يرى أن غياب المرأة مسبب لمراوحة المسرح السعودي مكانه
عباس الحايك: ليس هناك أزمة نص مسرحي
حسين الجفال-جريدة القبس 2011/02/17
تبدأ سيرة المسرح في السعودية بسؤال يتكرر دائماً: لماذا تغيب المرأة، وبعدها تتوالى الأسئلة بلا نهاية، عن تراجح الحضور والغياب في الداخل والخارج، وعن البيئة المحلية التي تحاصر باشتراطاتها حدود الممارسة وأبعادها.
عباس الحايك، كاتب وناقد مسرحي من جيل ما بعد التسعينيات، يحدثنا في هذا الحوار عن هواجس وأمنيات الجيل الجديد في السعودية، وعن انشغالاته الثقافية والكتابية التي حملته الى اصدار مجلة ثقافية الكترونية بعنوان سماورد.
هل صحيح أن غياب المرأة عن خشبة المسرح يجعل من المسرح السعودي يراوح مكانه؟
– مشكلة المسرح السعودي لا تكمن وحدها في غياب المرأة، صحيح أن الغياب سيؤثر في نوعية العروض المقدمة، ولكن هذا الغياب مرده إلى قصور الحرية خاصة في المسرح، فوجود المرأة على الخشبة مواز لمستوى الحرية المعطاة للمسرح في السعودية، بينما لغيابها غياب لقضايا اجتماعية وسياسية ممنوع على المسرحيين تناولها، فيضطرون الى التحليق في فضاءات بعيدة ويتغربون بمسرحهم دون أن يقتربوا من الهم العام.
ولا أرى أن غياب المرأة مسبب لمراوحة المسرح السعودي مكانه، فالمسرحيون السعوديون خاصة من الجيل الجديد، يجتهدون لتجاوز هذا الغياب بالاشتغال على عروض مسرحية نوعية وإن غابت المرأة عنها.

مفاهيم إبداعية
مجلة سماورد التي أصدرتها أخيراً لمْ تجيّ.رها لبلورة مفاهيمك الإبداعية بين السينما والمسرح؟
– ربما لأن السينما والمسرح ليسا وحدهما شاغلي، فأنا مهتم بالأدب بأشكاله، والدراما، والتشكيل، ولأني مررت عليها جميعا بالممارسة وإن كان في نطاق ضيق. ثم اننا أردنا لسماورد أن تكون مشروعا ثقافيا شاملا بعيدا عن التأطير، وهذا ما جعلني أبحث عن شركاء من مجالات مختلفة، فلدينا الشاعرة، والنحات، والقاص، والناقد، والمصمم.
كما أني سأجد صعوبة في إشراك مسرحيين مثقفين معي في مشروع مجلة مسرحية، لأني أعتقد أن الذين يكتبون على مستوى محلي وخليجي في المسرح كمقالات أو بحوث قليلون ولا يمكنهم رفد مجلة فصلية بمواد تحقق الاستمرارية.
حلم صعب
هل بالإمكان قيام مهرجان مسرحي على مستوى الوطن العربي في السعودية؟ وهل يدعم ذلك الوعي المسرحي لدينا؟
– هو حلم صعب التحقق، فكيف يمكن فرض تغييب المرأة على الفرق المسرحية العربية؟ كيف يمكن القبول بهذا الشرط الاستثنائي لأجل مشاركة في مهرجان عربي في السعودية؟ حتى المهرجان المسرحي الخليجي صعب التحقق، إذ ها هو يمر بكل الدول الخليجية عدا السعودية.
هذا يؤثر بطبيعة الحال في المسرح السعودي وعملية الاحتكاك مع التجارب العربية، فالمسرحيون العرب لا يعرفون من المسرح السعودي سوى تلك الصورة النمطية عنه، التي كرسها المسرحيون في السعودية بدعوى الخصوصية.

نصوص متوافرة
ندرة الكتاب في المسرح هل يشكل أزمة؟
– لا أؤمن بنظرية الأزمة، أو ندرة كتاب المسرح، فموقع «مسرحيون» مثلاً، يحتوي على آلاف النصوص المسرحية وهذا ما يعني أن النص متوافر، كما أن المكتبة العربية لا تخلو من نصوص تنشر وتطبع سنويا، لكن الأزمة الحقيقية هي أزمة وعي وفكر، وأزمة ثقافة، فالمخرجون تنقصهم أدوات اختيار النص الجيد، وكيفية التعامل معه، وكيف تتولد الرؤية الاخراجية من كلمات مكتوبة. أكثر المخرجين يتعاملون مع النص المسرحي بنوع من التعالي، فيرون أنهم أعلى من أفكار المؤلف وعلى هذا الأساس يعملون.
روح شبابية
عدت من المهرجان المسرحي الخليجي الذي أقيم في قطر، كيف وجدت العروض وهل حقا استحقت قطر كل هذه الجوائز؟
– مجمل العروض جيدة، وقد تكون متقاربة المستوى، وإن كانت بعض العروض قد برزت على غيرها في مستوى النص، أو السينوغرافيا، أو الأداء. شخصيا، انشددت للعرض الكويتي «تاتانيا» للمخرج عبد العزيز صفر، لأنه يجسد الروح الشبابية بامتياز. كنت أجد فيه عرضا متكاملا ويستحق الجائزة الأولى، لأن الأداء كان جماعيا مبدعاً، والمخرج قدم رؤية إخراجية مدهشة لنص مكتوب ببراعة من الكاتب بدر محارب. كل العناصر تضافرت لتحقق لهذا العرض جماله. وقد أدهشتني نتائج المهرجان وحصول العرض القطري «مجاريح» على الجائزة على حساب العرض الكويتي.
تأسيس واع
هل تؤيد عودة المسرح للمدارس كي تسهم في تأصيل ذائقة مسرحيين قابلين للخلق في المستقبل؟
-غياب المسرح في المدارس كما كان في الماضي غير مبرر، فالتأسيس لجيل واعي ذي ذائقة في تلقي المسرح والفنون بعمومها، لا يأتي سوى بالتربية المسرحية التي تبدأ بالمدارس ومن الصفوف الأولى. غاب المسرح لفترة عن مدارس السعودية، فصارت ذائقة الجيل تلفزيونية لأنها كانت استعاضة عن المسرح.
ما إشكاليات المسرح السعودي؟
– قائمة طويلة من المشكلات التي تواجه المسرح السعودي، قد يصعب تعدادها بإجابة عن سؤال، هي تحتاج إلى تفصيل أكثر، وإلى عمل بحثي، فالاجتماعي يشتبك مع الفني مع السياسي مع الأيديولوجي في ما يعانيه المسرح السعودي من مشكلات.
ولكن يمكن تلخيصها بغياب الإستراتيجية الرسمية للنهوض بالمسرح، فجمعية المسرحيين التي كانت كبصيص أمل للمسرح في السعودية، قصرت عن المشاركة في تحريك الفن المسرحي لأنها بدون موازنة تسمح لها بالتحرك والعمل. ووجود بنية تحتية من صالات مسرحية يحتاجها المسرحيون المتطلبون والذين يعتبرون الخشبة أساس العمل المسرحي. وقس على هذا النوع من المشكلات، لتكوّن تلك القائمة الطويلة جدا.
اترك تعليقًا