، وهذا ما يجعل التدريب هاجساً لشريحة من الطموحين والراغبين في المضي قدما في مسارهم الوظيفي. وهذا لا يشمل الموظفين وحدهم، بل يشمل أيضاً ممارسي الفنون والآداب. فعملية التأسيس لا تقوم إلا عبر الممارسة والتدريب، وحتى بعد مرحلة التأسيس فإن الممارس يحتاج للتدريب عبر حضور دورات وورش.
الورش والدورات التدريبية أنواع ومستويات، في القيمة والمنتج، فالدورات التي تقدمها جهات ذات اختصاص، عادة ما تكون دورات قيمة، فهي تعتني بالمحتوى وبالمنهج عوضاً عن الاهتمام بالمدرب القادر والذي يملك ممكنات التعليم والتدريب، وليس مجرد ممارس. فالممارس لا يملك بالضرورة القدرة على التدريب. فعلى سبيل المثال الفوتوغرافي الجيد قد لا يملك القدرة على إدارة وتقديم ورشة تدريب لفوتوغرافيين مبتدئين، فقد يملك إمكانات التصوير لكنه لا يملك إمكانات التدريب. وبالتالي فالاهتمام بقدرات المدرب ومحتوى الورش والدورات تحظى بالأولوية، لأن مخرجات الدورة ستعتمد على هذين العاملين بالضرورة.
السعي الفطري للتعلم جعل الدورات التدريبية فرصة استثمارية لجهات لا تملك اختصاصاً في التدريب، فباتت إعلانات الورش والدورات التدريبية تملأ برامج التواصل الاجتماعي، دورات في كل شئ حتى فيما لا يخطر على بال. فمن التصوير، للمونتاج، للكتابة، مروراً بأسس الحياة الزوجية، والأكل الصحي وتزيين الكيك نهاية بطرق استخدام تطبيقات الهاتف. وكثير من هذه المواضيع لا تحتاج لدورات ولا ورش فتعلمها ليس بالصعوبة التي تحتاج لأن ندفع مالاً لحضور ورشة لن تكون مخرجاتها مرضية، ولكنها فرصة استثمارية لمن يسعى لجني المال بالدرجة الأولى. هذه الدورات يمكن ضبطها بأنظمة خاصة تخفف من فلتانها، إذا لا بد أن تنظمها جهات ذات مظلة رسمية.
الدروات هذه عادة ما يحضرها المتدربون حضوراً جسدياً، لكن ظهر في الآونة الأخير شكل جديد من الدورات جعلت من برنامج كالواتساب منصة لها، على غرار دورات الأونلاين التي تنتشر في أوربا وأمركيا، أو حتى الموجودة في التعليم الأكاديمي عن بعد، فالمدربون يقدمون مناهجهم عبر شروحات كتابية في مجموعة مغلقة لأعضاء يقومون بدفع الرسوم بشكل مسبق، أو عبر عروض مرئية ترسل للمجموعة لشرح محتوى الدورة. وقد يكون الأمر عادياً لا غضاضة في انتشاره، لكن من الصعب جداً ضبط هذه الدورات وضبط محتواها والحكم على مخرجاتها، وهذا ما يجعل من تعدد موضوعات هذه الدروات أكثر اتساعاً، فهي غير مكلفة ولا تحتاج لمكان وكراسي ووسائل تعليم، مجرد منصة افتراضية مجانية. ولكن هذه المنصات تدر على أصحابها أموالاً طائلة خاصة تلك التي تماس مع رغبات الناس وحاجاتهم، مثل الطعام الصحي أو برامج الحمية، رغم أن من يقدم الدورات لا يملك خبرة ولا اختصاصاً، فتخيل أن يقدم شخص لا يملك أكثر من خبرة بسيطة في تنمية الذات برامج حمية لأشخاص دون خبرة في عالم التغذية، ولا حاجات كل شخص.
هذه الدورات تفسد حركة التدريب والتطوير، وقد يحكم على كل أنواع التدريب بالفشل بسبب هذه الموجة الجديدة غير المدروسة وغير المنضبطة. فالتدريب يحتاج لخبرة وتخصص وإمكانات ومحتوى إضافة لشهادة معتمدة. وهذا ما ينقص دورات الواتساب.
*المقال نشر في جريدة القافلة الاسبوعية التي تصدر عن شركة أرامكو السعودية في 19 أكتوبر 2017
احسنتم بالطرق على موضوع حساس ينتشر بشكل كبير في الاونة الاخيرة، بارك الله فيكم🌷
شكراً لمرورك