مساءكم ثقافة وفن وجمال..
في البدء شكرا لمنتدى الثلاثاء الثقافي الذي اختار أن يبقى ويتواصل صوتا مغايرا في المشهد الثقافي السعودي، شكرا لأنهم اختاروني كضيف لأوقع كتابي الذي صدر مؤخرا عن دار ريادة (حارسة الماء ومسرحيات أخرى)، فأنا لم يدر في بالي فكرة التوقيع، ربما لأني زهدت في هذه الفعاليات بعد أن خفتت حالة الدهشة عندي. لكن ولأن المنتدى له في القلب محل، رحبت بأن أكون ضمن ندوة هذا المساء والتي تتقاطع مع اهتماماتي، الدراما والمسرح.
الكتاب يحتوي على خمس مسرحيات كتبتها في فترات متفاوتة، وقدمت على خشبات مسارح عربية، فأولها نص مسرحية حارسة الماء، وهي مسرحية تتناول حكاية قرية أصابها الجذب فلا مطر ولا ماء، سوى بئر يقال أنها مسحورة، ولا تستطيع الشرب من البئر إلا الحارسة المنبوذة التي يحذر عراف القرية من الاقتراب منها، قد تكون حكاية مجردة من الزمان والمكان، لكنها حكاية كل مكان وكل زمان، فقد حملت الحكاية قضية الماء وسرقته، الطبقية الاجتماعية، وسيطرة الخرافات على الناس. المسرحية قدمت في البحرين، وعمان، ومصر والمغرب والأردن.. وقدمت في سوريا باللغة الفرنسية.
النص الآخر، هو (أم الخير) وهو يتناول حكاية أخرى من حكايات هذا العالم، ولأني اسعى لأن تتناسب نصوصي مع كل أي مكان تعرض فيه، فقد جردت المسرحية أيضا من المكان والزمان، فالحكاية حكاية سطوة الكبار على الصغار، شهوة الحكم، والعبودية، وقوة الكلمة.. حكايات تتفرع من حكاية رئيسة، هي حكاية أم الخير السفينة التي كان كل أهل القرية شركاء فيها، لكن هناك من سطا عليها ليجرد الناس من حقوقهم فيها، ولكن الحرية دائما ما تكون محفزا لكسر القيود، هذا تقول الحكاية. المسرحية قدمت باسم (مدق الحناء) من إخراج العماني يوسف البلوشي لفرقة مزون من سلطنة عمان، وحصدت جائزة أفضل عرض مسرحي في مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، وشاركت في عدة مهرجانات آخرها مهرجان مسرح بلا انتاج بالإسكندرية وحصدت على جازة أفضل عرض في المهرجان.
ثالث نصوص الكتاب هو نص (كونتينر) وهو يحكي عن قضية اللاجئين، أي لاجئين في هذا العالم، وجدوا نفسهم بين نارين، نار اللجوء ونار الشوق للعودة للوطن، حكاية زوجين وجدا نفسيهما خارج بلديهما بلا أطفالهما، يعيشان في كونتينر في ملجأ، تدور بينهما الحوارات لنعرف أي أسى عاشاه، أي وجع، وأي حياة لا ملامح لها عما يعيشانها. المسرحية قدمت في أكثر من بلد ايضاً فقد قدمها أولا المخرج البريطاني محمد الجراح في الدمام، وقدمت في المغرب وفي دبي أيضا.
النص الرابع فكان بعنوان (مجرد أرقام)، وهي عن مجموعة من الناس وجدوا انفسهم تحن ركام قصف في مكان ما، صاروا يبحثون عن مخرج، عن وسيلة للخروج من تحت الركام، وأثناء البحث تطوف الحكايات، حكاياتهم، حيواتهم، أوجاعهم، أحلامهم.. لكنهم في عرف الحروب مجرد أرقام.
أما النص الأخير فهو بعنوان (ذاكرة صفراء) وهو عن الذاكرة التي تثقل حياتنا، ترافقنا ولا تعطينا فسحة للهروب من آثارها، من بقاياها التي انطبعت في خلايانا. الذاكرة التي تصبح أشبه بالعمى الذي يمنعنا من تلمس الطريق. عن أنسي الرسام الذي فضل البقاء في الهامش، بعيدا عن كل شيء، عن الناس، عن الأصدقاء، عن الزملاء، هو وألوانه وذكرياته، والماضي الذي صار سكينا يذبحه على مهل.
المسرحية قدمت في الأردن بتوقيع المخرج عبد السلام الخطيب.
لم أكن أفكر في طباعة الكتاب لولا رغبة بعض الأكاديميين لتناول هذه النصوص في اطروحاتهم للماجستير والدكتوراة، ولأن الشرط أن تكون النصوص مطبوعة في كتاب فقد دفعني ذلك لطباعة الكلام رغم يقيني أن المسرح ليس مقروءً كالرواية والشعر وحتى المقالات. فالمسرح لم يكن ضمن قائمة القراءات عند القارئ العربي، لذلك كانت فكرة الطباعة بشكل شخصي أشبه بالمغامرة، بدأت بالبحث عن مطبعة بعد أن نضدت الكتاب وصممت غلافه بنفسي، لكن اصطدمت بارتفاع سعر الطباعة وبورطة التوزيع، فأنا كاتب ولن أترك الكتابة لأتفرع لتوزيع كتبي على نقاط البيع، عدا عن أن بعض المكتبات الكبرى لا تقبل كتبا إلا لمن لديهم متابعين بالآلاف على تويتر وهذا ما صدمني، فكيف تقاس تجربة كاتب بعدد متابعته. بحثت عن دور نشر مناسبة، فوجدت دار ريادة، اقدم تسهيلات لم أجدها عند دور نشر أخرى، واريحية في التعامل ولم تسألني عن عدد المتابعين كما فعلت بعض دور النشر الأخرى.
المسرح لا يقل عن الرواية، وحلمي أن يجد كتاب المسرح أبواب دور النشر مفتوحة لهم لينشروا نصوصهم ويصدروها..
شكرا أخيرة لكم، شكرا منتدى الثلاثاء
- الكلمة ألقيت بمناسبة توقيع كتابي (حارسة الماء ومسرحيات أخرى)

ألف مبروك لك استاذ
في الأربعاء، ١ ديسمبر ٢٠٢١ ١٠:١٦ م مدونة الكاتب المسرحي عباس الحايك كتب:
> abbashayek posted: ” مساءكم ثقافة وفن وجمال.. في البدء شكرا لمنتدى > الثلاثاء الثقافي الذي اختار أن يبقى ويتواصل صوتا مغايرا في المشهد الثقافي > السعودي، شكرا لأنهم اختاروني كضيف لأوقع كتابي الذي صدر مؤخرا عن دار ريادة > (حارسة الماء ومسرحيات أخرى)، فأنا لم يدر في بالي فكرة” >