سما

مقدمة:

النص هو مسرحية للأسطورة المتداولة عن (قلعة الفتاة) في مرسين جنوب تركيا، وهي قلعة تقع على جزيرة معزولة وسط البحر، والأسطورة تقول أن ” هناك ملك رزق بنتا، وأخبره العرافون أنها عندما تكبر تلسعها أفعى فتموت. ولشدة حبه لابنته، بنى لها هذه القلعة وسط البحر حيث يستحيل وصول الأفاعي. كبرت البنت حبيسة القلعة مع أن والدها الملك وفر لها كل شيء، وكان الخدم ينقلون العنب في سلال الى القلعة، دخلت الأفعى بدون أن يشعر الخدم بها في إحدى السلال ووصلت القلعة، ولدغت البنت وماتت”، رغم أنها تعيش بعيدا عن اليابسة.

الشخصيات:

سما: فتاة في العشرين، ابنه التاجر حامد الوحيدة، فهو لم ينجب غيرها.

خديجة: مربية سما، هي من تكفلت بتربيتها منذ وفاة أمها.

حامد: خمسيني تاجر كبير أبو سما. يحب ابنته لدرجة أنه لم يفكر بالزواج بعد وفاة زوجته من أجلها.

أكرم: عشريني، بائع الخضار في سوق القرية. كان على علاقة حب مع سما.

خضر: والد أمجد، بائع خضار بسيط وواقعي.

غريب: مساعد حامد، يطمع في الزواج من سما، وهو ما لا يكشفه إلا في الأخير. لكنه هو ما يجعله في ورطة مع حامد الذي يطرده

المشهد الأول

تفتح إضاءة المسرح على بيت أنيق عبارة عن صالة المنزل المليئة بأحواض الشجر والنباتات الداخلية تنتشر في كل مكان، في العمق نافذة كبيرة تطل على البحر، الصالة فيها مكتبة صغيرة مليئة بالكتب، وكرسي هزاز خشبي بجانبه طاولة صغيرة عليها كتاب. الوقت نهاراً ويسمع صوت الأمواج والنوارس في الخارج. نسمع أيضاً صوت فتاة (سما) من الخارج وهي تغني

صوت سما:      (تغني بلحن موشح أندلسي) وَالَّذي أَجرى دُموعي عَندَما// عِندَما أَعرَضت مِن غَير سَبَب

ضَع عَلى صَدريَ يَمناك فَما // أَجدَر الماء بِأَن يَطفي اللَهَب[1]

تدخل سما الفتاة العشرينية وهي ترتدي ملابس تبدو عليها الأناقة والثراء، وهي تكمل الغناء. وفي يدها كوبا من عصير وفي اليد الأخرى دلوا لسقي الزرع، تقترب من الكرسي الهزاز. تضع الكوب على الطاولة الجانبية.. تتجه لحوض نباتات وتبدأ برش الماء بابتسامة

سما:              (للنباتات وهي تمسح على أوراقها) لتظل أوراقك خضراء، لا بد لك من غذاء. سيغيذيك هذا الماء. يتغلغل في عروقك ثم يسكن في أوراقك فيزيد اخضرارها.

تنتقل لنبتة أخرى، تسقيها

سما:              كيف كانت ليلتك. هل غفوت مثلما نغفو نحن؟، هل تحلمين كما نحلم نحن؟، هل تزورك الكوابيس كما تزورنا نحن؟.

تنتقل لنبتة أخرى تسقيها

سما:              أنا مثلك، نبتة زرعت في تراب ليس لها، ولكني لست مثلك فأوراقي ذابلة.

تنتهي وتضع الدلو جانبا

سما:              يا نباتاتي الجميلات، يا صديقاتي الأنيقات. لو تنمو لكم ألسنة، فنتبادل الكلام. كنا ملأنا المكان بالأغاني. ولكن يكفي وجودكن معي. يكفي هذا الأخضر الذي يزين المكان، الأخضر الندي الذي يشعرني بأن حياةً غيري هنا.

تبتعد عن النبتات

سما:              أتعرفن يا نبتاتي؟، البارحة حلمت أني نبتة. ولكن نبتة لها لسان، تتكلم وتغني، كنت خائفة في الحلم لأني بحثت عن رجليّ ولم أجدهما. تحولتا لجذور نابتة في البعيد. حاولت أن أرقص، لكني لم أتمكن. حاولت أن أنتزع رجلي من التربة، لكنها لم تتحرك، خفت وصرخت، ثم فجأة. نبتت من يدي ورقة، خضراء كانت، تكاثرت الأوراق الخضراء، ملأت جسدي عندها صرت نبتة كبيرة. فجأة اثمرت، امتلأت فاكهة كثيرة، كل أشكال وأنواع الفاكهة. صرت شجرة. لكني صحوت، تفقدت رجلي، فوجدتهما بخير

تتنهد وتجلس على الكرسي الهزار

سما:              (تهتز بالكرسي) أخاف من الأحلام. بل أخاف من تأويلها، أخاف أن تكون رسائل جديدة تخنقني. ليتني أنام ولا أحلم. ليت أبي لا يحلم، ليته لم يحلم أبداً

تتوقف عن الاهتزاز بالكرسي، ثم تأخذ الكتاب على الجانب من الكرسي، تفتحه وتبدأ بالقراءة، ثم تأخذ كاس العصير، تشربه بتلذذ واضح

سما:              (وهي تتلذذ بالعصير) أَذوقُ الهَوى مُرَّ المَطاعِمِ عَلقَماً // وَأَذكُرُ مِن فيهِ اللَمى فَيَطيبُ

                    تَحِنُّ وَتَصبو كُلُّ عَينٍ لِحُسنِهِ // كَأَنَّ عُيونَ الناسِ فيهِ قُلوبُ [2]

تتنهد سما وتكمل ارتشاف العصير بسعادة

سما:              الفاكهة لها طعم يعلق في اللسان وفي الذاكرة، يعلق في القلب

تبتسم

سما:              في كل مرة أشتهيها. صار غذائي فاكهة، شرابي فاكهة (تضحك) أنتشي بالفاكهة، وليس أية فاكهة..

تقف وتقترب من نبتاتها مبتسمة

سما:              (للنبتة) تستغربين؟، لو أنه لك فم، لكنت أدركت سر الطعم العالق. الطعم ليس في الفاكهة، بل طعم الشوق (تتنهد). أتشتاقين يا نبتاتي؟

يسمع صوت من الخارج أصوات بشرية تقترب، تنتبه سما تبتعد عن النبتات ثم تطل من النافذة إلى الخارج، تلوح سعيدة

سما:              (بسعادة) أخيرا جاءوا، فقد اتلف روحي الاشتياق والترقب.

تقف وسط الصالة وعليها يبدو الترقب

سما:              جاءوا محملين برسائل الحب المغلفة بالألوان الشهية. سأستقبلهم، خمسة أيام مضت منذ غادروا، سيكون هناك أصوات تحتضنها هذه الجدران غير صوتي

تتجه للنباتات

سما:              تخضر أوراقك حينما يأتون، كأن لك آذان تصيخ السمع للأصوات. ستسمعين غير صوتي

تدخل خديجة مربية سما الخمسينية وهي تحمل حقيبة من قماش، تتجه سما لها وتحتضنها

خديجة:           (وهي تضحك) اشتقت لي؟

سما:              قدر هذا البحر الشاسع الذي يحيطنا

خديجة:           هل سئمت الوحدة؟

سما:              اعتدتها. سنوات خمس مرت وأنا في الوحدة

خديجة:           (تتنهد) مرت سريعا

سما:              بل بطيئة.

خديجة:           قلت اعتدتها؟

سما:              الاعتياد لا يعني أن آلفها. هي ثقيلة جدا.

خديجة:           سأظل معك طويلا هذه المرة.

سما:              اخبريني، كيف كانت العروس؟

خديجة:           جميلة، كانت كياسمينة بثوبها الأبيض.

سما:              (تتنهد) ليتني كنت معكن. كم تمنيت أن أزفها. هل قبلت وجنتيها عني؟

خديجة:           بالتأكيد يا سما. وطلبت مني أن أرد لك القبلة

تقبل خديجة وجنتي سما

سما:              (بحماس) هل أتيت بالفاكهة؟

خديجة:           كل ما طلبته. سيدخلهم لك غريب

سما:              (بضيق) وفي كل مرة يأتي معكما؟

خديجة:           إنه مساعد والدك، ولا يستغني عنه. ثم أنهما سيغادران غدا، لن يتركا عملهما في المدينة ويبقيان هنا.

يدخل حامد والد سما سعيدا وهو يحمل حقيبة على كتفه، فتتجه له سما وتقبل يده

حامد:             (بفرح) حبيبتي سما، سمائي وغيمي ومطري.  كيف كانت أيامك يا حبيبتي؟

سما:              كما عهدتها، هي هي.

حامد:             والكتب؟

سما:              انهيت أكثرها. لكن الوقت هنا بطئ، تتعاقب الأيام ثقيلة. لولا الكتب ونباتاتي النديات.

حامد:             لا بأس يا حبيبتي، المهم أنك بخير، أملأ عيني بصورتك، وسمعي بصوتك

تبتسم سما وهي تنزع الحقيبة عن كتف والدها

خديجة:           هل ستستريح يا سيد حامد في الغرفة، أعدها لك؟

حامد:             ليس الآن، راحتي بوجودي بقرب سما.

خديجة:           ولكنك متعب، من رحلة بر إلى رحلة بحر

حامد:             لأجل سما، يتبدد التعب.

خديجة:           كما تشاء، سأعد لكما الطعام.

حامد:             غريب سينزل كل الأغراض، ويتأكد منها في القارب قبل أن تصل للجزيرة

تهز خديجة رأسها وتغادر، يمسك حامد يد ابنته سعيداً

حامد:             أتيتك بكتب أكثر، والفواكه التي طلبتها. مررت في مدينة فيها دكان كتب كبير، مليئة رفوفه عن آخرها بالكتب، كم تمنيت أن تكوني معي لتختاري أنت من صنوف الكتب

سما:              (تتنهد بحزن) ومن أين لي أن أكون معك. ليتني أبرح هذا المكان

حامد:             لن تغادري هذا المكان ابداً. أنا أخاف عليك

سما:              (بهمس دون ان يسمع والدها) وأنا لا أخاف

حامد:             لم تسأليني عما فعلته في سفري

سما:              (بحرج) عذرا أبي، نسيت، شوقي إليك أنساني السؤال

حامد:             (يضحك) لا بأس عليك، لقد كانت كما خططت، تعرفين والدك، يخطط فيجد كل الطرق سالكة أمامه. اتفقت معهم على فتح باب التجارة بيننا، يأخذون بضائعنا ونأخذ بضائعهم. سآتيك ببعضها، ستعجبك، عمالهم مهرة، يصنعون فساتين لم أجد مثلها في البلاد

سما:              ولمن أرتدي فساتيني؟، أنا هنا وحدي، لا حاجة لي بالفساتين. أرتديها فقط حين تكون أنت حاضرا هنا.

حامد:             أنت فتاة جميلة، وتتجملين بالفساتين. أحب أن أراك دائما جميلة.

سما:              من يُكتب عليها هذا السجن، لا يمكن أن تجملها سوى الحرية

حامد:             (بضيق) سجن؟، أعدنا يا سما؟

سما:              وهل أنسى؟، أبي حبيبي. فقط ارغب في أن أخرج ما في صدري دون أن يوقفني أحد. تحملني أرجوك. تحمل كلامي. وإن وجدته قاسيا

حامد:             (بأسى) ليتني لم أنم تلك الليلة

سما:              (باستسلام) قدري.

حامد:             بل قدرنا

سما:              قدري وحدي. أنت تجول البلاد دون أن توقفك الحدود. ترى الناس والأمكنة، ترى شجرا وجبالا وأودية

حامد:             سأجلب لك كل ما تتمنيه هنا، أتيتك بالكتب والنباتات والفساتين والفاكهة، أتيتك بكل شيء تحبينه، سآتيك بالجبال والأودية

سما:              وما نفعها وأنا هنا؟. أبي، يكفي، لا تثقل على نفسك. قدري أن ابقى هنا خوفا من الحلم

حامد يتجه إليها ويمسك يديها بتوسل

حامد:             سامحيني يا سما، سامحي أباك الذي فعل كل ذلك لأجلك. لو كنت أملك القدرة لزرعتك في عيني، أو ضممتك داخل صدري وما تركتك لحظة.

سما:              لن انكد عليك وجودك معي. أنت سامحني

يبتسم لها ثم يقبل رأسها، يسمع صوت غريب من الخارج

صوت غريب:   سيد حامد، لقد انتهيت.

حامد:             تعال ادخل يا غريب

سما:              ولماذا يدخل؟

حامد:             إنه غريب

سما:              وهو غريب، غريب عني. كيف تدخله إلى هنا؟

يدخل غريب وما أن يرى سما حتى يبتسم ابتسامة اعجاب

غريب:            كيف حالك يا سما؟

سما:              (ببرود) بخير

غريب:            لقد جئنا بكل ما طلبته.

سما:              شكراً (لحامد) سأدخل لخديجة، ربما تحتاج عونا مني

يبتسم حامد وتغادر سما بينما غريب يراقبها وابتسامته لا تفارق وجهه، يسرح بعيدا

حامد:             تعال استرح يا غريب

غريب ما يزال على حاله، ينتبه له حامد

حامد:             غريب، ما بك.. (يرفع صوته) غريب

ينتبه غريب ويتجه لحامد

غريب:            نعم يا سيد حامد، أمرك

حامد:             تعال استرح بجانبي.

يجلسان على بجانب بعضهما على كرسيين

حامد:             غريب

غريب ينتبه لحامد

حامد:             أنا أعتمد عليك في كل أموري، حتى تلك المتعلقة بي وبابنتي

غريب:            ممتن لثقتك. فضلك أكبر من أن أنساه

حامد:             أنا أفكر في أمر ما متعلق بسما

غريب:            (يبتسم) ما هو؟

حامد:             (يتنهد) أنا متعب جدا مما هي فيه، أشعر بأساها، فتاة في عمرها تظل وحيدة طوال الوقت، وأنا مشغول عنها، بعيد عنها، هي في مكان وأنا في مكان آخر

غريب:            وجودها هنا يضمن لك أنها ستكون بخير

حامد:             لكنها ليست بخير.

غريب:            (بقلق) ما بها؟، هل تشكو من مرض ما؟ (يقف بحماس) سآتيها بالطبيب

حامد:             (وهو يمسك يده) استرح، هي ليست مريضة. إنها بخير. هي فقط تشعر بالملل هنا.

غريب:            وكل ما حولها، كتب ونباتات. أي ملل يمكن أن يتسرب إليها وهي بين كل ما تحب؟

حامد:             أنا أقدر ما تشعر به، فتاة في عمرها يفترض أن تكون لها صديقات، تصنع من كل ما حولها حكايات ترويها لاحقا لأبنائها، لكنها عاجزة على أن تصنع حتى حكايتها هنا.

غريب:            (مصدوما) وهل نعيدها للمدينة ليتحقق الحلم؟

حامد:             لم أقل ذلك، أنا أفكر أن أبقى هنا معها

غريب:            وتجارتك؟، للتو انتهينا من اتفاق

حامد:             سيمضي الأمر على ما هو عليه، لا تقلق. ثم يمكنك أنت تكون مكاني

غريب:            لا يا سيد حامد، أنا لا أملك خبرتك ولا قدرتك على التجارة. كأنك ترميني في بحر وأنا لا أجيد السباحة.

حامد:             بل تجيدها

غريب:            فكر في أمر آخر. أو لتعتد على ما هي عليه

حامد:             هي اعتادت. هي تريد أن تسافر، ترى الناس

غريب:            ما لها والناس؟، نحن حولها، أقصد أنت وخديجة

حامد:             وهل نكفيها؟

غريب:            أكيد

حامد يصمت قليلا ويفكر

حامد:             لماذا لا آخذها في سفرنا؟

غريب:            (مصدوماً) والحلم؟

حامد:             لن تبرح المركب، تظل فيه، تشاهد من بعيد

غريب:            نجاتها ليست مأمونة

حامد:             (مستسلماً) حتى وهي في المركب؟

غريب:            لا أمان لها إلا هنا

حامد يبدو محبطا ومستسلما، يسمع صوت غناء سما من الداخل

صوت سما:      (وهي تغني) سلب النوم خيالا مر بي // في فؤادي لحبيب غائب

يبتسم غريب بفرح وهو يسمع غناء سما وكأنه ذائب في صوتها مغرم به، بينما حامد ما زال يفكر بضيق

إظلام

المشهد الثاني

في غرفة نوم سما، المكان أنيق، سرير فخم، مزهريات تتوزع في المكان، وهناك نافذة كبيرة مغطاة بستارة، سما تجلس على السرير وخديجة تسرح لها شعرها، وسما ما زالت تغني ذات الأغنية

سما:              (تغني) فاستثار الطيف قلبا مثقلا // أضرم الحب فأهوى جانبي

خديجة:           كبرتي يا سما وصرتي تغنين للحب

سما:              (تتنهد) هي مجرد أغان لا معنى لها، أسلي نفسي بها. علها تخفف ثقل الوقت

خديجة:           غنائك جميل، يبدد وحشة المكان

سما تمسك بيد خديجة

سما:              لا تتركيني

خديجة:           أعدك ألا أتركك، سأبقى معك

سما:              منذ يومين، اشعر بوحشة، أكبر من وحشة السنوات الماضية. أشعر أكثر أني وحيدة

خديجة:           نحن معك

سما:              ما أزال أشعر بالوحشة رغم أنك وابي وهذا الغريب هنا.

خديجة:           سينتهي هذا الشعور، سأبقى معك ولن أتركك أبداً. ستنتهي هذه الوحشة، سنمرح ونلعب، سأعود معك كطفلة صغيرة، سأختبئ وتبحثين عني.

سما:              خديجة، أبي سيغادر غدا، لنخرج خارج القصر، لنركض، بين طرقات الجزيرة.

خديجة:           لكن اباك لا يرضى

سما:              لن يكون موجودا، ثم أن الجزيرة كلها أمان. جزيرة تحيطها المياه من كل حد.

خديجة:           أخشى أن يغضب. نركض في سطح المنزل كالعادة

سما:              بل خارج المنزل، ارجوك.

خديجة:           لا تورطيني مع والدك يا سما.

سما:              لن أورطك، ولن يعرف شيئا، ولن يحدث أي شيء. أنتم تبالغون في حرصكم، الأمر أبسط بكثير مما ترونه

خديجة:           هذا تفسير حلم

سما:              ربما التفسير خاطئ

خديجة:           بعد كل هذه السنوات، تقولين خاطئ؟

سما:              أقول ربما. كم سأبقى محبوسة هنا؟

خديجة:           لا تسميه حبساً، إنه أمان

سما:              كلكم ترددون ذات الكلمة. أمان، أمان. إلا أنا لا أراه أمانا

خديجة:           ما بك يا حبيبتي، كلما غادرنا وعدنا، تعودين لذات الحكاية.

سما:              (تبكي) سئمت يا خديجة، سئمت.

تحتضنها وتمسح على رأسها ويبدو على خديجة الأسى

خديجة:           (محاولة تهدئتها) أتعرفين يا سما؟، هناك فاكهة جديدة جلبناها معنا. لم تذوقيها أبدا

تواصل سما البكاء في حضن خديجة

خديجة:           رآها غريب في السوق فاشتراها لك

تقوم سما من حضن خديجة

سما:              غريب، غريب.. لماذا يدخل هذا الغريب حياتنا؟

خديجة:           لماذا تكرهينه؟

سما:              وتسأليني؟، من أشار على أبي أن يأتي بي إلى هنا؟، من؟، أليس هو؟

خديجة:           بدل أن تشكريه؟

سما:              اشكره؟، خديجة، اشكر غريب على مشورته لأبي؟، أنا تعيسة بسببه، مستوحشة بسببه، أعيش كشجرة يابسة بلا أوراق، بسببه، أنا أموت كل يوم، بسببه

خديجة:           (تقاطعها) بل بسبب الحلم

سما:              حلم، مجرد حلم قد لا يكون له معنى، لكن هو من أشار على أبي بالمعنى الذي سجنني هنا

خديجة:           أتشكين بالحلم؟

سما:              بل بتأويله. لم يسأل أبي غير ذلك العارف الذي عرفه به غريب، قد يكون مخطئا

خديجة:           وقد يكون صادقا

سما:              أنا متعبة، متعبة يا خديجة. هذا الكريه صار شريكا لنا في حياتنا، أبي يدخله في كل أمر، يدخله في لحظاتنا، يشركه في طعامنا. بدأت أشعر بالوحشة حتى مع أبي، لا أقدر حتى على البوح، لأن هناك عيونا ترقبني من كل زاوية

خديجة:           لا تبالغي، أبوك لا يستغني عنه.

سما:              وأنا لا أرتاح له

خديجة تصمت وعلى وجهها الأسى، ثم كأنها تتذكر أمرا ما، تخرج للحظات بينما تراقبها سما

سما:              يا الله، خلصني من هذا الهم الذي يجثم على صدري، أنا لا اقوى أكثر

تدخل خديجة مرة أخرى وفي يدها منديلا مزركشا بحبات التفاح، تقدمه لسما المستغربة، فجأة تعتلي وجهها ابتسامة وهي تمسك المنديل

خديجة:           هدية من أحدهم؟

سما:              من؟

خديجة:           تذكرين ابن الفاكهاني خضر

سما:              (بفرح) أكرم؟

خديجة:           نعم، هو

سما:              (بلهفة وفرح) أين هو؟

خديجة:           كنت أتجول في السوق وسمعته يناديني

إظلام سريع ثم إضاءة على طرف من سوق المدينة، يمكن أن تختصر سينوغرافيا المكان جانبا من السوق، بائع واحد أو اثنين فقط، خديجة عند بائع الأقمشة تتفحص قماشاً، يظهر من الجانب الآخر أكرم شاب في نهاية العشرينيات يرتدي ملابس تدل على بعض الثراء، يتجول في السوق فيلمح خديجة، يتجه إليها

أكرم:              خديجة، خديجة

تنتبه له خديجة باستغراب

خديجة:           أهلا، من تكون؟

أكرم:              (بابتسامة) لا تذكرين ملامحي؟

خديجة:           (وهي تتفحص ملامحه) لا، ولا أظن أني رأيتك

أكرم:              أنا أكرم، ابن الفاكهاني خضر

خديجة تنظر بتمعن لملامح أكرم

خديجة:           (بفرح) صحيح، هو أنت. كبرت يا أكرم وتغيرت

أكرم:              اكثر من خمس سنوات كفيلة بتغيير الإنسان جسدا وروحا ومشاعرا أيضا

خديجة:           اختفيت أنت وأبوك اغلق محله وغادر

أكرم:              صحيح (بضيق) أُجبرنا على المغادرة.

خديجة:           من أجبركم؟ لا أذكر أن أمراً حدث لك أنت وأهلك

أكرم:              قصة طويلة. ستعرفينها لاحقا

خديجة:           كيف هي أمك وأبوك؟

أكرم:              بخير، ضاق صدرها حين غادرنا. لكنها اعتادت، بدأت هناك حياة جديدة، صديقات جدد، جيران جدد. هي مرتاحة الآن، أما أبي ففتح دكانا آخرا هناك، دكانا أكبر

خديجة:           فاكهاني؟

أكرم:              هو لا يتقن غير هذه المهنة

خديجة:           سلم لي عليهما، وماذا عنك، أرى الكثير من التغيير عليك، لم تعد كما كنت

أكرم:              (يبتسم) لم أعد ذلك الشاب البسيط الذي يعمل مع والده في دكانه، صحيح، لقد من الله علي بالرزق، أنا املك مركبا الآن أنقل فيه البضائع

خديجة:           تزوجت؟

أكرم:              لا (يضحك) ما الذي دهاك يا خديجة، أغرقتيني بطوفان الأسئلة

خديجة:           (بحرج) أعتذر منك يا أكرم

أكرم:              لا بأس عليك (بحرج) عندي سؤال إذا أمكن

خديجة:           سؤال مقابل طوفان أسئلة؟.

أكرم:              سؤالي حول سما

خديجة:           ابنتي؟

أكرم:              نعم ابنتك. كيف هي؟

خديجة:           تعرفها؟

أكرم:              أعرفها أكيد، كانت تأتي دكان أبي. وعرفت أنها ابنة التاجر حامد، وسمعت..

خديجة:           (تقاطعه) وما الذي سمعته؟

أكرم:              يقال أنه يحبسها في جزيرة بعيدة عن المدينة

خديجة:           لماذا تسميه حبساً؟

أكرم:              الناس، وليس أنا، أنا اسألك عن الحقيقة

خديجة:           ليس حبسا، بل إنه يؤمنها هناك

أكرم:              من الحلم؟

خديجة:           يبدو أنك عرفت كل شيء عنها.

أكرم:              الناس لهم ألسنة، تتلقف القصص وتتداولها، تتغير القصص وتزيد، لكن قصة سما لم تتغير، كل من سمعتهم يسردون ذات القصة

خديجة:           حامد يخاف عليها، هي وحيدته، ولا يرغب في أن يخسرها كما خسر أمها باكرا (تتنهد) وحين تكرر حلمه، كاد يجن خوفا عليها.

أكرم:              حلم، مجرد حلم

خديجة:           لكنه معنى، العارف أخبره بأن سمى ستموت بلدغة أفعى

أكرم:              وصدقه؟

خديجة:           ولماذا لا يصدقه؟

أكرم:              تقولين معنى، فالمعاني قد تخطئ أو تصيب.

خديجة:           هو العارف، اكيد أنه أصاب

أكرم:              وما ادرك انه أكيد أصاب؟

خديجة:           إنه العارف

أكرم:              يحكم عليها بالحبس في جزيرة بعيدة لسنوات طويلة من أجل حلم قد لا يتحقق

خديجة:           وقد يتحقق. ثم أنت ما الذي يشغلك، هي ابنته

أكرم:              خديجة، هل يمكنني أن أعطيك شيئا توصلينه لسما

خديجة تبدو مستغربة دون أن ترد، يخرج أكرم منديلا مزركشا بحبات التفاح ويقدمها لخديجة

أكرم:              أعطيه لسما؟

تأخذ خديجة المنديل فيغادر أكرم بسرعة دون أن تنتبه له خديجة، تبحث يمينا ويسارا عنه، ثم تدس المنديل في جيبها

إظلام

المشهد الثالث

تفتح الإضاءة على غرفة سما والوقت ليلا، سما على طرف سريرها تجلس وهي تسرح في عالم آخر، تقبض بيديها المنديل المزركش بالتفاح، على ملامحها ابتسامة، تشم المنديل، تقف سما بفرح وترقص مع المنديل كأنها تراقص أحداً ما

سما:              أتشتاق لي؟، أكيد، المنديل هو الجواب. وأنا اشتقت لك. اشتقت لصوتك وانت تردد اسمي، سما، اشتقت لابتسامتك، للمسة يدك وأنت تزيح خصلة شعري عن عيني.

تتوقف عن الرقص وتتنهد

سما:              ليتك لم تغادر، لم تهرب من يدي، كأنك ريح هبت وعبرت أصابعي، ليتني قبضت عليها، ليتني قبضت عليك بيدي حتى لا تهرب مني، وأودعك قلبي. أتعرف كم عاما وانت في الغياب لا أعرف اين حطت راحلتك. وانا في الغياب الأبدي بعيدا عن كل الدنيا.

تتجه سما للنافذة، تفتح الستارة وتفتح النافذة التي يدخل منها الهواء فيحرك خصلات شعرها. نسمع من خلال النافذة صوت أمواج البحر وهي تصطدم بصخور الجزيرة.

سما:              ليت هذا الهواء يوصل صوتي لك أينما كنت، يحمل رسائل الشوق إليك. يخبرك بأن سما التي أحبتك بحاجة لك. بحاجة لأمانك أنت. سما محبوسة بين جدران هذا القصر الفخم، القصر الواسع، لكنه ضيق في عينيها، ضيق ومظلم. أكرم، تعال وانتشلني من هذا الغياب.

يظهر طيف أكرم ويبدو اصغر سنا مما كان عليه في المشهد السابق. يرتدي ملابس بسيطة وفي يده سلة مليئة بالفواكه

أكرم:              سما

تنتبه سما للطيف، تترك النافذة وتتجه له بفرح

سما:              (بفرح) أكرم

أكرم:              اشتقت لك يا سما

سما:              (بعتب) لم غبت، لم تركتني؟

أكرم:              ليس بيدي يا سما، أجبرت على الغياب

سما:              خذني بعيدا عن هذا المكان، لا تتركني وحيدة هنا

أكرم:              لن أتركك، ستغادرين

يقترب طيف أكرم من سما ويبعد خصلة شعرها عن عينيها، تبتسم سما

أكرم:              صرت أجمل

سما:              صحيح؟

أكرم:              وأكمل. سما، كلما تكبرين تصيرين أجمل.

سما:              الوحشة هنا أتعبتني، باتت كعلقة، بل علقات تلتصق في كل جسدي وتمتص دمي، حتى يجف كله. أنا بلا دم

أكرم:              لا تقسي على نفسك يا سما، الحياة أمامك ارحب مما تظنين. سينتهي كل هذا

سما:              وكيف ينتهي؟، لو لم تتركني لكنت معك الآن. كنت ستحميني من حلم والدي، ومن مشورة غريب طائر النحس

أكرم:              (يبتسم) خففي على روحك، ستورقين ثانية، ستخضر روحك، ستكون الوحشة ذاكرة لا أكثر.. قولي لي، هل أعجبك المنديل؟

سما:              (وهي تلوح به فرحة) بل أعاد لي نبضي. منديل بتفاحات، ما أجمله. أعجبني يا أكرم.

أكرم:              (وهو يأخذ تفاحة من سلة الفواكه) خذي التفاحة، من أفضل ما أحضره والدي في دكانه، لا يستحقها إلا أنت.

تمد سما يدخها لتأخذ التفاحة بسعادة، يُسمع لحظتها صوت طرق الباب، تنتبه سما لطرق الباب، تدير وجهها ناحية الباب فيختفي طيف أكرم بعد ان ترك التفاحة على طرف السرير. تنتبه سما لاختفاء طيف أكرم، تبحث عنه هنا وهناك وهي تنادي

سما:              (تردد) أكرم، أكرم

يسمع صوت خديجة من الخارج وهي تطرق الباب

صوت خديجة:  (من الخارج) سما، افتحي الباب، ما بك، هل أنت بخير؟

تركض سما جهة الباب، تفتحه وتدخل خديجة وعلى ملامحها القلق، بينما سما تلهث

خديجة:           ما بك؟

سما:              كان هنا، كان هنا يا خديجة

خديجة:           من؟، اخبريني، من؟

سما:              أكرم كان هنا، جاء ليطمئن علي

خديجة تنتبه للنافذة المفتوحة، تتجه لها وتنظر للخارج

خديجة:           (بخوف) كيف جاء؟، كيف دخل إلى غرفتك؟. من النافذة؟

سما:              (وهي تبكي) لا أدري كيف جاء، جاء محملا بالأمل، يحمل سلة مليئة بالأمنيات. جاء يا خديجة

خديجة:           (بغضب) كيف وصل إليك؟، يا له من وقح. سأخبر أباك وغريب بالأمر، لا بد أن نعرف كيف وصل إلى غرفتك، ولماذا جاء؟

تخرج خديجة من الغرفة بسرعة، بينما سما لا تزال تبكي

سما:              لا تؤذوه، أعيدوه لي، أعيدوا أكرم الذي أحببت، أكرم رفيق عمري، صديق لحظاتي قبل أن تخطفها الوحشة. أعيدوا أكرم إلي ولا تؤذوه.

تقف سما وتتجه لسريرها، فتجد تفاحة على طرفه، تأخذها وتشمها

سما:              (بحماس) أكرم.. أكرم

تخرج من الغرفة وهي تنادي

سما:              (تنادي) أكرم، اكرم

إظلام

المشهد الرابع

في صالة القصر والوقت لا يزال ليلاً، خديجة تقف وعليها يبدو القلق، يدخل عليها غريب، وما أن تنتبه له حتى تتجه إليه

خديجة:           هل وجدت شيئاً؟

غريب:            ابداً، لم أر أثراً لأي أحد غريب في الجزيرة، لا يمكن أن يأتي سباحة أو طائراً كنوارس البحر. لا أثر له

خديجة:           كيف إذن دخل عليها الغرفة؟

غريب:            أيكون عفريتا جاء لها بالسحر؟

خديجة:           (بسخرية) عفريت؟، خيالك أوسع من هذ البحر. يا رجل

غريب:            إذا كيف جاء؟، كيف رأته، وكيف دخل غرفتها؟

خديجة:           أنا لم أر أي أثر لأي أحد في الغرفة سوى النافذة المفتوحة. ربما تتوهم؟

غريب:            وربما يكون صحيحاً.

خديجة:           هل أخبرت السيد حامد؟

غريب:            لا، لن أخبره، أنا سأتدبر الأمر، لن أترك كائنا من يكون أن يضر سما

خديجة:           ولو عثرت على أكرم؟

غريب:            (بغضب) سأقتله وأرمى جثته العفنة في البحر

خديجة:           (باستغراب) غريب، لم أعهدك أبدا بهذا القدر من الشراسة. تقتله؟

غريب:            (مرتبكا) لا أكيد، لست بقاتل، هي مجرد مشاعر غضب عابرة

خديجة:           لا تبدو مشاعر عابرة. أنا لست مغفلة يا غريب. سنوات وأنا أراقب ملامحك كل ما مر ظل سما. أراقب حتى ارتعاشة أصابعك، والرعشة الخفية في صوتك كلما حضرت سما. غريب، ما حكايتك؟

غريب متهربا يبتعد عنها

غريب:            لا حكاية لي، ثم ليس الوقت لسرد الحكايات، هناك شخص بغيض تسلل للجزيرة، وإلى غرفة سما، وتسألينني عن الحكايات؟.

خديجة:           بل هو الوقت الأنسب، سما في غرفتها والسيد حامد في غرفته. وأنا وأنت وحدنا هنا. الوقت مناسب للحديث

غريب:            يا خديجة. دعينا من كل هذا، وتأكدي من سما. إن كانت ما رأته حقيقيا أم مجرد خيال.

خديجة:           قبلها أريد أن أتأكد منك يا غريب

غريب:            (باستغراب) مني؟، وما الذي تريدين أن تتأكدي منه؟

خديجة:           حكايتك

غريب:            (متهربا وبغضب) أووه، أي حكاية يا خديجة؟، دعينا من كل هذا الهراء

خديجة تقترب من غريب وتمسك يده وتسحبه وسط دهشته

خديجة:           (بحدة) أخبرني، والآن

غريب:            قلت لك، ليس عندي حكايات

خديجة:           وسما؟

غريب:            أخاف عليها كما يخاف عليها السيد حامد، كما تخافين أنت عليها

خديجة:           خوفك لا يشبه خوفنا.

غريب:            الخوف كله يشبه بعضه

خديجة:           لكن خوفك ينبئ عن أمر ما تخبئه داخل جوفك

غريب:            لماذا تصرين على أن لي حكاية وأن عندي ما أخبئه، ما ذا تريدين مني يا خديجة؟

خديجة:           ما الذي تراه في سما؟، تحبها؟

غريب:            (مرتبكا) أحبها؟، اكيد، إنها ابنة السيد حامد

خديجة:           فقط، أم أن هناك حبا آخراً تكنه لها

غريب:            (بغضب) أووه، كفي يا خديجة. كأني متهم وأنت القاضي، تبحثين عن تهمة تلصقينها بي.

خديجة:           منذ أكثر من سنة وأنا على يقين أنك تحفر من أجل مبتغى يدور في رأسك. عيني لم تتركك لحظتها، أراقب كل تفاصيل جسدك، لأكتشف ما وراءك. لكن تأكد، لن تكون سما من نصيبك.

غريب:            (بصدمة) ولماذا؟، ما الذي ينقصني لأستحقها؟

خديجة:           هي تكرهك

غريب:            لا يهم

خديجة:           تخطط للزواج منها؟، تتقرب من أبيها لتحظى بها؟

غريب:            ألست أولى من أي غريب آخر؟

خديجة:           ولماذا سما؟

غريب:            ولم ليس هي؟

خديجة:           فكر في غيرها

غريب:            لن أفكر في غيرها

خديجة:           لن تكون لك

غريب:            (بإصرار) لن تكون إلا لي

خديجة:           واهم

غريب:            بل حالم

خديجة:           (بحدة وتحد) سأقف في وجهك، سأمنعك

غريب:            (بتحد) لن يمنعني أحد عنها

خديجة تنظر له باستغراب ودهشة

خديجة:           سأخبر السيد حامد

غريب:            لا تجرؤين

غريب ينظر لها بتحد ويهم بالمغادرة

غريب:            (بتحد) لن يمنعني أحد يا خديجة

تدخل لحظتها سما ترى غريب الذي يرتبك ويبتسم لها

غريب:            كيف صرتي يا سيدتي الجميلة؟

سما:              (بضيق) بخير

غريب:            ستكونين دائما بخير، أعدك

ينظر غريب لخديجة التي تبادله نظرات التحدي، يغادر، ثم تقترب سما من خديجة

سما:              خديجة، يبدو انني كنت أتوهم، لم يكن أكرم موجودا. كنت أتوهم وجوده، ربما المنديل، رائحته، استدعى لي أكرم بكامل هيئته. آنا آسفة

خديجة:           (وهي تربت على كتف سما) لا تعتذري. مهمتي أن أحميك من كل شيء، أنت ابنتي (تتنهد) أنا لم أنجب أطفالا، تزوجت، ولكن رحمي لم يكن تربة صالحة للأطفال. كانوا يموتون أجنة، يخرجون بلا روح. يئس زوجي مني وهجرني. ولكن الله عوضني بك. أنت ابنتي، وإن لم تكوني ابنة رحمي (تبتسم لها وتربت على خذها) لا تعتذري أبداً

سما:              (وهي تضع رأسها على كتف خديجة) وليس لي أم غيرك، لا أتذكر أما إلا انت. لا تتخلي عني يا خديجة. وتحملي غضبي.

خديجة:           أتحمل كل العواصف لأجلك، أتحمل غضبك، أتحمل تمردك، أتحمل كل الناس، لأجلك يا سما.. اهدئي يا حبيبتي. نامي الآن، نامي لتزور نومك أحلام أجمل.

سما:              خديجة

تنظر خديجة لسما

سما:              كيف كان أكرم؟

خديجة:           (تبتسم) لم أعرفه، تغير كثيراً..

تعدل خديجة وقفتها وتواجه سما التي تنظر لها

خديجة:           منذ أعطاني المنديل، رأيت اللهفة في عينيه، ومنذ أن أعطيتك المنديل رأيت الشوق في عينيك. هل كان بينكما حب؟

سما:              (تبتسم) بل قصص حب، أنا لم أخبئ عنك شيئا أبداً. ولكني خبأت حبي لأكرم عنك، خفت أن تمنعيني عنه، ستقولين هو ابن فاكهاني وانا ابنة تاجر.

خديجة:           وما الذي يعيب ابن الفاكهاني؟، ليتك أخبرتني، لكنت حميتك من خوفك من أبيك حتى.

سما:              (بضيق) لا أدري لماذا غادر فجأة، كنت أنتظره عند المكان الذي اعتدنا أن نلتقي فيه، تحت ذات الشجرة، لكنه لم يأت، عشر ليال وأنا أذهب كل ليلة إلى ذات الشجرة ولا أراه، غاب كأنه لم يكن. غاب كأنه حلم أفقت منه. لم يخبرني حتى، لم يودعني.

خديجة:           يبدو أن هناك أمراً أكبر منه جعله يغادر. وإلا لما عاد، عاد بلهفة، شعرت بارتجافة يده وهو يعطيني المنديل.

سما:              ليتني أراه.

خديجة:           وكيف ترينه وبينكما بحر وموج وزبد. كيف ترينه وبينكما سماء شاسعة؟، كيف يا سما؟

سما:              أعرف أنها مجرد أمنيات، ولكن لعل الأمنيات تشفي بعضا من جروح قلبي، وتعب روحي. غن لي يا خديجة، أرغب الليلة في أن أنام وانا بحضنك وأنت تغنين لي.

خديجة:           (تبتسم) وهل هناك أجمل من غنائك

سما:              أحتاج لغنائك الليلة

خديجة:           (تغني) امسحوا عن ناظري كحلَ السُّهاد

وانفضُوا عن مضْجعي شوك القَتاد

يخرجان والغناء متواصل

صوت خديجة:  (تغني) أو خذوا منِّيَ ما أبقيتمُ لا أُحبُّ الجسمَ مسلوبَ الفؤاد [3]

إظلام

المشهد الخامس

تفتح الإضاءة على صالة البيت، ونرى حامد يجلس وحده على الكرسي شارد الذهن ينظر للبعيد وعلى ملامحه التعب. الوقت صباحاً. لحظات وتدخل عليه خديجة تستغرب من وجوده، تقترب منه

خديجة:           سيد حامد

ينتبه لها ويرفع رأسه لها

خديجة:           ما بك، على وجهك حزن وتعب؟

حامد:             (يتنهد) متعب أنا يا خديجة، لم أنم وأنا بالي مشغول

خديجة:           (وهي تقترب منه أكثر) فيمَ؟

حامد:             أتظنين أني ظلمتها؟

خديجة:           سما؟

حامد:             ومن غيرها، لم أنم وأنا أفكر في أمرها، هل ظلمتها؟

خديجة:           لا، ولماذا تسميه ظلما؟

حامد:             لقد انتزعتها من حياتها، من صديقاتها، من أحلامها، وأتيت بها إلى مكان قصي، مكان لا أحد فيه، لا أحلام ولا حياة

خديجة:           وهل تتركها لمصير لا نعرف متى يحين؟

حامد:             صرت أفكر، ربما يكون ما رأيته مجرد أضغاث

خديجة:           وماذا عن تأويل الحلم؟

حامد يبدو يائسا يقوم من جلسته ويتجه ناحية النافذة

حامد:             رأسي صار مطحنة أفكار، لا أدري ما الصحيح وما الخاطئ

خديجة تتجه لحامد

خديجة:           ما فعلته هو الصحيح، أنت أقصيتها عن الخطر.

حامد:             (يتنهد) كما أقصيتها عن الناس. سما كبرت، من في عمرها تزوجن وأنجبن. لولا الحلم لكانت أنجبت لي أحفاداً

خديجة:           هذا قدرها، لكن يمكن أن تتزوج وتعيش هنا مع زوجها وتنجب أطفالاً

حامد ينظر لخديجة وتعتلي وجهه ابتسامة

حامد:             أتظنين أن هناك من سيقبل بالزواج من سما؟

خديجة:           وما الذي يعيبها؟، سما جميلة، فطنة.

حامد:             من سيرضى أن يعيش مقصيا عن العالم؟

خديجة:           ومن يرفض أن يعيش في هذا البيت الكبير الذي يحيطه الماء من كل جانب؟

حامد:             المهم أن تعيش هي بداخله، يحبها وتحبه. يراعيها، أنا لا أعرف متى أغادر هذه الدنيا.

خديجة:           ستعيش طويلا وسترى أحفادها حتى.

حامد:             أرغب في أن أتوسد قبري وأنا مرتاح لأجلها

خديجة وهي ترتبت على كتف حامد

خديجة:           هون عليك يا سيد حامد. ستكون مرتاحا، ثم أن سما في عيني، هي ابنتي.

حامد:             (يبتسم) كم هي محظوظة وأنت معها. وأنا محظوظ لأني أمنتك إياها.

خديجة:           سما روحي، هي هبة الله لي. أخاف عليها من الدنيا وما فيها. لا تقلق يا سيد حامد.. (تستدرك) اليوم ستغادران أنت وغريب؟

حامد:             سأؤجل السفر إلى يوم آخر، سأظل معها اليوم

خديجة:           (تبتسم) وهذا سيفرحها أكيد.

تدخل سما وقد ربطت المنديل على معصمها وفي يدها إبريق سقي النباتات، تنتبه لوجود والدها وخديجة

سما:              أبي، خديجة

خديجة:           صباح الخير يا سما

حامد:             صباح الخير يا حلوتي

سما:              (تبتسم) صباحكما أسعد

تتجه للنباتات بسعادة وهي تسقيها يراقبانها بسعادة

سما:              صباح الخير يا نباتاتي

تسقي النبتات بسعادة ثم تتوقف

سما:              أبي، لماذا لم تفكر في أن تهرب بي إلى مكان غير البحر، غير جزيرة محاطة بالماء. ألا يوجد مكان قصي محاط بالنباتات؟

حامد:             النباتات تربي الأفاعي؟

سما:              النباتات حياة يا أبي، لا يمكن أن يكمن الموت فيها.

حامد:             نباتاتك وحدها، أنت من تعتنين بها، ولا تسمحين لأي موت أن يكمن فيها.

سما:              ليتها تصير بشراً كما أتخيلها، صديقات أحدثهن وأراقصهن واغني معهن. ألا يوجد من يحول لي النباتات لبشر؟

حامد:             نحن معك، ألسنا بشر؟

خديجة:           نكفيك كل البشر يا حبيبتي

سما تحتضن خديجة

سما:              أنت أجمل هبات الله لي.

ينتبه حامد للمنديل على ساعد يقترب منها

حامد:             من أين لك بهذا المنديل؟

سما تقربه من ابيها

سما:              أعجبك؟

حامد:             جميل، لم أره من قبل

سما:              هدية

خديجة:           (تتدخل بارتباك) مني، اشتريته لها..

سما:              نعم، من خديجة، لذا هو قريب من قلبي، لففته على ساعدي لأتذكرها في كل لحظة، حتى لا تغيب أبدا من بالي، أشعر بها مع النبض.

حامد:             لكن خديجة معك دائما، لا تغيب

سما:              غابت، غابت عني لسنوات، أو غيبت لا أدري، لكنها بقيت في ذاكرتي، بقيت فيّ هنا (تشير لصدرها).

حامد:             وكأنك لا تتكلمين عن خديجة

خديجة:           (بارتباك) ومن غيري يا سيد حامد؟

يدخل وقتها غريب، ينتبه لوجود سما يبتسم وينظر لها، لكنها تقابله بتكشيرة

غريب:            صباح الخير يا سيد حامد، صباح الخير خديجة، صباح الخير يا سما.

حامد:             صباح النور يا غريب، كيف كانت ليلتك؟

غريب:            (وهو ينظر لسما) مليئة بالأحلام.

حامد:             عساها خير

غريب:            كلها خير، وليتها تتحقق. وأكيد ستتحقق.

خديجة:           أكيد أنها مجرد أحلام. والأحلام تنتهي بمجرد يقظتنا

غريب:            بعض الأحلام نراها، لكنها لا تنتهي حتى حين نصحو من نومنا. تظل معنا، وكأنها تخبرنا بما سيكون.

سما:              (بأسى) وبعض الأحلام وحوش كاسرة.

حامد:             يكفي الحديث عن الأحلام، لقد سئمت منها، ومن معانيها. سئمت من الكوابيس.

خديجة:           ما رأيكم أن نتناول الإفطار في الخارج، خارج البيت إذا كنت تسمح يا سيد حامد

سما:              (برجاء) أرجوك أبي، اقبل هذه المرة، أحتاج للهواء وزرقة السماء.

حامد ينظر لخديجة وسما ثم يهز رأسه موافقا

حامد:             لأجلك يا سما.

سما تبدو سعيدة جدا

غريب:            (وهو يقترب من حامد) أعتذر يا سيد حامد إن كنت سببت لك الضيق.

حامد:             لا بأس

غريب:            المركب جاهز، هل نغادر بعد الإفطار؟

حامد:             لن نغادر، سنبقى لبعض الأيام.

غريب:            والبضاعة؟

حامد:             أنا تعبت من الترحال وأود أن أبقى مع سما هنا. يمكنك المغادرة وحدك وعد لي بعد أسبوعين.

غريب يبدو عليه الضيق

غريب:            كيف أتركك هنا، ربما تحتاج لأي أمر، سأكون تحت طوعك

حامد:             لا بد أن تعود أنت، فلا يمكن أن نغيب نحن الاثنان.

غريب:            كما تريد.

غريب يبدو عليه الضيق

حامد:             (يهم بالخروج) أنا انتظركم في الخارج.

خديجة:           وأنا سأعد الطعام.

يغادر حامد وخديجة، وتبقى سما وغريب، سما تكمل سقي نباتاتها وغريب يراقبها تنتبه له

سما:              ما الذي يبقيك هنا، لماذا لم تغادر؟

غريب:            أتكرهين وجودي؟

سما:              ربما أكثر من ذلك، وانت تعرف.

غريب:            لا أفهم سر كراهيتك. مع أني أكن لك كل المحبة.

سما:              لا أريد محبتك، فقط تنح عن طريقي.

غريب:            وتكسرين قلبي؟.

سما:              ما فعلته حطم روحي.

غريب:            وما ذنبي أنا؟، هو حلم أبيك.

سما:              وأنت من هيأت له المعنى الذي تريده.

غريب:            بل العارف ولست أنا. أنا لا أعرف للأحلام معاني (يتمسكن) أنت تظلمينني.

سما:              بل أنت من ظلمني وظلم أبي (بغضب) ما الذي تريده مني؟

غريب:            أن لا تبتعدي عن ناظري ابدا.ً

سما:              كيف تجرؤ؟، سأخبر أبي بكل شيء.

غريب:            (يضحك) لن يصدقك، يثق بي أكبر مما تتصورين. سما، انسي.

سما:              لا تشفى ذاكرة المظلوم، يظل جرحها نديا. لن أنسى. وسأبعدك عن حياتنا يوما ما.

غريب يبتسم لها ويغادر وهي تراقبه بغيض، ثم تعود لسقي نباتاتها وهي تردد  

سما:              (بغضب) لن أتركه يفسد حياتي أكثر، تعبت يا نبتاتي، تعبت.

إظلام

المشهد السادس

في غرفة سما، سما تستلقي على سريرها غافية، يظهر فجأة طيف أكرم. يقترب منها ويهمس

أكرم:              (بهمس) سما، سما.

تفيق سما من نومها تنتبه لطيف أكرم، تقوم من نومها بسعادة، يمسك طيف أكرم يدها، يراقصها على أنغام موسيقى. يتوقفان عن الرقص

سما:              اشتقت لك.

أكرم:              وانا أكثر.

سما:              لا تتركني، أحتاج إليك.

أكرم:              وهل يترك العاشق معشوقه؟، حتى لو ابعدتنا المسافات والأزمان، لا يمكن أن أتركك

سما:              إبقَ معي هنا. أو لنغادر معاً، لنرحل عن هذا الجزيرة السجن.

أكرم:              سأبقى معك، روحي ستبقى معك، نبضاتي ستبقى معك، أنفاسي ستبقى معك، كلي معك.

سما:              أريدك لي وحدي، دون غيري. وحدي أنا وانت.

أكرم:              وحدي لك.

سما:              ولا أي أحد يشاركني فيك.

أكرم:              تغارين علي؟

سما:              أغار عليك من الدنيا وما فيها.. “أَغَارُ عَليْكَ مِن عَيْنِي رقيبي // ومنكَ ومِنْ زمانك والمَكَان.. وَلو أنّي خَبّأتُك فِي عُيُوني // إِلَى يَوْم القِيامَة مَا كَفَاني” [4]

أكرم:              أنا عدت من غيبتي لأجلك.

سما:              أحبك يا أكرم، كما أحببتك في الماضي، سأحبك أكثر. أنت من تمنحني بعضا من أمل، وجودك يجعلني أحب الحياة أكثر.

نسمع في هذا الوقت صوت فحيح أفعى، يتزايد الصوت، ينتبهان للصوت يبحثان يمينا ويساراً، نرى صور أفاعي تتحرك على جدران الغرفة، تتكاثر الأفاعي، يمسكان بعضهما البعض خوفا، يبقيان في منتصف الغرفة حتى يبتعدا من الأفاعي التي تتكاثر. يزداد خوف سما التي تصرخ

سما:              (تصرخ بقوة) لااااااااا

إظلام سريع وإضاءة على الغرفة حيث لا وجود للأفاعي ولا أكرم، سما وحدها في الغرفة، مصدومة تبحث يمينا ويسارا

سما:              أكرم، أكرم، أين تركتني.. أكرم لا تذهب، أكرم

تدخل خديجة وعلى ملامحها الصدمة، تتجه مباشرة لسما الخائفة

خديجة:           ما بك يا سما؟

سما:              (بصدمة) أخذوه، كان هنا، وعدني بأن لا يتركني، ولكنهم أخذوه.

خديجة:           من؟، من تقصدين؟

سما:              أكرم، كان هنا.

خديجة:           مرة أخرى يا سما، أنت تحلمين، لم يكن أحد هنا.

سما:              بل كان هنا، وأخذته الأفاعي، أبعدته عني.

خديجة:           حبيبتي يا سما، أنت تحلمين. بيننا وبين أكرم بحر شاسع. كيف سيأتي؟

سما:              أحب أكرم، كلما مر العمر زادت جذوة حبي له، كلما كبرت اشتقت له أكثر.

خديجة:           ليتك أخبرتني، لكنت حميت حبكما من كل العواصف.

سما:              كنا نحلم معا بما سنكون، نعيش معاً قبل أن يغيب عني ويحلم أبي بالأفعى التي تقتلني. فيأتي بي لجزيرة الغياب.

خديجة:           خوفا عليك. ثم لماذا لم يتقدم لخطبتك؟

سما:              خفت عليه، نعم خفت على نفسي وعليه. خفت أن لا تفهموا قدر حبي له. وعدني بأن يخبر والدي ويطلب يدي، لكنه غاب دون أن يودعني.

خديجة:           (تتنهد) بل أجبر على الغياب.

سما:              (بدهشة) ومن أجبره؟.

خديجة:           لا أعلم، هناك من أجبره وأجبر والده على مغادرة المدينة.

سما:              أيكون أبي؟.

خديجة:           ولمَ يفعل ذلك؟.

سما:              ليبعدني عنه، ربما يكون الحلم مجرد خدعة، صدقناها لأكون بعيدة عن أكرم.

خديجة:           (غير مستوعبة) لا أصدق، لا يفعلها.

سما:              بل فعلها، متأكدة أنه عرف بقصة حبي لأكرم، فأراد إبعاده عني.

خديجة:           حبيبتي لا تظلمي أباك.

سما:              بل هو من ظلمني، هو من حطم قلبي، وحوله لشظايا. هو من غيبني عن الناس.

خديجة:           خوفه عليك.

سما:              ممَ؟، من الحلم الكذبة؟

خديجة:           إهدئي أرجوك، سنفكر سوية كيف نعرف الحقيقية. لكن أرجوك، لا تُغضبي أباك.

سما:              (تبكي) لماذا يفعل بي كل هذا؟، لماذا؟. أي أب قاس هو.

خديجة:           لا يا حبيبتي، لا تقولي ما يسيئ عن أبيك.

سما:              ليت الأفعى تقبض روحي فأنا ما عدت قادرة على التحمل. لست قادرة على تحمل السجن والخوف، والبعد عن أكرم. هاتوا لي أكرم.

إظلام

المشهد السابع

في صالة البيت، حامد يبدو في ضيق وبجانبه خديجة

حامد:             هل انت متأكدة؟

خديجة:           نعم، الأمر أبسط من أن يقلقك.

حامد:             كيف لا يقلقني؟، لقد تركت كل شيء خلفي لأقضي الوقت معها، وهي تقابلني بوجه عابس. وكأني ارتكبت جرماً.

خديجة:           هكذا هن البنات، يتغنجن على آبائهن. هي وحيدتك يا سيد حامد ومن حقها.

حامد:             وأنا من حقي أن تقابلني بابتسامة، بصباح الخير كما تقابل نباتاتها، أن تقبل رأسي كما يفعل الأبناء لآبائهم. لا أن تعبس في وجهي.

خديجة:           ستأتيك معتذرة أكيد، وتقبل رأسك ووجنتيك.

يتنهد

حامد:             صرت أشعر بالأسى أكثر، بالذنب، بالندم.

خديجة:           سيد حامد، هل لي بسؤال؟

حامد ينظر لها بنظرات إيجاب، خديجة ببعض الحيرة

خديجة:           هل قصة الحلم حقيقية؟

حامد:             لم أفهم، أتعنين..

خديجة:           (تقاطعه) لا أعني شيئا، ولكن.. ربما يكون الحلم مجرد حلم ككل الأحلام التي تزور مناماتنا دون أن يكون لها مغزى.

حامد:             والعارف؟، هو من أخبرني بتأويل الحلم.

خديجة:           ربما..

تصمت قليلا

حامد:             ربما، ماذا، ما بك يا خديجة

خديجة:           لا شيء يا سيد حامد.

يدخل في هذه اللحظة غريب وهو يلهث، ينتبه له حامد ويقف

غريب:            (وهو يلهث) سيد حامد.. مصيبة.

حامد:             (مصدوما) سما؟، ما بها؟..

غريب:            ليست سما، وإنما..

حامد:             (يقاطعه بحدة) أخبرني يا غريب.

غريب:            مركب، يقترب من الجزيرة على وشك الرسو.

حامد:             من يتجرأ على الرسو في جزيرة حامد، هذه الجزيرة لي، ملكي.

غريب:            علينا أن نطردهم.

خديجة:           ربما هم بحاجة لمؤونة، ماء، اعطوهم ما يريدونه.

يغادر حامد غاضبا ويغادر خلفه غريب، خديجة تبدو قلقة، تقترب من النافذة وتطل، تدخل عليها سما مستغربة

سما:              ما الذي يحدث؟

خديجة:           (وهي عند النافذة) مركب غريب يقترب من الجزيرة.

سما:              ما الغريب؟، ليست المرة الأولى التي يرسو فيها مركب ضل الطريق.

خديجة:           سيستطلع والدك الأمر مع غريب.

سما:              لا أدري لماذا يهول غريب الأمور. قد يحتاجون لمعونة فقط؟.

تقترب أكثر من النافذة، ثم تطل

خديجة:           (تربت على كتفها) سما، لا يصح ما تفعلينه، كيف تعبسين في وجه أبيك.

سما:              لأن الفكرة تلاحقني، تسيطر علي، بدأت أصدقها وأؤمن بها.

خديجة:           أبوك لا يستحق. ما يفعله كله لأجلك. أنت لا تدركين كيف يخاف الآباء على أبنائهم، كيف تذوب قلوبهم خوفا عليهم. حين تتزوجين وتنجبين طفلا، ستدركين خوفه.

سما:              أتزوج؟، تسخرين مني يا خديجة.

خديجة:           لا أسخر، سيأتي اليوم الذي تتزوجين فيه وتنجبين أطفالاً.

سما:              مجرد حلم، وقد يكون بلا تأويل.

يسمع صوت حامد في الخارج

صوت حامد:     تفضل من هنا، حياك الله

ملامح الاستغراب على وجه سما وخديجة، لحظات ويدخل حامد ومعه أكرم وغريب، أكرم يبدو أنيقا كتاجر كبير.

حامد:             تفضل هنا، لا يصح أن تعود أدراجك دون أي ضيافة.

تنتبه سما لأكرم فتقف مشدوهة دون حراك.. يقترب حامد منها

حامد:             هذي ابنتي سما (يشير لخديجة) وهذي مربيتها خديجة.

يبتسم أكرم لسما بينما خديجة تبدو مذهولة فقد عرفته

أكرم:              مرحبا سيدتي.

يراقب غريب أكرم كمن يعرف ملامحه، يبتسم حامد لأكرم

حامد:             تفضل، يمكنك الجلوس هنا (يشير لكرسي، ثم لخديجة) خديجة، أحضري الشاي للضيف.

خديجة لا تتحرك، بل تظل على ذهولها وصدمتها، ينتبه لها حامد

حامد:             خديجة، ما بك، خديجة.

تنتبه خديجة، وتغادر وهي تراقب أكرم الذي ما يزال مبتسما ينظر لسما

حامد:             ها أنا أسمعك، قلت أنك تعرفني وجئت لي بتجارة.

أكرم:              نعم يا سيد حامد، سألت عنك، ولم أجد لك أثرا في المدينة، فجئتك إلى هنا. لدي مراكب، وأعرف أن لك تجارة تنقلها عبر البحر، فإن رغبت فمراكبي تحت يدك.

غريب يقف ولا يبدو أنه على ما يرام، يراقب أكرم بقلق بالغ، بينما سما تنظر لأكرم وهي مذهولة وتردد همسا وهي تمسك بالمنديل المربوط على ساعدها

سما:              (بهمس) أكرم، أكرم.. هو أكرم

حامد:             (يبتسم) كأنك تعرف أني أبحث عن مراكب.

أكرم:              نعم، لذا أتيتك، عابرا البحر إليك.

تدخل خديجة وفي يدها صينية فيها أكواب شاي ويعلو ملامحها الارتباك، تقدم الشاي لحامد وأكرم بينما غريب يقف مراقبا الوضع، تبتعد خديجة وتقترب من سما، تنظر لسما التي ما تزال تردد اسم أكرم. تمسك يدها

حامد:             اتفقنا.

غريب يقترب وهو يحدق في ملامح أكرم، حامد يستغرب من تصرف غريب

غريب:            (لأكرم) كأني أعرفك.

أكرم:              (مبتسما) أكيد تعرفني. أتنسى هذا الوجه؟، أنا لم أنسك ما حييت.

حامد:             (باستغراب) تعرفان بعضكما البعض؟.

غريب:            يبدو أنك سرقت أو حصلت على كنز لتمتلك مراكب.

أكرم:              بل عملت بجد، حتى أصبح كما تراني.

حامد:             أنا لا أفهم شيئا (لأكرم) من تكون؟.

أكرم:              (بكل ثقة) أنا أكرم، ابن الفاكهاني خضر. أنسيته؟

حامد:             (كأنه يتذكر) خضر، تذكرته. أبوك اختفى من السوق ولم يعرف أحد أين غاب؟، هل هو بخير؟

أكرم:              بخير، ويملك دكانا كبيرا للفاكهة.

غريب:            (بغيظ) وما الذي أعادك؟.

أكرم:              تجارة بيني وبين السيد حامد. بين تاجرين، ألديك اعتراض؟.

غريب:            (غاضبا) نعم يا ابن الفاكهاني، عليك المغادرة الآن.

أكرم:              (بهدوء تام) ولماذا؟، أتطردني ثانية من بيت سيدك؟، (لحامد) أيعقل أن أطرد بيتك يا سيد حامد؟.

حامد:             (غاضبا لأكرم) من تكون لتطرد ضيفي؟

غريب:            أكون غريب، يدك اليمنى، أنا أحميك من هذا الغريب، أحميك من ابن الفاكهاني الذي جاء مدعيا أنه تاجر، هو مجرد ابن فاكهاني.

أكرم:              نعم، أنا ما زلت ابن الفاكهاني خضر، ولن أتغير. لكني لست كما كنت يا غريب.

غريب:            (غاضبا) غادر الجزيرة، (لحامد) سيدي لا تصدقه، إنه كاذب، لا بد أنه جاء ليسرقك.

حامد:             ما سر تحاملك عليه؟، هل بينكما عداء؟.

أكرم:              ليس بيني وبين أحد عداء، هو من عاداني وعادى أبي، هو من طردنا وهددنا إن لم نغادر المدينة؟

حامد وسما وخديجة يبدون مصدومين

أكرم:              غادرت خوفا على أبي منك، غادرت المدينة التي ولدت فيها وعشت فيها وأحببت فيها (وهو ينظر لسما)، ستخبر السيد حامد عن سبب طردك لنا؟

غريب:            (بغضب متزايد) قلت لك غادر الآن.. غادر.

أكرم:              لن أغادر قبل أن يعرف السيد حامد، وسما وخديجة كل شيء.

حامد:             وما دخل سما وخديجة؟

أكرم:              لأن سما، هي سبب طردنا، وتشريدنا، لولا الله لكنا متنا جوعى. غريب طردنا من أجل سما.

ترفع خديجة يدها لأكرم حتى لا يكمل

غريب:            كنت أحميها.

حامد:             تحميها؟، ممَ، أنا لا أفهم شيئا، ما علاقة ابنتي بك، وما علاقة غريب بالأمر؟.

أكرم:              (وهو ينظر لسما) كنا نحب بعضنا يا سيد حامد، وكنت أنوي أن آتيك طالبا يدها، صحيح أني كنت فقيراً، لكني أعرف عنك طيبة قلبك.

حامد:             (مصدوما) تحبها؟، وأنا لا أعرف (ينظر لسما) أكان بينكما حب؟

تنزل سما رأسها خجلا

أكرم:              كان حبا طاهرا، نقياً.

غريب:            ومن تكون لتحبها؟، هي سما .. وأنت ..

أكرم:              أكرم ابن الفاكهاني، والآن التاجر أكرم بن خضر.

غريب:            لن يغير الأمر شيئا، لن تطالها.

حامد:             (مصدوما) وما شأنك يا غريب؟، هي ابنتي. أنا من أقول نعم أو لا، أنا من أرضى أو أرفض (خديجة) أتعرفين بكل هذا، تخبئين عني هذه القصة؟.

خديجة:           للتو عرفتها يا سيد حامد.

ينظر حامد لسما التي تبكي

سما:              أحببته يا أبي، أحببته. كنت أريده زوجا وحبيبا ورفيقا. لكنه غاب، لم أكن أعرف سر غيابه، والآن انكشف كل شيء.

تقترب من غريب

سما:              ما الذي تريده مني؟

غريب:            أن أحميك، من كل ما في هذه الدنيا.

سما:              ولماذا؟، من أعطاك الحق لحمايتي. من تكون لتحميني؟. أنا متأكدة أنك سبب وجودي هنا، سبب حبسي وسجني ووحشتي.

غريب:            (بغيظ وغضب) نعم أنا، أنا ما أقنعت والدك بأن يأتي بك إلى هنا، حتى لا يراك أحد سواي، أنا وحدي.

حامد يبدو مصدوما، يسنده أكرم

غريب:            أنا من اقترحت عليه أن يعزلك عن الأفعى.

سما:              ليس هناك من أفاعي، يبدو أنها كذبة صدقها والدي.

غريب:            نعم، صدقها، أنا من قلت للعارف أن يخبره بتأويل حلمه، أنا من أقنعته بأن يبعدك عن العالم.. سما أنت لي وحدي. لن يأخذك أحد مني.

حامد:             (مصدوما) ما الذي تقوله؟، أي وقاحة تحملها، كيف خدعتني كل هذه السنين، كيف صدقتك؟.

غريب:            لأنك تحب، ولأنك تخاف، ومن يحب يصدق. تحبها وتخاف عليها، لذلك صدقتني.

يهجم حامد على غريب، لكن غريب يمسك بسما ويخرج خنجره ويضعه على رقبتها، يتوقف حامد مفزوعا، كما يبدو على أكرم الخوف

غريب:            (بغضب) إن اقتربت سأقتلها؟

سما:              (وهي مرعوبة) ابتعد عني.. اتركني

غريب:            أتركك؟، أنت لي يا سما، لي وحدي، لن أسمح لهذا الحقير أن يمسك، أن يأخذك مني.

أكرم:              اتركها، من يحب لا يؤذي، إذا كنت تحبها، لا تؤذها.

خديجة:           (بخوف) أرجوك يا غريب، اتركها لا تؤذها، إنها سما.

غريب:            (يبكي) سما حبيبتي، سما التي كانت لا تفارق عيني، اريدها لي وحدي. سأكون أنا زوجها.

حامد:             (برجاء) اتركها يا غريب، سما لا تستحق منك هذا.

غريب:            أعلم، هي تستحق الأفضل. تستحق أن تحيا أحسن حياة، مع زوج مثلي، وليس مثل ابن الفاكهاني.

حامد:             وهل تظن أنها سترضى بك وأنت تهددها؟، هل تظن أنها سترضى بك وأنت سبب تعاستها، سبب وحشتها كل هذا السنين، هل سترضى بك وأنت من حرمتها من حبها؟

غريب:            أنا أحبها، وأعرف أنها تحبني، كما أحبها، وسترضى بي (لسما) تحبينني يا سما، أخبريهم أنك تحبين غريب.

سما:              (بصوت مبحوح وغريب يمسكها) لم ولن أحبك، أكرهك. وجهك يذكرني بمأساتي، صوتك يذكرني بخوفي ووحشتي. لا أحبك ولن أحبك.. (لأكرم) أحب أكرم، لم أنسه يوما أبدا. لم أنس صوته ووجهه ودفء يديه.

أكرم:              وأنا أحبك يا سما، جئت عمدا لأطلب يدك من أبيك، بحثت عنك لسنوات حتى وجدتك، ولن أتركك (لحامد) أتسمح لي يا سيد حامد أن أطلب يد سما منك.

حامد:             وهل الموقف مناسب؟

أكرم:              مناسب جدا. سأحميها، حتى من حلمك. لأنه مجرد حلم لا معنى له.

غريب:            والأفعى؟، ستموت بلدغتها، كيف تخون الحلم؟.

خديجة:           وهم، مجرد وهم. لم نعد نصدقه.

غريب:            ليس وهما، ستقتلها الأفعى، كما رآها حامد في حلمه، أتريدون قتلها؟.

حامد:             أنت من ستقتلها بجنونك. اتركها يا غريب، وتعال لنجلس ونتفاهم، لا يصح ما تفعله.

يشدد خناقه على رقبة سما التي تحاول المقاومة

غريب:            بل يصح، لن تأخذها مني، لن تحميها مثلي، أنا من حميتها لسنوات، لن أتركها لك، غادر، غادر الآن.

خديجة:           (برجاء) أرجوك يا غريب، اتركها، أنت تؤلمها

حامد:             سأعطيك أي شيء تريده، فقط اترك سما، اعطيك كل ثروتي، فقط اتركها، لا تؤذها أرجوك يا غريب.

أكرم يهم بالهجوم على غريب الذي يلوح بالخنجر لأكرم

غريب:            إن اقتربت سأقتلها واقتلك

حامد:             لا، ابتعد يا أكرم، اتركه. حسنا، أنا.. موافق على أن تتزوجها، لكن اتركها

سما في مقاومتها تهز رأسها سلبا

خديجة:           كيف خدعتنا يا غريب، كيف لم أصدق سما حين أخبرتني عنك، كيف لم أصدق حدسها، وكراهيتها لك. أوهمتنا بالطيبة؟

حامد:             (يبكي برجاء) يكفي يا غريب، قلبي سيخرج من قلبي خوفا على سما، أرجوك.

أكرم:              اتركها يا غريب

غريب:            بل انت اتركنا يا ابن الفكهاني. كانت حياتنا أجمل قبل أن تظهر لنا، كان المر سيطول كثيرا، نعيش كما نحن، سأنتظر، وأنتظر، لن أمل من الانتظار، ستقبل بي، سترضى عني فأنا خلاصها.

أكرم يحاول الاقتراب من غريب بهدوء بينما سما تبدو منهكة وعيناها تنهمر دموعا وقواها بدأ تخور

غريب:            أحبك يا سما، أحبك وسأقف في وجه أي أحد يمنعني عنك.

يهجم أكرم على غريب لإنقاذ سما منه، يمسكه لكنه يغرس السكين في كتف سما التي تسقط على الأرض، تهرع خديجة وحامد بصدمة لها، بينما يمسك أكرم غريب، تنزف سما

حامد:             (بخوف) سما، حبيبتي سما.

خديجة:           سما (لغريب) ما الذي فعلته؟

أكرم يقبض على غريب وعليهما ملامح الخوف والصدمة وهما يريان سما تنزف

غريب:            ما الذي فعلته، بسببك قتلتها، بسببك أنت.

سما:              (وهي متألمة وتتنفس بتسارع) أبي أنا بخير، مجرد جرح وسيبرأ، المهم أن تبرأ روحي من جراحها، أبي، سامحني لأني قسيت عليك، صدقت شكوكي.

حامد:             أنت سامحيني، اغفري لي ما فعلته، اغفري لي تصديقي للوهم.

غريب:            ليس وهما، إنه الحقيقية التي تحاولون تكذيبها، أنتم تقتلونها.

حامد:             صدقتك وصدقت عرافك الكاذب. لكني الآن عرفت من الأفعى التي ملأت حياتنا فحيحا.

خديجة:           نعم هو الأفعى، هو الشر كله.

غريب:            بل أنا الخير كله، أنا الذي كنت أحميها، لتكون لي وحدي. أنتم الأفاعي التي تتربص بها.

تظهر على جدران القصر أشكال من الافاعي التي تتحرك بسرعة، يسمع صوت فحيح أفاعي يتصاعد، يبدو على الجميع الخوف خاصة حامد، الذي يكسر خوفه، ويأخذ الخنجر الذي سقط في الأرض، ويطعن غريب طعنة في بطنه.. فجأة تتوقف أصوات الفحيح، وتختفي الأفاعي من على الجدران

حامد:             موتك رحمة، حياتك تعاستنا، لا بد أن تموت أيتها الافعى.

غريب:            (متألما) لماذا يا سيد حامد، أنا أحب سما، من سيحميها بعدي؟، الأفاعي تسعى في كل مكان. ستلاحقكم جميعا، كلكم. سيتحقق الحلم أكيد.

يتألم أكثر ويسقط ميتاً وهم يراقبونه يسقط، يرمي حامد الخنجر من يده، ويتجه لسما التي تتألم من إصابتها، يمسكها، أكرم يقترب منهم

أكرم:              لماذا لا نأخذها للطبيب؟، أو أذهب لإحضار الطبيب إلى هنا.

خديجة:           سنأخذها من هنا، لا بد أن يراها الطبيب.

أكرم:              احمليها، ساعده يا سيد حامد، مركبي جاهز.

حامد يقف ويواجه أكرم

حامد:             لن تذهب للطبيب.

خديجة:           ولماذا يا سيد حامد؟، لا بد أن نأخذها للطبيب.

أكرم:              هل هناك مشكلة يا سيد حامد؟، ستتركها هنا؟، إنها تتألم

حامد:             (بحدة) قلت لن تغادر.

سما تحاول أن تقف، تساعدها خديجة، تقف وتمشي بتوعك واضح، تقترب من أبيها

سما:              ولماذا لا أغادر؟. أنا مصابة يا أبي.

أكرم:              سنغادر كلنا.

حامد:             لن تغادر سما، ستبقى هنا، في هذا البيت.

أكرم:              ولماذا؟

خديجة:           لم تبقَ؟

سما:              أبي، كل شيء انكشف، لماذا أبقى هنا.

حامد:             (بخوف) أخاف عليك، ما أزال أرى الأفاعي تسعى، أخاف أن تموتي يا سما.. أخااااف.

إظلام

نهاية المسرحية

26/08/2024


[1]  من موشح زمان الوصل للسان الدين الخطيب

[2] من قصيدة لابن سهل الأندلسي

[3] ابن هانئ الأندلسي

[4] الشاعرة حفصة بنت الحاج الركونية

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑