حوار : فاطمة الصفار- القديح24
أبصرت عيناه نور الدنيا في مزرعة البردوي غرب بلدة القديح ، نشأ والكتب تملأ “روازن ” البيت ، ثم خرج لهذا العالم وهو حامل شغفه بالمسرح والفنون والثقافة .
إنه الكاتب المسرحي والناقد عباس الحايك ، الذي بدأ سلسلة فنه بالقصص القصيرة ثم الرسم ، و الشعر إلى أن استقر به الابداع ليبحر و يحترف كتابة النصوص المسرحية وسيناريو الأفلام .
س: من أين جاء الكاتب المسرحي عباس ؟
ج : جئت من قرية كانت النخيل حضن أم لها ، كان الهواء الذي يصافح سعفات النخيل أول ما تنفسته . ولدت في مزرعة غرب القديح تدعى البردوي ، ومن القديح خرجت حاملاً شغفي بالمسرح وبالفنون والثقافة . تربيت والكتب تملأ (روازن) البيت ، تعلمت من أخي إبراهيم كيف أبني علاقة بالكتاب ، وكان هو من علمني كيف أخطو الخطوة الأولى نحو المسرح .
س : هل رأيت في نفسك الكاتب المسرحي في إحدى محطات الحياة المبكرة ؟
ج : ككاتب لا ، رغم أني بدأت بكتابة القصص القصيرة ، ثم أنغمست مع الرسم ، كنت أعشق الرسم وأمارسه بشكل يومي ، تدربت على يد الأستاذ عبد الله المرزوق في مكتب رعاية الشباب وشاركت بعدة معارض ، ثم تركت الرسم لأصبح شاعرًا ، كتبت قصائد وشاركت في مناسبات ونشرت فصائدي في دوريات ، قبل أن أكتشف المسرح عبر نصوص سعد الله ونوس ، الكاتب المسرحي العربي ، بعدها انطلقت في عالم الكتابة المسرحية .
س : متى يكتب عباس نصوصه ؟
ج : لا وقت محدد ، تطرق رأسي الفكرة ، وكثيرًا ما تظل لأشهر وربما سنوات ، تختمر الفكرة ومتى ما وجدت نفسي صافي الذهن متحضرًا للكتابة أبدأ . لا طقوس لدي للكتابة ، فأنا تمرنت على الكتابة في كل مكان حتى وسط الضجيج،، في السوق في المقهى،، أمام شاشة تلفزيون ، لا مشكلة ، المهم أن يرافقني كوب شاي .
س : ما أحب النصوص لقلبك ؟
ج : كل نصوصي أحبها ، لا فرق . نصوصي أبنائي ، هم عصارة تجربة وجهد ، لكن ثمة نصوص قريبة من القلب ، مثلاً (زهرة الحكايا ) ، و ( كونتينر) و ( حارسة الماء ) وأولهم ( فصول من عذابات الشيخ أحمد) ، ولكل نص ذكرى تجعل هذا النص قريبًا من القلب . مثلاً ( فصول من عذابات الشيخ أحمد) ، كان النص الذي فاز بجائزة الشارقة للإبداع العربي ، والنص الذي نفذ في الشارقة .
س : من جولاتك العربية المسرحية ، أيهم أقرب روحًا و حبًا للمسرح ؟
ج : يبدو المغاربة ولا أعني أهل المغرب بالتحديد ، لكن أعني تونس والجزائر والمغرب ، يبدون شغوفين بالمسرح ، هو حاضر في يومياتهم. في المغرب ، مثلاً كان هناك مسرح وسط حارة كنا نحضر ، كمسرحيين عرب ونشاهد شغف الناس البسطاء لمتابعة العروض ، كما يتضح أيضًا من عدد المهرجانات المسرحية التي تنظمها جهات عدة في هذه الدول وتحظى بحضور جماهيري لافت ، المسرح هناك متواصل مع الجمهور .
س : كيف ترى الوضع المسرحي في محافظة القطيف ؟
ج : هناك طاقات من كتاب ومخرجين وممثلين،، لكن ينقصهم الحماسة ، هم محبطون على ما يبدو ولجأ بعضهم للمسرحيات التجارية ، في الماضي كان مهرجان الدمام المسرحي فرصة للفرق القطيفية للاشتغال وتنفيذ أعمال مسرحية ، كانوا الأكثر حصدًا للجوائز ، ولكن على ما يبدو أنهم يبحثون عن فرص وسط الإحباط . نحتاج لأن ننشط أكثر ونعمل دون انتظار دعم أحد،، إيمانًا بطاقاتنا .
س : كيف تتمنى أن تكون ، وماذا تحتاج ، لتكون أفضل ؟
ج: الطموح لا يتوقف أبدًا ، ففي كل مرحلة أمر بها في عالم المسرح أتمنى وأطمح للأفضل ، وبالتأكيد لا يمكنني تحقيق الأفضل إلا بالاجتهاد وإثبات الذات ، والمواصلة على الكتابة وقبلها القراءة المتعمقة ، والإطلاع على التجارب الجديدة .
س : كيف تصنع أبطال المسرح من حيث الكتابة والإخراج والتمثيل ؟
ج : الكاتب المسرحي ، يجب أن يكون لماحًا ، حواسه أكثر رهافة ، يملك عينًا تدقق ، وشخصيًا أبتكر شخصياتي من خيالي أو من الأشخاص الذين ألتقيهم . عادة ما أخزن شخصيات من ألتقيهم ، أراقب حديثهم ، طريقة كلامهم ، لغة جسدهم . كل هؤلاء الأشخاص أخزن معلوماتهم في رأسي ومتى ما حانت لحظة حاجتي لإبتكار شخصية أستحضر ما تختزنه الذاكرة .
س : كيف ترى فهم المجتمع لقداسة النص المسرحي ؟
ج : يعاني النص المسرحي من تقصير من جهة القراء أنفسهم ، فالنص المسرحي لم يعد نصًا مقروءًا كما هو الحال مع الرواية أو القصيدة أو حتى القصة القصيرة كما في السابق ، فمن النادر أن تجد نصًا مطبوعًا في مكتبة ، ومن النادر أن تجد قارئًا يبحث عن كتاب مسرحي . هذا الأمر ينسحب على المسرحيين أنفسهم الذين وضعوا النص المسرحي في الهامش ، فقد أصبحت الصورة هي الغالبة ، رغم أن لا عمل مسرحي يمكن أن ينفذ دون نص .
س : هل سيصل عباس العالمية ؟
ج : ربما تكون أمنية ، هناك مسرح في مكان ما في هذا العالم أتمنى دائمًا أن يترجم لي نص وينفذ هناك . دائمًا ما أحلم بذلك ، لست أسعى ، لكنني أحلم أن يصل نصي إلى كل مكان .
س : هل يمكننا أن نحلم معًا أن نرى نصوصك ، تترجم وتنشر للغات الأخرى ؟
ج : ترجم لي نصان ، واحد باللغة السريانية وآخر للكردية ، ولكنه لن يشبع شغفي إلا إذا وجدت نصوصي ترجمت للغات أخرى ، ربما يتحقق الحلم يومًا ما .
س : ماهي الاصدارات التي صدرت لك ؟
ج : لدي مجموعة إصدارات ، بين النصوص المسرحية والدراسات ، أولها كان نص ( فصول من عذابات الشيخ أحمد ) ، وهو نص مسرحي فاز بجائزة الشارقة للإبداع العربي ونشرته دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة في كتاب ، تبعه مجموعة نصوصي ( المزبلة الفاضلة ومسرحيات أخرى ) ، ومشاركتي في كتاب ضم عدد من النصوص المسرحية صدر عن جمعية الثقافة والفنون ، كما صدر لي عن نفس الجمعية كتاب ( علية الدهشة ) ، وهو كتاب رصدي نقدي ، كما شاركت في كتاب ضم عدد من النصوص المسرحية السعودية ( 9 نصوص سعودية ) ، صدر عن الهيئة العربية للمسرح ، وشاركت في كتاب بحثي صدر عن كرسي الآداب بجامعة الملك عبد العزيز ، وشاركت في موسوعة المسرح العربي الصادرة عن مجموعة مسارح الشارقة،، ولي كتاب أيضًا صدر عن الهيئة العربية للمسرح ، وهو كتاب نقدي ( المسرح السعودي .. تجارب ومسارات ) .
س : ستفعل السينما قريبًا ، ما رأيك؟
ج : السينما ، كفعل موجود قبل الصالات ، فحركة صناعة الأفلام القصيرة نشطة منذ سنوات طويلة ، والأفلام السعودية تشارك في مهرجانات خارجية وتحصد جوائز . صالات السينما ستكون ترفيهية بالدرجة الأولى ولن تصنع فارقًا في صناعة السينما ، هذه الصالات ستعرض الأفلام التجارية التي ترفع من إيراداتها ، وستكون مخصصة للأفلام الأمريكية والمصرية ، وأظن سيتأخر عرض أي فيلم سعودي،، ولو عرض سيكون فيلمًا تجاريًا .
س : ماهي أكثر النصوص المسرحية التى مثلت في السعودية وخارجها ؟
ج : كل نصوصي جسدت خارج السعودية ، أصبحت نصوصي مطلوبة ، لذا أعمد لنشرها في موقعي الإلكتروني أولاً،، وهناك من يزور الموقع بشكل متواصل للبحث عن الجديد ، ولكن أكثر النصوص الذي جسد على مختلف الخشبات ، هو نص ( المزبلة الفاضلة ) ، فقد قدم في أكثر الدول العربية ، وبرؤى إخراجية مختلفة ، نفذ في بعض الدول باللهجة المحكية ، مثل عمان والجزائر ، كما نفذ في المغرب بطاقم نسائي كامل،.
س : ماهي الجوائز التي حصلت عليها، وأحبها لديك ؟
ج : جائزة الشارقة للإبداع العربي ، هي أحبها ، لأنها الجائزة التي نقلتني إلى عالم المسرحي الحقيقي ، وكانت مفتاح التعاون مع معلمي العراقي الراحل قاسم محمد ، ومن الجوائز التي حصلت عليها أيضًا جائزة أفضل نص أطفال في مسابقة التأليف الذي كانت تنظمها وزارة الثقافة والإعلام السعودية ، كما حصلت على النخلة الذهبية في مهرجان أفلام السعودية لدورتين متواليتين لأفضل سيناريو ، وغيرها من الجوائز المتفرقة .
س : كيف تضع بداية للقصة ، ومتى تقرر وضع النهاية لها ؟
ج : في الكتابة لا أدري متى أبدأ وكيف ، عادة تظل الفكرة في ذهني تدور لفترة طويلة ، وحين أجد فرصة للكتابة بعد اختمار الفكرة أبدأ،، لأني وقتها أكون وضعت هيكلاً كاملاً للنص في ذهني ، كيف يبدأ وكيف ينتهي . ربما أخون فكرتي وأخون هذا الهيكل أثناء الكتابة وأغير ما خططت له .
س : ما هو تصورك للممارسة النقدية ، وكيف تمارس النقد ؟
ج : النقد ممارسة موازية للعمل الإبداعي ، تهدف لتقييم وتقويم هذا العمل ، ولا يمكن أن يستقيم أي عمل إبداعي دون نقد يكشف الإخفاقات ويضيء على النجاحات . النقد مهم بمستوى أهمية العمل الإبداعي و شخصيًا كنت أمارس النقد عبر الصحف والدوريات ، ربما توقفت لسنوات حتى أخذ نفسًا وأستمتع بأي عرض مسرحي ، كمتلقي عادي بعد سنوات من المشاهدة الناقدة ، تبدو متعة التلقي العادية أجمل بكثير .
س : كيف ترى العلاقة بين الناقد والمتلقي ؟
ج : الممارسة النقدية ممارسة نخبوية على الأرجح ، لا متلق لها سوى المهتمين بالنقد أو الممارسين للعمل الإبداعي ، لذا لا متلقي عادي له علاقة بالنقد ، خاصة وأن النقد بعمومه يأخذ مسارًا أكاديميًا ، يستخدم لغة خاصة ، فلن يستوي المتلقي متابعة ما يكتب نقدًا .
س : كلمة أخيره لمن توجهها ؟
ج : أوجهها أولاً لأبناء ديرتي خاصة من الشباب ، بأن يهتموا بالقراءة وأن يكتشفوا حياة أخرى غير التي اعتادوا عليها ، يكتشفوا طاقاتهم ، فنحن بحاجة لطاقات فنانة كما نحتاج لطاقات علمية وعملية. نحتاج لفنانين ، فناني مسرح وتشكيل وموسيقى . وشكر خاص للقديح 24 ، لهذه الفسحة .
اترك تعليقًا