ولد عام 1393هـ، كتب عدداً من النصوص المسرحية والأفلام وصدر له عدد من الكتب المسرحية والنقدية، حاصل على العديد من الجوائز من أهمها جائزة ا للإبداع عام 2001 ،وهو ضد انتماء النص لأي مكان محدد ومع حضور المرأة في المسرح، اجتاز مبكراً الحدود الجغرافية في التعاطي مع العمل المسرحي، ح ًصا مع النقاد والمخرجين المسرحيين العرب من الرباط إلى بغداد، نصوصه المنتمية لمسرح التجريب، لا تتقيد بطبيعة الحال، ”خليج سيهات“ كان لها حوارً ا خا المسرحي سيناريو الأفلام السعودية، عباس أحمد الحايك:
- كلمة تختصر للقارئ سيرة الناقد المسرحي عباس الحايك؟
كاتب مسرحي وسيناريست وممارس للنقد المسرحي والسينمائي، ومدرب معتمد في معهد ثقف، كتبت النص المسرحي مبكراً وحقق العديد من الجوائز أهمها جائزة الشارقة للإبداع عن نصه (فصول من عذابات الشيخ أحمد)، قدمت نصوصه في عدد من الدول العربية، وشاركت في مهرجانات عربية. له عدد من الاصدارات المسرحية المتنوعة بين النصوص المسرحية والكتب النقدية، ونشرت له الهيئة العربية للمسرح كتابه (المسرح السعودي تجارب ومسارات). حكم في عدد من المهرجانات المسرحية المحلية والخليجية، كرم في القاهرة في مهرجان المسرح العربي للهواة، وفي مهرجان الجنادرية بالطائف.
- كيف عرف المسرح طريقه إليك؟
بدأت علاقتي بالمسرح مبكراً، ربما أقول أنه منذ الطفولة رغم ن المسرح لم يكن متاحاً، لكنني اكتشفت شغفي بالتشخيص من طفولتي، فقد كنت أشخص شخصياتي التي أحبها، أو تلك التي أبتكرها. فحتى حين مارست الرسم، كنت أستخدم الألوان المائية لأرسم على وجهي لتشخيص شخصيات أقوم بتصويرها، مثل شخصية الرجل العجوز. وجدت أخي إبراهيم قريباً من عالم المسرح، فقد دخل المسرح منذ بداية الثمانينات وشارك في دورات إعداد الممثل التي كانت جمعية الثقافة والفنون بالدمام، وشارك في مسرحيات منها تلك التي شاركت فيها الجمعية في مهرجانات مثل مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة. كانت تجربة أخي حاضرة ومحفزة لاكتشاف المسرح، من خلال الممارسة البسيطة أو الكتابة. ثم بعد سنوات، كونت فرقة إنشاد وتمثيل، وقدمنا ثلاث مسرحيات من تأليفي وإخراجي وتمثيلي، حتى وصلت للتفرغ كاملاً للكتابة المسرحية.
- المسرح في المملكة: الواقع والآفاق؟ هل يمكن أن نتحدث عن ازدهار أم عن انكسار؟
الإجابة معلقة على ما سيأتي، حتى الآن كمسرحيين ننتظر ما ستسفر عنه اجتماعات وزارة الثقافة وما ستقدمه للمسرح من دعم. المسرح في المملكة واجه الكثير من العقبات أوصلته لحالة ركود. ففي العام 2018 مثلاً، لم يقدم المسرح السعودي إلا عدداً ضئيلاً من العروض المسرحية، ولم يمثل المملكة في مهرجانات خارجية إلا مرات لا تعد على أصابع اليد. وهذا مؤشر على ما وصل له المسرح في المملكة من حالة انكسار لم نشهدها سابقاً. فعوضاً عن دائرة التقشف التي دخلتها جمعية الثقافة والفنون وهي الجهة الأولى التي تقدم عروضاً مسرحية وتوقف مهرجانات مسرحية كانت منتعشة، يعاني المسرح من تهميش لا يعرف سره، ولا يجد عوناً من أي جهة لا رسمية ولا خاصة. عدا ما قيل عنه علناً أنه مجرد عبث. كمسرحيين ننتظر دعماً حقيقياً يقترب من الدعم الذي حظيت به الأفلام. دعماً مادياً ومعنوياً. دعماً يجعلنا نمارس هذا المسرح دون مواجهة كل هذه العقبات، ولننتقل من مرحلة الإنكسار لمرحلة الازدهار.
- ما منظورك لثنائية الهواية – الاحتراف؟
بالنسبة لي فإن الهواية أكثر جدوى في بلد لا يوفر فرصا وظيفية حقيقية لمن يمتهن الفن، فعدد من تخرج من أكاديميات فنية ولم يجد عملاً يضعه في خانة الاحتراف كفيل بإدراك أن لا مكان هنا للإحتراف ولا التفرغ. فالفن كما يقال (ما يوكل عيش)، من يمكنه الاعتماد على الفن ليعيش عيشة كريمة؟. لا أظن أن ثمة أحد قادر، حتى على مستوى الخليج وليس على المستوى المحلي. فالإحتراف يبدو أكثر وضوحاً في البلدان التي يكون الفن فيها صناعة. يعني استمرارية وتنظيم للمهن الفنية مع وجود نقابات وتشريعات تنظم العمل الفني.
- الحركة المسرحية والمهرجانات في القطيف خاصة وفي المنطقة الشرقية عامة: أي حصيلة؟
على المستوى النوعي، خاصة في السنوات الأخيرة لا اجد أن ثمة حصيلة نوعية، فما قدم لا يعدو كونه تجارب مسرحية لا تتعدى عروض المناسبات، عروض تهدف بالدرجة الأولى للضحك والتجارة، بعيداً عن مبدأ القيمة. رغم أن المسرحيين في القطيف كانوا الأكثر والأبرز حضوراً في مهرجانات مسرحية محلية، فمن القطيف الكاتب والمخرج والممثلين الجيدين والفرق التي كان تنشط. لكن مع غياب المهرجانات انكفأت هذه الفرق وغاب الممثلون والمخرجون. بل اتجه بعضهم لعروض المناسبات التي لا تعلق في ذاكرة الناس، ولا يمكن التعويل عليها لتحريك ساكن المسرح.
- العرض المسرحي بين غياب الحس الدرامي وانزلاق الدمى المتحركة: ما تعليقك؟!
المسرح في الآونة الأخيرة تحول من عرض مسرحي تتظافر فيه كل عناصره، من نص وأداء وإخراج وسينوغرافياً لعرض مسرحي يتكئ على نجومية الممثل، دون النظر إلى ما يقدمه، بل يراهن على قدرة هذا الممثل النجم على الارتجال وانتزاع الضحكة دون أن تكون المفارقة والمواقف أساس الكوميديا، ودون أن يكون النص وما يناقشه هو المحرض على هذه الكوميديا. فالنصوص التي تقدم ليست نصوص يمكن التعويل عليها بل هي مجرد أفكار يترك للممثلين الفسحة ليخرجوا طاقتهم في الارتجال وفقها. الدراما غابت وبقيت الأفكار المجردة، لم يعد مكان للدراما بمفهومها الأسمى في عروض اليوم.
- ما الذي يغريك في النقد؟ وما طبيعة النقد التي تشد اهتمامك؟ بعبارة أخرى: أتفضل أن تكون ناقد لجميع الاعمال المسرحية أم ناقد لعمل معين لم يلقى استحسان الجمهور أم عمل ليس مكتمل من جميع الاطراف؟
لا أستطيع أن أطلق مسمى ناقد على تجربتي النقدية، فقد كانت مجرد كتابات غلبتها المقاربات النقدية الانطباعية وتعمقت في بعض التجارب في مقاربات نقدية أخرى. لم أعمل في مجال النقد طويلاً، ولم أختر أن أكون. لأني أجد نفسي في الكتابة للمسرح وليس عنه.
كنت أحضر عروضاً يدفعني إليها عشقي للمسرح، ولأني كنت وقتها أعمل في جريدة اليوم، كانت المنصة المتاحة لي لنشر كتاباتي النقدية عدا عن المواقع الالكترونية وبعض المجلات الثقافية والمتخصصة. ومارست النقد أيضاً في مهرجانات مسرحية، حيث كنت أكتب يومياً قراءات للعروض المشاركة في المهرجان.
في الوقت الحالي أحضر عروضاً من باب المتعة، لكن حين أسأل عن رأيي أجدني أقدم قراءتي لهذا العرض أو ذاك بتجرد. وبعض آرائي تنشر في المواقع. لا أهتم في هذه الحالة بوقع هذا العرض على الجمهور، فالجمهور عادة لا يكون معياراً في قياس مستوى العرض المسرحي نقديا، فالجمهور يميل ويصفق لمن يضحكه.
- تجربتك النقدية للظاهرة المسرحية (نصا – عرضا) تشهد على نضج، وتعد بالكثير. فلم لا يصل صوتك إلى الآخر – القارئ؟
القارئ العادي لا يهتم أبداً بالنقد كمنتج، بل يهمه أكثر العرض، المشاهدة والمتعة، وربما ينفر من أي حس نقدي. واجهت كثيراً من الهجوم لأني قدمت نقداً لعمل صفق له. النقد يهم المختص، يهم من يبحث عن قراءة لما يقدمه المسرح بينما القارئ العادي لا يضع المسرح ضمن اهتماماته، فكيف سيضع النقد المسرحي أصلاً ضمن اهتماماته. التجارب النقدية لا يمكنها الوصول إلى القارئ حتى وإن وجدت منصة نشر.
- أين يقع النقد في مسيرة المسرح الخليجي؟
هناك حركة نقدية جيدة خليجياً، هناك أسماء مهمة تقدم اطروحات نقدية عبر المهرجانات أو الصحافة. في كل الدول الخليجية، خاصة مع وجود قسم لدراسة النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تخرج العديد من الأسماء النقدية منه. المشكلة أن ممارستهم النقدية لم تنشر في كتب تحفظها، وتكون رافداً للمسرحيين، إلا لماماً. بدل الاكتفاء بالنقد الشفوي في المهرجانات أو المقالات المتناثرة في الصحف والمجلات.
صحيح أن ثمة وجود نقدي خليجياً، لكنه يبدو وجوداً خجولاً بمقارنته مع الوجود النقدي العربي، خاصة في دول المغرب العربي.
- لنتحدث عن يومنا الحاضر.. هل هناك أزمة كتابة ؟ أم أزمة اختيار؟ أم أزمة واقع ؟ ام أزمة فكر؟
هي مجموعة أزمات، وسأستثني منها أزمة الكتابة. فالمسرح السعودي لا يعوزه النص المسرحي. فكتاب المسرح السعوديين يغذون مسارح عربية بنصوصهم. ربما هي أزمة فكر وأزمة اختيار، أزمة فكر لمخرجين غير مثقفين ولا يدركون ماهية العمل المسرحي، يتساهلون في اشتغالاتهم المسرحية، لذا يواجهون أزمة اختيار النصوص. هم يريدون إعادة تشكيل النصوص المكتوبة والجاهزة لتتناسب مع رؤاهم، لا بأس إذا كانوا سيقدمون رؤى محترمة. لكنهم يجهلون طرق التعاطي مع النصوص المسرحية وطريق الاشتغال الدراماتورجي عليها. يجهلون أبسط أخلاقيات التعامل مع النصوص ومؤلفيها. فهم يضعون على رؤوسهم تيجان السلطة على العرض المسرحي ظناً بأن هناك من عينهم سلاطين على المسرح. المسرح قدرة على التعاطي، عمق في التفكير، إدراك للصنعة، ثم إبداع.
- كيف يعرفنا الناقد عباس الحايك عن حركة المسرح السعودي المعاصر، وما المشكلات التي تعترض طريقها؟
الإجابة على هذا السؤال تحتاج لمقالات طويلة، فالحديث عن المسرح السعودي ذو شجون. فلا ندري من أين نبدأ الحديث عنه. فمسرحنا بدأ بمحاولات تكريسه في وجدان الناس، لكنه واجه صداً خاصة مع مرحلة الصحوة، والتي كانت الفنون وقتها تعاني من قوة موجة التدين. المسرح واجه أيضاً، قلة الدعم، فلا صالات مسرح ولا ميزانيات كافية، واجه في ما واجه، عدم وجود جهة واضحة تتبنى هذه الجهود المسرحية. أضف لذلك مشكلة غياب المرأة وكيف حد الأمر من تجارب المسرح السعودية، الذي ظل طويلاً مسرحاً ذكوريا.
في الوقت الحالي ومع تأسيس هيئة الثقافة ووزارة الثقافة، نحن بانتظار أن يحيى المسرح من جديد، ويضخ فيه دماء جديدة، نجد صالات عرض، ونجد أن ثمة اهتمام رسمي وميزانيات كافية لإقامة العروض والمهرجانات.
ومع كل ما واجهه المسرح السعودي، إلا أن المسرحيين لم يتوقفوا أبداً عن تجاربهم وعن ممارستهم لهذا الفن، فالمسرحيات متواصلة، تزداد أو تقل، يجتهدون ويناضلون ليقدموا مسرحاً يليق بالجمهور ويليق بصورة المملكة في الخارج.
- لا يمكن لصاحب الكلمة أن يكون بدون رسالة، ما هي رسالتك على صعيد الكلمة وأنت كاتب وناقد مسرحي؟
قد يصعب علي صياغة رسالتي في كلمات، لكن ممارستي للكتابة أولاً نابعة من شغفي بالكتابة منذ الطفولة. حيث مررت بعدة تجارب في القصة والشعر والمقالات والمسرح، هو شغفي الذي يدفعني أكثر. ربما أبحث أيضاً أن أترك أثراً، ويذكر اسمي متجاورا مع كلمة (الكاتب)، وأن أقدم ما يمكن أن يخدم المجتمع الانساني بمجمله من خلال نصوصي.
- لو سألناك ما علة المسرح الخليجي اليوم ومما يشكو المسرحيون الخليجيون بالأساس؟
علته إنه لم يتحول لصناعة، عدا عن المسرح الكويتي الذي يبدو حاله مغايرا عن حال المسرح في أي دولة خليجية أخرى. فغياب الصناعة يجعل العمل غير منظم ولا منتظم. ينشط المسرح أكثر من أجل المهرجانات رغم أن المسرح غايته أن يقدم للجمهور. المسرح لا يكون دون جمهور. لكن عندنا الأهم هو المشاركة في المهرجانات. تصور أن عروضاً تنفذ فقط لتقدم في أمسية وحيدة في مهرجان ثم يطوى ملف المسرحية تماماً. أليس لهذا النزوع للمشاركات المهرجانية أثره السلبي على المسرح. ليتحول مسرح مناسبات بدل أن يكون مسرح جمهور، كما هو الحال في مسرح دول العالم الأخرى.
- برأيك هل هناك جدوى من تعدد المهرجانات المسرحية في بعض الدول العربية؟.. وهل يساهم ذلك في تحقيق نهضة مسرحية أم يشكل لظاهرة المسرح المناسباتي؟
استكمالاً لإجابتي على السؤال السابق، أنا لست مع هذا الإفراط في المهرجانات، صارت المهرجانات تتكاثر، لكنها لم تقدم الكثير خاصة في علاقة المسرح مع الجمهور. فمسرح المهرجانات لا يشاهده سوى ضيوف المهرجانات الذين مل بعضهم من متابعة ذات العروض المكررة والتي تتجول من مهرجان لآخر. ما الذي قدمه هذا النوع من المسرح؟. هل شاهده جمهور وتفاعل معه. هل أسس لعلاقة جيدة مع جمهور يتابع المسرح وصار ضمن قائمة اهتماماته. هل صار يبحث عن العروض المسرحية ليشاهدها، أم أنه لا يعلم عن العروض التي تنزوي داخل دوائر المهرجانات؟.
في أحد البلدان العربية، كان هناك مهرجان وعروض مسرحية، وضيوف من كل مكان. المسرح يمتلئ لكن بالضيوف ولا مكان لجمهور خارج هذه الدائرة، وحتى لو كان هناك مكان. الجمهور لا يحضر لأنه لا يعرف عن المهرجان، ولا يستسيغ ما يقدم. لا تلامس هذه العروض حاجته.
نعم المهرجانات حولت المسرح لمسرح مناسبات، ولم تقدم ما ينتظر منها أن تقدمه للمسرح العربي.
اترك تعليقًا