قصص الأطفال وتحفيز الخيال

%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d8%b1%d8%b3%d8%a9-1

شاركت قبل أسابيع في ورشة تمثيل مسرحي لفتيان بين 9-15 عاماً، كان دوري في الختام أن أقدم لهم مفاتيح لقراءة النص للممثل وكيفية التعامل مع الأحداث والشخصيات. وكنت أفكر في تقديم أمثلة من حكايات وقصص عالمية معروفة على الأقل في زمننا وبقيت في وجداننا، كوننا اعتدنا على قراءتها أو مشاهدتها على التلفزيون أو سمعناها من أمهاتنا وجداتنا بطريقة سرد مختلفة. كانت المفاجأة أن ما يقارب الـ18 فتى لم يسمعوا عن سندريلا ولا حكايتها. قلت ربما هي حكاية فتاة وليسوا مهتمين بها كفتيان، ضربت أمثلة من حكايات أخرى ولا أحد منهم سمع عنها. أخبرني مدربهم أنه جرب أيضاً ولكن لم يفلح. ساعتها اكتشفت أن أطفالنا بات خيالهم محدوداً جداً ولا يملكون خيالاً جامحاً، ولا يملكون شغفاً للحكايات والقصص، فالبدائل سحبت البساط من قصص ما قبل النوم وقصص الجدات. هذه الشريحة العمرية باتت مشغولة بألعاب الفيديو وأجهزة التابلت ومقاطع الفيديو التي صارت تحصر تلقيهم في مساحة شاشة الهاتف الجوال أو الآيباد. حتى التلفزيون نفسه هجره الأطفال فلم يعد يشدهم فيه أي برامج أو قناة. فكل ما يريدونه متاح على الهواتف الذكية.

القصص والحكايات التي كنا نقرؤها في طفولتنا، أو كنا نسمعها من أمهاتنا أو جداتنا، ليست مجرد ترف لا طائل منه، بل هي وسيلة توعوية وإرشادية وتعليمية وحتى أن الله سبحانه وتعالى ضرب الأمثال والقصص في القرآن الكريم لتكون عظة للناس. لذا يشدد علماء نفس الطفل في أبحاثهم على العودة لقص الحكايات على الطفل وتعويده على الاستماع إلى قصص ما قبل النوم. حيث يقول الدكتور جي. ريد ليون لموقع بيرنتسParents  أن “الأبحاث أكدت أن استخدام التفاعل اللفظي مع الأطفال من قبل الآباء والأمهات والمربين عبر قراءة القصص، يحقق مقداراً أكبر مما يتعلمه الطفل من أي وسيلة أخرى”، فالطفل حينما يصغي للقصص التي تروى له، فإنه يُمنح فرصة كبيرة لتحفيز ملكة الخيال لديه، فالطفل لا يتلقى فقط في هذه الحالة، بل هو شريك في القصة من خلال أسئلته واستفهاماته ومحاولته الفطرية للبحث عن سيناريوهات مختلفة للقصة التي يسمعها، والتعديل على حبكتها وشخصياتها.

وإضافة لأهمية قراءة القصص للأطفال لتحفيز الخيال، فإنها تمكنهم لغوياً خاصة إذا كانت القصص التي تروى باللغة العربية الفصحى، وستمدهم بحصيلة لغوية جيدة، وتساعد القصص أيضاً في مساعدة الأهل في تربية الطفل عبر القيم التي تقدمها القصص والدروس السلوكية التي يمكن للطفل أن يلتقطها ويمارسها دون تدخل من أحد. كما أن القصص يمكنها أن تقوي ثقة الطفل بنفسه وتمكنه من التعبير عن ذاته بشكل جيد بفعل الحصيلة اللغوية والقيمية التي يمتلكها من القصص.

شغف أطفال اليوم بألعاب الفيديو ومقاطع اليوتيوب لا يمكن أن يكون بديلاً عن قراءة القصص للطفل، فالعديد من الآباء والأمهات يوكلون عملية التعليم والإرشاد لمواقع الفيديو ليوفروا جهدهم مع أطفالهم دون أن يدركوا أنهم يخسرون طفلاً يملك خيالاً وقدرة على التعبير.

نشر في دريدة الاسبوعية الصادرة عن شركة أرامكو فبراير 2017

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: