المشهد الأول
المسرح عبارة عن محطة قطار، غرفة انتظار بجانبها عمود إنارة، وخلف المحطة مقبرة بأرضيتها المعشبة الخضراء وبالشواهد الحجرية، وعلى اليمين غرفة حارس، تفتح إضاءة المسرح، نسمع صوت خطوات أرجل تقترب من خشبة المسرح ممزوجة بصوت موسيقى جنائزية، يدخل مجموعة من الأشخاص يرتدون بدل رسمية وهم يحملون تابوتا، يمرون به ويخرجون به إلى الطرف الآخر من المسرح، لحظات ونسمع الخطوات ذاتها لكن بشكل غير منتظم تختلط مع صوت ضحكات وأحاديث عابرة غير مسموعة.. تدخل المجموعة من نفس المكان، وقد خلعوا معاطفهم، وكأنهم خرجوا من حفلة، يتحدثون، يضحكون، ثم يغادرون المسرح، نسمع ضحكاتهم من خارج المسرح
إظلام
المشهد الثاني
نسمع صوت وصول حافلة، ثم فراملها، فتح أبوابها، غلقها، ثم مغادرتها، يضاء المسرح على نفس المنظر السابق، ولكن نرى في غرفة الحارس حارس يرتدي ملابس عسكرية وقبعة عسكرية، وفي غرفة انتظار الحافة يجلس رجل عجوز يتوكأ على عصا (ناظم)، وبجانبه شابة في الثلاثينيات (شروق)، وبجانبها رجل ستيني يجلس رافعا صدره بجلسة عسكرية (سليمان) وتجلس بجانبه سيدة في الخمسينيات (إيمان) لكنها سيدة تبدو جميلة وشعرها مصفف بأناقة، والمشترك بين الجالسين أنهم كلهم يرتدون ملابس بيضاء على شكل كفن يلفهم. يجلسون دون حراك، حتى الحارس يقف مكانه دون حراك، نسمع خطوات شخص يركض في الخارج متجها للمسرح، يدخل ياسر الشاب في نهاية العشرينيات، وهو يصرخ
ياسر: توقف، توقف.. انتظرني
يصل لنهاية المسرح والموجودون جميعا يراقبون حركته بحركات متوازية، وبشكل تعبيري.. يصل ياسر لنهاية طرف المسرح، يضع يده على رأسه متأسفا
ياسر: (محبطا) كيف غادرت الحافلة؟، أنا للتو تمكنت من الخروج. لم أستطع الخروج إلا بعد أن أهالوا التراب على الجسد وغادروا (يصرخ) هيه، انتظروني، سأذهب معكم، لا تتركوني هنا
ينتبه للأشخاص الذين ينتظرون في غرفة الانتظار
ياسر: لا بد أنهم مثلي لم يتمكنوا من اللحاق بالحافلة.
يقترب من غرفة الانتظار، يقف منتظرا، لكن الأشخاص المنتظرين حتى الحارس يبقون متجمدين بلا حركة
ياسر: لم هم ساكنون، جامدون، لا يتحركون؟ أيكونون موتى، أيكونوا مجرد أجساد قذفتها المقبرة أجسادا ليس إلا؟..
يقترب من الرجل العجوز، يلوح بيده أمام عيني الرجل لكنه لا يرمش، ثم ينتقل إلى الشابة ويلوح لها، يبتسم
ياسر: (وهو يطالع وجهها) ما أجملها، لكنها ساكنة بلا روح. الأجساد بلا أرواح، لا معنى لها، جميلة كانت أو ذميمة.
يقترب من الرجل الستيني
ياسر: له هيبة، يشبه القادة. ولكنه جسد بلا روح، فلا مهابة للجسد الميت.
يقترب من السيدة الخمسينية
ياسر: أنيقة أنت، رغم التجاعيد التي تزين وجهك المشرق.. (يتنهد) لماذا لستم أرواحا مثلي لنحكي ونحكي.. نعالج ساعات انتظار الحافلة بالكلام
يجلس على الأرض محبطا..
ياسر: لا أدري أين أنا الآن، هل أنا في معرض للأجساد الميتة؟، أم هي محطة الحافلة.. كنت أظن أن حافلة الأرواح ستأخذني من هنا سريعا، لكنها غادرت ولم تنتظرني..
يقوم ويتجه للحارس
ياسر: سيدي الحارس، يا سيدي الحارس.. قل لي أرجوك، لم هذا السكون؟.. حتى أنت ساكن بلا روح. في أي عالم أنا؟، أليس هو عالم الأرواح.. ألم أترك جسدي هناك في المقبرة؟، أم أنني أتوهم؟، أرجوكم أجيبوني
بيأس يهم بالعودة للجهة التي دخل منها للمسرح
ياسر: لقد سئمت سأعود إلى المقبرة، وأسكن ذات الجسد مرة أخرى، حتى تأتي حافلة أخرى تقلني
يهم بالخروج من المسرح فنسمع صوت حافلة قادمة، ثم فرامل، فجأة يقوم الأشخاص من سكونهم ويتوجهون لجهة الحارس ليخرجوا من المسرح، يصدم ياسر بما يحدث ويتجه إليهم، لكن الحارس يمنعهم من الخروج بهراوته
ناظم: ستغادر الحافلة مرة أخرى
سليمان: ما الذي تفعله، في كل مرة تمنعنا من صعود الحافلة.. ما قصتك؟
إيمان: (للحارس) يا رجل، ألا يكفيك انتظارنا الطويل هنا؟
ياسر: أنتم تتكلمون، أنتم أرواح إذا ولستم مجرد أجساد
تبعده شروق دون أن ترد عليه
شروق: (للحارس) هييه أنت، إلى متى ستبقينا منتظرين، خمس حافلات مرت وانت تمنعنا بهراوتك اللعينة من صعودها، ما حكايتك؟
ياسر: خمس حافلات، خمس انتظارات.. ولم كل هذا؟
الحارس: الأمر ليس بهذه السهولة يا سيدتي، تعرفين القانون
ياسر: قانون؟، وهل في عالمنا الجديد قانون ايضا؟
الحارس: ابقوا في أماكنكم.. هيا، هيا ..
يلوح لهم بالهراوة يبتعدون عنه ويجلسون في غرفة الانتظار، ثم نسمع الحافلة تغادر، ياسر يتجه للحارس
ياسر: غادرت، غادرت الحافلة
الحارس: انتظر معهم..
ياسر: وحتى متى أنتظر؟
ناظم: طويلا، ستنتظر طويلا حتى يأذن لنا بالصعود
ياسر: طويلا؟، ولمَ، المسألة ليست بهذه الصعوبة، فقط يفسح لنا الطريق لنصعد
إيمان: ثمة قوانين تمنعه من السماح لنا بكل هذه السهولة
ياسر: ولم نحتاج لقوانين في عالم الأرواح. القوانين للأجساد. الأرواح لا بد أن تكون حرة بلا قيود ولا قوانين
سليمان: إذا كان هناك قوانين، فمن حقه أن يتصرف وفق هذه القوانين، لكن لا بد أن يكون للقوانين استثناءات
شروق: لا استثناءات، إذا كان سيطبق القوانين، فلا بد أن تطبق علينا
سليمان: أنت تعرفين من أكون، لم علي الانتظار مثلكم
شروق: لأنك مثلنا، كلنا هنا سواسية. لا فرق في هذا العالم بيني وبينك وبينك وبين السيد ناظم ولا السيدة إيمان.. ولا هذا الجديد علينا.. ما اسمك؟
ياسر: ياسر، وأنت أيتها الجميلة
شروق: شروق
ياسر: جميل اسمك، وانت كالشروق والله
تنظر له باستغراب، لكنه يستدرك
ياسر: ما الحكاية يا شروق، لماذا كل هذا الانتظار، ولماذا يمنعنا الحارس من صعود الحافلة؟.. حين أهالوا التراب على جسدي، قلت أخيرا سأعود.. فالمنفى أنهكني
إيمان: كلنا قلنا أخيرا.. أخيرا سنعود بعد منفى
ناظم: أنا أنهكتني الحياة، وأنهكني الانتظار في عالم الارواح (يتنهد) كأننا ضللنا الطريق
ياسر: وهل ستظلون تحت رحمة هذا الحارس وهراوته؟، يمكننا أن نقف في وجهه ونمنعه
سليمان: لن تتمكن منه، الرجل يملك السلطة هنا، والقوة، بينما لا نملك نحن سوى الانتظار
ياسر: أريد أن أفهم ما القوانين التي تمنعنا من المغادرة بالحافلة، ولماذا تصمتون على قوانين تقيدكم وأنتم أحرار
إيمان: (باستغراب) أحرار؟، ومن قال أننا أحرار؟، القيد يمتد من الخطوة الأولى في الحياة إلى الخطوة الأولى في العالم الآخر. لا حرية.. ولسنا أحرار
شروق: أنت جديد على هذا العالم، ستعتاد الانتظار، وتعتاد قوانين الحارس، ولكن سينتهي الأمر وتغادر
يتجه ياسر للحارس الذي يضع الهراوة بينه وبين ياسر
ياسر: قل لي بالله عليك، ما الذي يحملك على منعنا من صعود الحافلة، هذه الحافلة الثانية تمر وتغادر
الحارس: القوانين، ونحن بلد القانون، كل شيء هنا يمر بالقوانين.
ياسر: ولكننا في عالم آخر ولسنا في عالم الأجساد، عالم لا يشبه عالم القوانين
الحارس: أنا هنا سيد القوانين، أنا من يضعها وعلى الجميع تنفيذها
ناظم: أنت مجرد حارس، هل لك أن تدلنا على من عينك حارسا على المقبرة؟
شروق: أنت تمنعنا من أن نغادر المقبرة وكأنك تملك مصائرنا
سليمان: اتركوه لي، سأتفاهم معه أنا أفهم هذا النوع من الناس، فأنا كنت مثله. ضابطا كبيرا
إيمان: جربت مرارا ولم تفلح في أن تقنعه بالسماح لنا
الحارس: لا تتعبوا أنفسكم، قلتها مرارا.. لا تتعبوا أنفسكم
ياسر: أنا لا أفهم ما الذي يدور هنا. كنت أفترض أن بمجرد أن يدفن الجسد وأخرج منه أكون قادرا على العودة للبلد الذي تركته عنوة.
ناظم: كلنا مثلك افترضنا، لكن يبدو الأمر لا كما كنا نظن.
ياسر: والحل؟
إيمان: الانتظار
ياسر: وإلى متى؟
شروق: حتى يرأف بنا ويسمح لنا بصعود الحافلة..
ياسر يبدو متململا يتأفف
سليمان: (وهو يربت على كتفه) أنتم الشباب تملون بسرعة، ستعتاد الانتظار
ياسر: (وهو ينظر لوجه سليمان) كأني أعرفك، التقيك في عالم الأجساد، حتى يدك التي وضعتها على كتفي أعرفها، أشعر بها
سليمان: أنت مخطئ، لا أظن ذلك..
يتجه سليمان للحارس
سليمان: متى ستسمح لنا بالمغادرة يا رجل؟
الحارس: الإشارة، أنتظر الإشارة..
إيمان: أي إشارة تلك يا رجل؟، لقد سئمنا من الإشارة التي تتحدث عنها.. إرأف بنا يا رجل ودعنا ننصرف.
الحارس: ولماذا العجلة؟، انتظري معهم.. ستأتي الإشارة وتنتهون.
ناظم: طيب، أريد أن أعود للمقبرة، لا أريد المغادرة ولا اريد الإشارة، هل يمكنني العودة؟
الحارس: لا، أنتم اخترتم، منذ اتيتم هنا الى عالم الأجساد. واخترتم أن تبقوا هنا بين بين.. واخترتم أن تغادروا بدل أن تسكنوا المقبرة أرواحا تحلق فوق الأجساد.
ناظم: من قال أننا اخترنا، نحن لم نختر من نكون، وما سنكون. لم نختر أن نحمل أعمارنا في حقائب سفر ونأتي إلى هنا
شروق: لم نختر أن نبدل جلودنا لنتعايش مع مكان لا يشبهنا، صرنا نكذب ونجامل
إيمان: لم نختر أن نترك ذاكرة محملة بالصور لنأتي إلى هنا، ثم يكون مصيرنا أرواح محبوسة
الحارس: لن يطول الحبس، ستخرجون حين تأتي الإشارة
ناظم: (بضيق) إشارة، إشارة.. أي إشارة تقصدها؟
الحارس: انتظروا وستأتي الإشارة
ياسر: لم التق رجلا مثله في حياتي، شخص مخبول
الحارس: لست مخبولا، ثم أنك التقيت من أكثر مني صرامة وجلافة.. تذكر؟
ياسر: يبدو أنك مطلع على حياتي؟
الحارس: (يشير لياسر بالهراوة) وماضيك، وماضيكم كلكم.. اعرفكم جيدا.. فلكل واحد فيكم حكاية مسجلة في دفتر الأسرار.
شروق: وأين دفتر الأسرار هذا؟، هل مكتوب فيه كل شيء، مكتوب فيه ما عانيته من مصائب؟
الحارس: نعم، كل شيء، مكتوب فيه حكايتك منذ الطفولة وحتى سجي جسدك في التراب.
ناظم: وأنا؟، أتعرف عني كل شيء؟
الحارس: كل شيء، أعرف كيف مت؟
ناظم: قضاء وقدر.
الحارس: متعفنا في بيتك الذي لم يزرك فيه أحد، ولا يعرفك أحد حتى جيرانك. لم يفتقدوك، لم يشعروا بغيابك الطويل.. لكن عفن جسدك دلهم عليك.
ناظم: (بحزن) وحيد كنت، من سيدري إن كنت حيا أو ميتا؟.. لم يعد لي أصدقاء ولا أهل، وحدي كنت أعيش بين جدران بيتي لا أسمع فيه صوتا لأحد، ولا أبصر وجها لأحد.. سنوات طويلة وأنا بلا تفاصيل صغيرة تصنع يومي، لا أصدقاء مقهى، ولا جيران ألقى عليهم التحية.
الحارس: ربما لأنك اخترت المكان الخطأ.
ناظم: والزمن الخطأ.. كل شيء خطأ، تاريخي، ومستقبلي، طريقة موتي، وحتى الانتظار الطويل هنا، انتظار الإشارة.
ياسر: (للحارس) وهل لدفتر الأسرار علاقة بالإشارة المنتظرة؟
الحارس: الإشارة ستفتح الدفتر، سنقرأ فيه تاريخكم.. ونعرف سر وجودكم، سر موتكم.. واسرارا خبأتموها.
ياسر: ستجردنا حتى من الأقنعة التي نرتديها؟
الحارس: هنا الأمر يختلف، في عالم الأجساد يمكنك أن تضع ألف قناع.. أنا هنا.. فلا أقنعة تفيد
تقترب أصوات خطى قادمة، أصوات تقترب من المسرح.. فجأة يأخذ كل واحد منهم مكانه ويتجمدون، ياسر يجد نفسه محتارا مما يحدث، يخاف ويهرب ويقترب من إيمان الواقفة ويقف بجانبها، ويجد نفسها متجمدا بلا حراك، ساكنا مثلهم.. يدخل نفس الأشخاص في بداية المشهد وهم يحملون تابوتا وهم يرتدون ملابس أنيقة.. يمرون من بداية المسرح لنهايته ويخرجون.. عينا ياسر تراقبهم وهم يمرون دون أن يتحرك جسده.. حين يخرجون تتحرك عيناه باتجاه من معه ينتظرون، كأنه يراقب المكان.. لحظات ونسمع صوت ضحكات وهمهمات، يدخل الأشخاص ثانية وهم على غير حالتهم، خلعوا معاطفهم، يدخنون، يضحكون، بعضهم في يده زجاجات شراب.. يترنح واحد منهم سكرانا.. يخرجون من المسرح وياسر يراقبهم بعينيه.. ثم نسمع صوت حافلة تتوقف، تفتح أبوابها، تغلقهم وتغادر.. لحظات
ياسر: (يصرخ) الحافلة.. الحافلة عادت وغادرت ثانية.. الحافلة، هيا بنا لنلحق بها .. هيا
الحارس: لم تأت الإشارة بعد.
ياسر: اللعنة على إشارتك.. متى تأتي هذه الإشارة؟
الحارس: قريبا.. لكن لا أدري متى
شروق: يا سيدي، الأمر يتطلب انتظار.. فقط نغادر هذه المقبرة، فلنا أرواح تترقب زياراتنا، تترقبنا منذ سنوات
الحارس: لا يترقبك أحد يا شروق، أنت امرأة منسية
شروق: (بغضب) ليس صحيحا ما تقوله
الحارس: لست أنا، بل دفتر الأسرار
شروق: دفتر أسرارك كاذب، يخترع قصصا عنا
الحارس: حتى موتك؟
شروق: وما به موتي؟.. مجرد موت، لا فرق بين موت وموت، الفارق فقط في كيفيته.
الحارس: لو أنك مت في بلدك، لأخرجوك من قبرك وصلبوك.. لكنك هنا بلا أحد، بلا ذاكرة، منسية، ولن يذكر أحد اسمك.. مجرد رقم ضمن أرقام ضحايا
ياسر: (لشروق) وكيف متي؟
شروق: مغتصبة.
تبدو الصدمة على وجه ياسر
شروق: وصرت مجرد رقم في كشوفات الشرطة. رقم في قائمة ضحايا مجرم بغيض تمرس في اغتصاب الفتيات وقتلهم، وحظي أني مررت به مرة، فاشتهاني.
سليمان: (يكمل) ولم يعدم.. لأن قوانين الدول المتقدمة لا تعدم حتى القتلة.
شروق: نعم، هو يقضي فترة سجنه الآن، هو حي، بينما أنا وغيري من فتيات اغتصبهن في عالم الأرواح (بحزن تتنهد) لم أكن أنتظر مصيرا كهذا المصير، لم أترك بلدي لأكون رقما في قائمة ضحايا.
إيمان: مثله مثل كل الرجال، لا يرون فينا سوى أجسادا مشتهاة.
ناظم: (معترضاً) ليس لهذا الحد يا إيمان. لا تكوني قاسية علينا نحن الرجال.
إيمان: لا تختلفون أبدا.. أنت وأنت (تشير لياسر وسليمان) وحتى انت (تشير للحارس).
ياسر: لا شأن لي في الأمر، أنا كل ما أريده أن أغادر المقبرة.
سليمان: أنا فقدت الرغبة في النساء.
إيمان: لأنك بلا جسد.. مجرد روح. وأنا متأكدة أنك لم تختلف حين كنت بعالم الأجساد. وربما كنت ممن مروا على جسدي.
سليمان: (غاضبا) هيه أنتِ، أنا لا اقبل هذا الاتهام.. أنا لست من هذا النوع من الرجال.
ياسر: (وهو ينظر لسليمان) أنا متأكد أني أعرفك.
سليمان: وأنا لا أعرفك، ولم أرك يوما، لا تتوهم.
يسمع صوت خطوات ركض قادمة من جهة المقبرة، ينتبهون لها، ثم يعودون لأماكنهم ويسكنون، حتى ياسر يأخذ مكانا وتجمد حركته، الحارس يأخذ مكانه أيضا .. يدخل أنس الأربعيني صاحب الجسد الرياضي، وهو يرتدي ذات القماش على هيئة كفن، يصل لمنتصف المسرح، يبدو مفزوعا، ينظر يمنة ويسرة، يبحث وهو يلهث، يتابعه ياسر بعينيه، يجلس أنس على الأرض منهكا، ثم يصرخ
أنس: (يصرخ) أين أنا؟.. أين أنا؟
إظلام
المشهد الثالث
نسمع صوت حافلة قادمة، فرامل، تتوقف، يفتح الباب، يغلق الباب، وتغادر الحافلة، يضاء المسرح على ذات المنظر والمجموعة ومعهم أنس يتكتلون في مواجهة الحارس الذي يرفع عليهم هراوته.
شروق: حافلة أخرى، أتت وغادرت ولم تأخذنا معها.
الحارس: الإشارة لم تصل.
أنس: (للحارس) ما هذه الإشارة التي تتحدث عنها؟، حافلة تأتي وحافلة تغادر ونحن ننتظر الإشارة. ما حكايتك؟
سليمان: قوانين.. قوانين يا إبني.
ناظم: ليتنا متنا في بلداننا، لكنا غادرنا.. بالعلاقات والوساطات والمحسوبيات.
ياسر: لا يؤمنون هنا بكل هذا.
إيمان: لا تصدق، هم أيضا يمارسون ما نمارسه لكن بمسميات أخرى. اسألني، مر بي مسؤولون، وتحت غواية جسدي مررت توصيات. هم يختلفون عنا، أنهم لا ينكشفون بسهولة، فهم يقنعونها بأقنعة عدة. هم بارعون في التخفي.
أنس: (وهو يقترب من إيمان) هل صحيح أنك كنت تعملين …
إيمان: (تقاطعه) نعم، كنت
أنس: يا خسارة، لم ألتق بك في عالم الأجساد.. تبدين جميلة .. ومشتهاة
ناظم: (بغضب يلوح بعصاه) عيب يا رجل، ترفع عن هذه الأمور، فما نحن سوى أرواح.
إيمان: ألم أقل لكم.. لا تختلفون
سليمان: (لأنس) من أين أتيت أنت لتعزز فكرتها عن الرجال؟.
أنس: (ببرود) من المقبرة. مثلكم تماما
ياسر: المهم، ما الذي أتى بك إلى هنا؟.
أنس: مت، ببساطة.
ناظم: الله يرحمك.
ياسر: أقصد كيف مت؟
أنس يشير لياسر بأن يقترب منه، يقترب ياسر من أنس
أنس: (بصوت هامس) جرعة زائدة
ياسر: (بصوت عال وبدهشة) مخدرات؟
أنس: أصص، فضحتنا.. نعم، مخدرات، ولكن جرعة زائدة قتلتني.
ناظم: ما الذي استفدته الآن من تعاطيك للمخدرات؟.
أنس: لا شيء، مت.
شروق: ببساطة؟
أنس: نعم ببساطة أيتها الجميلة، ما اسمك.
ياسر: (وهو يبعده عن شروق) اسمها شروق
يفلت أنس من ياسر ويقترب من شروق
أنس: اسمك يشبهك، شروق.. (يمد يده لها ليصافحها) أنا أنس، رياضي سابق وميت في الوقت الحاضر.
شروق: (وهي تبعد يدها عن يده) رياضي وتتعاطى؟
أنس: الظروف، أحيانا تكون أقسى من قدرتنا على تحملها، فنهرب.. وأنا هربت بالتعاطي.
ناظم: لا ترمي خطأك على الظروف.
أنس: ولماذا أيها العجوز؟، إذا كانت الظروف فعلا هي ما دفعني لذلك. ثم لماذا تحاسبني على ما فعلت في عالم الأجساد؟. هنا في هذا العالم لا خطايا.
الحارس: ولكن هناك دفتر أسرار، حياتكم مكتوبة فيه، يجيب على كل الأسئلة
أنس: وحتى أوجاعنا مكتوبة، خيباتنا؟
الحارس: كل شيء، لم يفلت الدفتر أي تفصيل صغير
ياسر: (يهمس لأنس) وفيه من الفضائح الكثير..
سليمان: (للحارس) هل أنت متأكد أن حتى أسرارنا مكتوبة فيه؟
الحارس: (يهمس لسليمان) مكتوب عنك كل شيء، من تكون، وكيف جئت إلى هنا، كيف زورت..
سليمان: (وهو يضع يده على فم الحارس) ستفضحنا يا رجل
إيمان: أيها الحارس؟، متى ستفرج عنا؟ أرجوك أنا مللت، فقط أغادر هذا المكان الذي احتضن جسدي وأرى كل من أحبهم هناك، حيث تركت تفاصيل عمري وحكاياتي؟
ناظم: الإشارة لم تأت بعد يا سيدتي.
إيمان: سننتظر طويلا؟، هل هناك من يحمل سيجارة؟
ناظم: سيجارة؟، من أين لنا بالسجائر في عالم الأرواح يا سيدة إيمان؟.
إيمان: أشعر بالرغبة في تدخين سيجارة، فأنا مللت الانتظار.
أنس: (يقترب منها) يمكننا أن نقضي الوقت في الحديث.. (يشير للبقية) نتركهم ينتظرون وحدهم، ونحن معا
إيمان: (وهي تدفعه) كنت أنتظر الموت كل يوم لأتخلص من هذا العمل المقرف، ولا رغبة لي في الحديث مع رجال (تنهره) ابتعد.
شروق: (لأنس) ابتعد عن السيدة رجاءً.
أنس: حسنا، سأبتعد.. هل يمكن أن أقترب منك أيتها الجميلة المشرقة؟
شروق: أنت لا تيأس، ابعدوه عنا رجاءً
سليمان يقترب من أنس ويبعده عن شروق وإيمان
سليمان: إن لم تبتعد، سأعلقك رأسا على عقب.
ياسر: (كم يتذكر) كأني سمعت هذه الجملة، ليست غريبة علي.
الحارس: هل يمكن أن تتوقفوا عن الثرثرة حتى أغفو قليلا، فربما جاءت الإشارة وأتخلص من وجودكم هنا
ناظم: إذا كانت الإشارة ستأتي، فسنصمت.. (يضع يده على فمه).
ياسر يقترب من سليمان
ياسر: من أنت؟
سليمان: اسمي سليمان، لم أقل لك اسمي؟
ياسر: لا أدري، لكن كل شيء فيك يذكرني بأحد أعرفه، صوتك، مشيتك، يدك حتى.. أعرفك لكن لا تحضرني الذاكرة.
سليمان: (بنوع من الارتباك) لا أظن أننا التقينا، أنا في هذا البلد من سنوات طويلة، هاجرت ودرست هنا.. وعملت..
الحارس: (يقاطعه) دفتر الأسرار لم يذكر ذلك، كن صادقا يا رجل.. وإلا ستخسر فرصة الصعود إلى الحافلة. كن صادقا أيها الضابط سليمان
سليمان: وما الذي يدعوني لأن أكون صادقا، من حقي أن أخفي ما اريد إخفاءه. وأعلن ما أريد إعلانه، أليس من حقي؟
الحارس: في عالم الأرواح، لا حق لك بإخفاء أي تفصيل عن حياتك، فكل شيء مكشوف. نحن عرفنا عن السيدة إيمان، وعن أنس وعن شروق. لكنك تخفي من تكون بالضبط.
سليمان: أنا هربت لأخفي الماضي كله. ولست مستعدا لأن استعيد الذكريات التي دفنتها.
ناظم: وما نفع إخفاء حياتك السابقة، كلنا هنا مكشوفون؟، نحن عراة من كل شيء. كلنا لنا حكايات كنا نخاف أن نخبر الناس بها، حكايات كنا نلمها في حقائب ونرميها في البحر.
إيمان: وهل هناك من هو مثلي؟، يسمونني عاهرة، لكن لم يعرف أحد كيف وصلت تلك العاهرة إلى أن يستباح جسدها لكل من هب ودب. يستباح لدرجة أن لا تشعر بذلك الجسد المنتهك. هذا تاريخي، هذه حكايتي ولا أخجل أن أعلن عنه، أكرهه وألعنه، وألعن الساعة التي فكرت أن اترك بلدي، اترك طفولتي، وأهلي ظنا أنني سأجد الأمان.
الحارس: (يصفق) جميل، جميل يا إيمان. أنت تستحقين أن تصعدي الحافلة.
أنس: هل يمكنني الصعود للحافلة إن أخبرتكم بكل شيء عني؟.
الحارس: أن تخبرنا بصدق.
أنس: وهذا ما فعلته، أخبرتكم بكل شيء عني، بموتي.
الحارس: وحياتك؟
أنس: كلها مكشوفة، جئت أبحث عن حياة جديدة، بعد أن وجدت الطريق مسدوداً.
ناظم: كلنا كذلك، وكل من في المنافي كذلك. وجدوا سدا يمنعهم عن رؤية النور.
أنس: أنا رياضي، ولكني كنت مقيدا، كطائر بلا جناحين.
ياسر: وأنا كذلك، بلا جناحين ولم نكن نملك قدرة على التحليق. فكرت في أن أحلق ذات مرة، لكن لم أحلق عاليا، لأن ثمة يد أمسكتني، وحفرت قبري (يتجه لسليمان) يد تشبه يدك.
سليمان: وما شأني أنا بك.
شروق: (للحارس) أيها الحارس العزيز، أنا اشتقت لروح أمي، فدعنا نغادر.. لسنا بحاجة لكل هذا الكشف. لسنا بحاجة لأن نعرف حكايات بعضنا البعض. لماذا تصر على أن تبقينا، لتتداعي الحكايات؟.
الحارس: الإشارة تأتي بالتداعي، بالكشف يا شروق.
شروق: هل يعني أن نتعرى تماما أمامك لتأتي إشارتك؟.
الحارس: يروق لي ذكاءك يا شروق. وإن كان ذكاؤك لم يسعفك في الماضي، فخسرتِ حضن أمك.
شروق: هل إشارتك تعني أن تنكأ جراحنا؟
الحارس: نعم، فالإشارة تأتي حين تتحررون من كل شيء، من الماضي، من أفكاركم من أوجاعكم.. الحافلة لا تستوعب حمل ثقل كل هذا، تحمل الأرواح الخفيفة.
شروق: لكن الماضي مؤلم. لا أريد أن أسترجعه.
الحارس: لن يكون لك مكان في حافلة الأرواح.
ناظم: ما الضير أن نتخفف.. دعونا نرمي كل ما يثقلنا كأرواح على هذه الأرض ونرحل، فالمنافي موجعة، تركنا الأجساد هنا فلندع الأرواح تسكن أوطانها.
سليمان: أنا لا أريد. لا أريد أن أتذكر الماضي.
أنس: أنت لا تتذكر ولكن ترمي حملك، لتغادر. ألم تسأم من الغربة والمنفى؟.
سليمان: لم تقتلني سوى الغربة. سوى الكمد الطويل.
ياسر: هل كان ثمة قيد منعك من التحليق؟.
سليمان: بل وجوه ووجوه كانت تلاحقني، أحلامي صارت كوابيس، كنت أظن أني أهرب منها لكنها لاحقتني حتى هنا.
إيمان: ليتنا نعرف حكايتك، ونعرف سر خوفك من الانكشاف..
ياسر: (بغضب) لأني أعرف سره، أعرف من يكون.. أعرف وجهه جيدا.
سليمان: أنت أحد الوجوه التي تلاحقني إذاَ.
ياسر: أنت اليد التي منعتني من التحليق.
يبدو الجميع مستغربين من هذا الانكشاف
إيمان: من تكونا…؟
ياسر: (وهو يشير لسليمان) المحقق
سليمان: (وهو يشير لياسر) المعتقل ياسر؟
صوت حافلة قادمة، فرامل، ينتبهون للصوت، تنفتح الأبواب، تغلق وتغادر
الحارس: (وهو يلوح بهراوته) لم تأت الإشارة بعد
إظلام
المشهد الرابع
يضاء المسرح على نفس المنظر.. يجلسون جميعا في غرفة الانتظار بينما الحارس يقف وهو يسجل في دفتره
سليمان: (وهو يضع يده على كتفه) كانت مهمتي، مصدر رزقي، وظيفتي، استلم راتبي ومكافآت مجزية كلما انتزعت اعترافا من معتقل.
ياسر: بل تنتزع كرامته.
سليمان: للكرامة مقابل أكثر.
ياسر: كيف كنت تنام؟.
سليمان: ومن قال أني أنام؟، كل الكوابيس التي تزور منامي تجعلني أخاف النوم. صدقني يا ياسر لم أكره أحدا، ولم أفعل ما فعلته عن رغبة.
ياسر: لذا هربت؟.
سليمان: نعم، هربت حتى أتطهر من الكوابيس، لكن حتى هنا لاحقتني. لذلك مت حزنا.
أنس: لو كنت مثلك لانتحرت. كيف أعيش عمري ملاحقا من كل الوجوه التي آذيتها؟.
إيمان: ربما لم يكن يملك الشجاعة مثلي، أنا انتحرت لأطهر جسدي من القذارة الذي التصقت به، قذارة بعد قذارة. هل فكرت أن تنتحر؟.
سليمان: فكرت، اشتريت مسدسا، وضعت فيه رصاصة واحدة. قلت واحدة تكفي لتخترق رأسي، ضغطت الزناد، لكن الرصاصة لم تخرج.. خفت من فكرة الموت، فكرة ألا أعود إلى عالم الأجساد.
ياسر: تخاف؟، هل تملكك الخوف؟
سليمان: ككل الناس؟، تملكني الخوف، من وجوهكم، من الموت، من المرض. أعترف أني لست شجاعا.
الحارس: جميل.. جميل، الاعتراف انكشاف.
ناظم: أنا أيضا لم أكن شجاعاً. فبقيت حبيس البيت، حبيس مخاوفي، حبيس ذكرياتي.
سليمان: (لياسر) هل تسامحني يا ياسر؟
ياسر: أسامح؟ (تتنهد) نعم أسامح، لن أحمل معي اضغاني، فالقلب تنهكه الأضغان. أنا اريد أن أتخفف، أصير روحا شفافة. أريد أن أعود لوطني روحا تحلق في سمائها من جديد.
سليمان: ربما مسامحتك تخفف من ثقلي، ربما أتخفف من كل ما يمنعني من صعود الحافلة.
الحارس: يقول دفتر الأسرار، أن القائمة طويلة.. والوجوه كثيرة
سليمان: ما الذي تعنيه؟
الحارس: ستنتظر الإشارة طويلا
سليمان: ولم أنا وحدي؟
الحارس: ومن قال؟
إيمان: ما الذي تعنيه؟، أنحن أيضا؟، أيقول دفتر الاسرار أننا نمتلك ما لم يقال؟
الحارس: كلكم..
ناظم: لا أملك ما يقال.
الحارس: وأنت يا شروق؟
شروق: أخبرتكم حكايتي.
الحارس: ولكن الحكاية ناقصة.
شروق: لا تستحق أن تسرد. مجرد حكاية فتاة أحبت بكل صدق. أعطت كل ما تملك ظنا أن حياة أجمل تنتظرها.
إيمان: يبدو أنك ضحية رجل أنت الأخرى. الرجال بلا رحمة.
أنس: عدنا لذات الأسطوانة، أيتها الجميلتان رفقا بنا. فالرجال يستهويهم الجمال.
إيمان: (بغضب) أي جمال.. أتخدع نفسك؟
شروق: ليس كل الرجال بلا رحمة، بعض الرجال لا يملك شجاعة المواجهة. حبيبي، واحد منهم، لم يستطع مواجهة اختلافنا.
ياسر: فهجرك.. ذات الحكاية.
شروق: بل أنا من هجرته، فلست ضعفا يتحجج به.
إيمان: قوية أنت. لا تنتظرين رجلا تكونين مجرد ظله.
شروق: ما المشكلة في أن نختلف؟
أنس: ولا مشكلة في أن نتفق.
ناظم: الاختلاف طبيعي، التضاد يصنع الجمال.
سليمان: والألوان تخلق المعنى.
شروق: (تبكي) إذا لماذا لم يخلق اختلافنا معنى، لماذا لم يصنع جمالا يبهر أمه وأهله، ويبهر أمي، أمي التي وضعتني بين سندان حبها ومطرقة حبي له. فانتصر السندان
إيمان: وانتهت حكايتك؟
شروق: حكايتي انتهت يوم اغتصبت. كنت أظن أن الهروب من السندان خلاص.
ياسر: تطول الحكايات. ونبقي نبحث عن تفاصيل. التفاصيل التي توجع.
شروق: (للحارس) ألا يكفي؟
الحارس: برافو شروق.. برافو
شروق: أريد أن أحلق فوق قبر أمي، نلتقي هناك، في بلاد هجرتني حينما هجرتها، غادرتني حين غادرتها. أرجوك.
إيمان: اغلق دفتر الأسرار واستدع إشارتك لنغادر المنفى. أرجوك أيها الحارس.
يقف ناظم ويقترب من الحارس
ناظم: أتتسلى بنا أيها الحارس؟
سليمان: لم تبق لنا ما نخبئه من أسرار، انكشفنا، ألا يكفي؟
أنس: أريد أن أعود، أن أزور بيت طفولتي، أن أعانق أرواح احبتي فتظللنا غيمة بلادي.. يا رجل أفسح لنا الطريق لنغادر.
ياسر: ألم تأت الإشارة بعد. فقد سئمنا الانتظار..
إيمان: دعنا نذهب أرجوك.. أرجوك أيها الحارس.
الحارس: أيتها الأرواح الضالة. الأسرار لم تكتمل، ودفترها ما زال يستوعب الكثير من الاسرار.
ياسر: مع كل الأسرار التي أهرقناها على أرض هذا المنفى؟
إيمان: أليس ثمة سر أبشع من أعلن لك بأني عاهرة.
سليمان: وأنا ضابط بشع كان يتفنن بتعذيب المعتقلين.
شروق: وأنا حبيبة هاربة
أنس: وأنا مدمن.. ألا يكفي؟.
ياسر: وأنا الذي فقدت كرامتي في معتقل عفن.
ناظم: وأنا الهارب من كل شيء، من ذاتي، ومن خيباتي.
يسمع صوت الحافلة قادمة، تقترب
أنس: جاءت..
ياسر: وصلت الحافلة، ولا بد أن نغادر الآن.
سليمان: افسح الطريق وإلا انتزعت أسنانك
إيمان: دعنا نمر.. دعنا نصعد الحافلة
تقترب الحافلة أكثر وأكثر، نسمع صوت الفرامل.. ثم صوت الباب يفتح
شروق: وصلت، وصلت.. هيا فلا وقت لنا لمجادلة حارس الأسرار هذا ..
أنس: سنصعد الحافلة وإن لم ترض
الحارس: لن تصعدوا، فما زالت هناك أسرار لم تكتب.. ما زالت الإشارة لم تأت..
ياسر: اللعنة على الإشارة التي لم تأت
شروق: لن اقف هكذا، سأصعد للحافلة..
تتحرك باتجاه الخارج لكن تجمد حركتها، إيمان تلحقها فتجمد حركتها، تجمد حركة الجميع.. يدور الحارس عليهم واحد واحدا وهو ينظر لوجوههم وأجسادهم الساكنة. ويقف مواجها الجمهور وفي يده الدفتر، دفتر الأسرار
الحارس: لم تأت الإشارة بعد
يتجمد الحارس، ويدخل الأشخاص وهم يرتدون معاطفهم السوداء لكن دون تابوت هذه المرة، يخلعون معاطفهم ويعلقونها على رؤوس سليمان وياسر وأنس وإيمان وشروق وناظم، وآخرهم يضع معطفه على الحارس، يطلقون ضحكات، تختلط الضحكات وتتقاطع مع صوت الباب يغلق ثم تغادر الحافلة.
إظلام
انتهت في فبراير 2022
اترك تعليقًا