من المسرح الاجتماعي
الشخصيات:
سارة: مطلقة تعيش مع أمها الستينية، ناشطة اجتماعية.
أم سارة: ستينية، تقضي نهاراتها أمام النافذة تراقب ما يدور بالخارج.
الخطابة أم سلمان: خطابة، على خلافات مع زوجها بسبب عملها في الخطابة.
أم نواف: ربة بيت وأم لعدد من الأولاد، تتعرض للتعنيف من قبل زوجها.
أمل: متزوجة شابة، تهوى التصوير ولكن تعاني من عدم وجود أماكن للتصوير، وتعاني من تسلط زوجها.
أميرة: معلمة متزوجة تشتكي من زوجها الذي ليست لديه شخصية.
المشهد الأول
المنظر: شقة سارة وأمها، شقة في عمارة، على اليمين الباب الرئيس للشقة، أثاث متوزع في الشقة، في الوسط نافذة بستارة، وكرسي وطاولة صغيرة بجانبها، تجلس أم سارة على الكرسي وهي ترتشف القهوة وتراقب الشارع، وعلى اليسار مدخل الغرف. الوقت مساءً. يسمع صوت طرق الباب بشدة. تترك أم سارة القهوة، وهي مفزوعة، تدخل سارة المسرح بفزع، تقف في وسط المسرح تؤشر لأمها باستغراب، مع تزايد الطرقات على الباب.
سارة: مين؟، أيش صاير؟.
أم سارة: والله ما أدري يا بنتي، شوفي مين اللي بيكسر الباب.
تتجه سارة للباب، تمسك المقبض وتسأل
سارة: مين؟
صوت أم نواف: أنا، افتحي الباب يا سارة. لحقي علي.
سارة: أم نواف؟..
تفتح الباب، تدخل أم نواف وتندفع للداخل وسط استغراب سارة وأمها، ويبدو عليها أثار الضرب والتعنيف.
أم نواف: سكري الباب بسرعة يا سارة. تراه جاي وراي.
سارة: (تغلق الباب) مين اللي جاي وراك؟
أم نواف: مين غيره؟، أبو نواف.
سارة: وأيش عمل مرة ثانية؟.
أم نواف: قولي أيش اللي ما عمله.
صوت طرق الباب، تفزع أم نواف وتختبئ وراء سارة.
أم نواف: هذا أكيد هو، خبيني يا سارة من هالوحش.
ص.أبي نواف: (غاضباً) افتحوا الباب، طلعوا لي حرمتي ألحين.
تقترب سارة من الباب
سارة: لا يمكن أفتح لك الباب، أنت ما تخاف ربك. أيش سويت في المرا؟.
ص.ابي نواف: (بحدية) مو شغلك يا ملقوفة، خليها تطلع لا أذبحها.
سارة: تذبحها؟، على كيفك؟، أنت فاكر البلد ما في نظام، ما في شرطة؟. إذا ما تبتعد عن الباب رح أتصل بالشرطة.
ص.أبي نواف: أعلى ما بخيلك اركبيه، جيبي لي حرمتي.
سارة: والله ما أفتح الباب لو أيش ما تسوي.
يزداد طرق الباب، تتجه أم سارة بعد ان تلبس عباءتها وهي تتوكأ على عصاتها.
أم سارة: خليه علي أوريك فيه.
تخرج أم سارة خارجاً، يسمع صوتها بالخارج مع أبي نواف، سارة وأم نواف تقفان تستمعان لما يدور في الخارج.
ص.أم سارة: (بغضب تصرخ فيه) يا الله ابتعد عن شقتنا.
ص.أبو نواف: يا خالتي جيبوا لي حرمتي وأنا أبتعد.
ص.أم سارة: ما رح نجيبها. يا الله ورينا عرض اكتافك.
ص.أبو نواف: ما رح أوريك عرض أكتافي، وما أرح أبتعد عن بابكم إلا لما تجيبوا حرمتي.
ص.أم سارة: طيب، أنا أوريك.
ص.أبو نواف: لا، لا، لا يا مرة يا مخرفة..
يبتعد صوته، وهو يهدد
ص.أبو نواف: أوريك يا مرة يا مخرفة.. وأوري إللي تخبت عندكم..
أم سارة: (تدخل) انقلع الله يقلع وجهك واحد ما يستحي.
أم نواف: أيش سويتي يا خالة؟.
أم سارة: (وهي تقعد على كرسيها) أبداً، علقة خفيفة بالعكاز.
أم نواف: (مفزوعة) وعسى ما تعور؟. حرام اللي سويتيه فيه.
سارة: (بغضب) بعد ما سوى وجهك خرايط، شايلة همه وخايفة عليه؟. أنت خبلة؟.
أم نواف: مهما يكون هذا زوجي، وما أرضى عليه.
سارة: وهو ليش يرضى عليك؟ أنت شفتي نفسك بالمراية؟.
أم سارة: والله إنك رح تتعبي معاها. إحنا من عرفناها وجت سكنت بالعمارة، وهي علقة رايحة وعلقة جاية. متعودة يا بنتي.
أم نواف: زي ما قالت أمك. أنا متعودة، كلها نص ساعة يهدأ وأرجع له.
أم سارة: (باستغراب) ترجعي له؟. بعد كل اللي سواه؟.
أم نواف: عادي.
أم سارة: لا مو عادي، هذا اللي مقوي الرجال علينا. نسامح ونعدي الاهانات.
أم نواف: تبغيني أزعل عليه؟.
سارة: (بإصرار) وتتركي البيت.
أم نواف: أترك البيت؟، وين اروح؟.
سارة: أي مكان.
أم نواف: وعيالي؟.
سارة: اتركيهم عنده، لازم يكون عندك كرامة.
أم سارة: اتركي المرا في حالها يا سارة. هي تعودت وزوجها تعود.
سارة: لكن يمه ما يصير هذا.
أم سارة: ما عليه. هذي حياتها وهي أبخص بها. المهم لا تدخلي أنت بأفكارك الجهنمية وتخربي بيتها.
سارة: أفكاري يا أمي هي اللي بتجيب لها حقها وترجع لها كرامتها.
تقترب من أم نواف وتحادثها بينما تهز أم سارة رأسها أسفاً، وتعود لمشاهدة ما يجري بالشارع.
سارة: شوفي يا أم نواف. الرجال ترى ما يبغي له إلا العين الحمرا.
أم نواف: (باستغراب) العين الحمرا؟. يعني أيش تبغيني أسوي.
سارة: أنا بعلمك، وأبغاك تسمعي كلامي.
أم سارة: (وهي تشير للخارج من النافذة) يا أم نواف، الحقي، أبو نواف توه بيدخل بيتكم، سيارة المطعم جايبة الأكل.
أم نواف: (بفرح) يا سلام (لسارة) وصل الغذا؟، بروح لا يأكلوه عني وأموت من جوعي.
سارة: ما تخافي يضربك الحين؟.
أم نواف: زوجي أعرفه، يهدأ تماماً وهو يأكل.
تهم بالخروج، تمسكها سارة
سارة: وين رايحة؟.
أم نواف: البيت.
سارة: رح يضربك مرة ثانية .
أم نواف: ما عليك منه، ألحين يتغذا ويشرب الشاي وينسى (تبتسم).
تخرج أم نواف وسط استغراب سارة.
سارة: غريبة هالمرة بصراحة.
أم سارة: يا بنتي أنا قلت لك أم نواف طول عمرها كذا، تعودت على ضرب زوجها.
سارة: لكن هذا غلط، لازم تواجه الواقع.
أم سارة: بلا كلام كتب. خلي المرا تعيش بطريقتها. هي مرتاحة.
سارة: وأنا ما رح أرتاح إلا إذا خليتها تسترد كرامتها.
أم سارة: (بهمس) قصدك ما رح ترتاحي إلا إذا خربتي بيتها.
سارة: أيش بتقولي يمه؟
أم سارة: ولا شي. خليني أتفرج على الناس أحسن.
تراقب أم سارة من النافذة وتقف سارة وسط المسرح وهي تفكر.. تجد فكرة
سارة: (ترفع هاتفها وتتصل) ألو أميرة، وينك؟، بالبيت؟، ممكن تجيني بالبيت عندي سالفة معاك. تنتهي التحضير وتجي؟، أوكيه أنا أنتظرك.
أم سارة: (تنتبه للمكالمة، تنظر لسارة) أيش فيها أميرة؟.
سارة: ولا شي يمه، سالفة صغيرة بس.
أم سارة: ما ظني سالفة صغيرة. ما وراك سوالف صغيرة أنت.
سارة: بصراحة، أنا لازم أتحرك علشان أنقذ نسوان العمارة من اللي يصير فيهم من الرجال.
أم سارة: قولي يا بنتي بتخربي بيتهم. أميرة بنت في حالها مرتاحة مع زوجها.
سارة: أنا عارفة، علشان كذا لازم نعرف شنهي سياستها وكيف قدرت تحط رجلها خاتم في يدها. وبكذا يستفيد الجميع من تجربتها.
أم سارة: (بتذمر) الله يستر منك يا بنتي.
صوت طرق الباب والجرس معاً، تتجه سارة للباب لتفتحه وسط استغراب والدتها.
أم سارة: من بعد؟.
ص. أم سلمان: أنا جارتكم أم سلمان.
أم سارة: هذي أم سلمان، افتحي لها الباب، يمكن جايبة لك خاطب.
سارة: (بغضب) أنا قايلة لك يمه لا تكلميني بهالموضوع.
تفتح الباب، تدخل أم سلمان.
أم سلمان: سلامات، اشفيكم؟، تعبت وأنا واقفة، ليش ما فتحتوا؟.
سارة: يا أم سلمان لا تأخرنا ولا شي، أنتي مو راضية تتركي العجلة عنك.
أم سلمان: أنتي تعرفي يا سارة، انشغالاتي تخليني مستعجلة على طول.
أم سارة: استريحي يا أم سلمان، تعالي خبريني كيف الشغل وياك.
تقترب أم سلمان من أم سارة
أم سلمان: (بإحباط) والله يا أم سارة الشغل مو زي أول.
أم سارة: ليش؟، الناس هونوا ما يتزوجوا؟.
أم سلمان: مو هذي المشكلة، ألحين طالعين لنا بطلعات غريبة عجيبة، مواقع الانترنت صارت تزاحمنا بشغلنا.
أم سارة: وأيش دخل الانترنت بالزواج؟
سارة: يمه، ألحين فيه مواقع على الانترنت تشتغل نفس شغلة الخطابات.
أم سلمان: وغير كذا، ألحين صاروا الشباب يتعرفوا على بعض من الفيسبوك والتويتر والانستغرام.. ضاع مستقبلنا يا أم سارة.
أم سارة: (لسارة) طيب، أنت ليش ما تتعرفي على واحد بالفيسبوك والتويتر هذا اللي تقول عنه وتتزوجي يا بنتي؟.
سارة: (بغضب) يمه، اشفيك؟.. أنا ما أبغى أتزوج.
أم سلمان: هي لو ترضى، كنت جبت لها واحد عليه القيمة، فلوس وعز وابن حمولة.
سارة: (بغضب تحتج) قلت لكم، ما أبغى أتزوج، انتوا ما تفهموا؟.
أم سلمان: بس أنتي لازم تتزوجي، أنتي لسه صغيره وجميلة، ومثقفة، وألف من يتمناك.
أم سارة: واسمها مطلقة، والناس ما ترحم.
سارة: (بإصرار) لا يمكن أعيد هالتجربة مرة ثانية، لا يمكن أحط مصيري بيد رجال متخلف يوريني الويل، أنتي شفتي اللي يصير بأم نواف؟، وجهها مشوه وجسمها مليان رضوض. الرجال ما يستاهلون.
أم سلمان: مو كل الرجال زي بعض.
سارة: (بإصرار) كلهم زي بعض، الرجال ما يختلفوا.
صوت رنة هاتف أمس سلمان، ترتبك.
أم سارة: الحقي، يمكن زبون أو زبونة.
تبحث أم سلمان عن الجوال في حقيبتها، تبحث وتبحث، تفرغ محتويات الحقيبة، بينما سارة وأمها تراقبانها، تجد الهاتف الذي تتواصل رنته، ترفعه، تفتح عينيها وعليها يبدو الخوف.
أم سلمان: (بارتباك) هلا، هلا..أبو سلمان، لا، ما لقيت، قصدي لقيت.. ألحين دقايق وأنا عندك، مع السـ.. (يبدو أن الهاتف قد أغلق تبعد الهاتف عن أذنها وتنظر له).. ـلامة..
أم سارة: اشفيه زوجك؟.
سارة: أم سلمان، اشفيك؟.
أم سلمان: عندكم ملح؟.
سارة: (باستغراب) ملح؟.
أم سلمان: إيه ملح.
سارة: ليش؟.
أم سلمان: شنهو ليش؟، ملح أحطه بالأكل.
أم سارة: شكلك يا أم سلمان نسيتي الملح بالأكل.
أم سلمان: إي والله يا أختي، الواحدة يطبخ والتلفون بإذنها طول اليوم، أكيد بتنسى الملح، بتزيد البهارات، أو تحرق الأكل.
تدخل سارة لتأتي بالملح.
أم سارة: وأنتِ الله يهيدك خففي شوية على روحك، طول اليوم زباين وشغل. وهذا اللي تقولي الشغل مو زي أول.
أم سلمان: أيش أسوي، رزقي، ولازم أتعب عليه. لازم أعوض.
تدخل سارة بالملح، تقدمه لأم سلمان.
سارة: طيب، بما إنك مشغولة، ليش ما تجيبي لك شغالة.
أم سلمان: مو راضي.
سارة: ليش يعني؟.
أم سلمان: ما أدري، ما يبغى شغالات بالبيت، ويهددني إذا جبت شغالة بيتزوجها.. تصوري؟، يتزوج علي.. والشغالة.. (تهم بالخروج) يا الله عن إذنكم، بروح لا يذبحني.
تقترب من الباب، تفتحه، وتظهر في وجهها أميرة.
أم سلمان: أهلاً أميرة، كيف حالك.
أميرة: الحمد لله، أنتِ كيفك يا أم سلمان؟.
أم سلمان: أقول لك، ما عندك وحدة من المدرسات حقكم بالمدرسة مو متزوجة؟.
أم سارة: (تقاطعها) روحي يا أم سلمان ودي الملح لزوجك.
أم سلمان: صحيح، يا الله مع السلامة.
تخرج أم سلمان، وتدخل أميرة.
أميرة: مرحباً كيفك سارة، كيف الحال خالتي.
أم سارة: الحمد لله تمام وبخير، توني شايفة زوجك طالع من العمارة.
أميرة: (تضحك) لو ما قلت له قوم اطلع شم لك شوية هوا، كان قعد لي بالبيت مثل المزهرية.كل تحركاته لازم بأوامري.
سارة: أحسن، يا هناكِ. مين تلاقي زوج زي كذا. خاتم بيدها.
أميرة: ومين قالك إني مرتاحة؟، الرجل لازم يكون عنده شخصية. وأنا ما أبغى رجال مو رجال.
سارة: أحسن من الرجال اللي ماليين البلد، شفتي أم نواف وأيش يسوي فيها زوجها، وأمل اللي خانقها زوجها. وأم سلمان المسيكينة. وطليقي يا حسرتي.
أميرة: صدقيني يا سارة، الزوج المهزوز مشكلة بعد، تصوري إننا في مجتمع زي اللي عندنا ويكون عندك زوج ما له رأي في شي بالدنيا ولا شخصية، أنا كل شي أسويه بالبيت وبرا البيت، ناقص أسوق وأوديه دوامه.
أم سارة: يا بنتي، الرجال رجال.. والحرمة حرمة.. لا نخلط الأمور.
سارة: كيف يعني؟، نخلي الرجال يتحكموا فينا، واحنا نظل النسوان المساكين المغلوب على أمرنا؟.
أم سارة: يا بنيتي أنا قلت لك لا تدخلي في خصوصيات الناس، خليهم يعيشوا زي ما يبغوا.
سارة: لا يمه، إحنا لازم نوعي النساء، لازم يعرفوا حقوقهم.
أم سارة: ويعرفوا واجباتهم.
سارة: يمه، أنت دقة قديمة، من أهل لول. ألحين كل شي تغير. العالم صار مفتوح على بعض ولازم نعرف كل حقوقنا.
أميرة: والله كلامك صحيح يا سارة. ترى الرجال هو اللي عليه المعتمد.
سارة: هذي في أوهامنا.
أم سارة: أنا أحسن لي اتفرج على الشارع، كلامك يجيب الصداع.
سارة: (لأميرة) المهم ما علينا من أمي، تعالي، أنا عندي فكرة.
أميرة: قولي، شنهي فكرتك؟
سارة: أنا فكرت إننا لازم نسوي شي يوقف الرجال عند حدهم.
أميرة: أي رجال؟.
سارة: كل الرجالـ نبدأ أولا برجال العمارة، أبو نواف وأبو سلمان، ورجل أمل ورجلك بعد.
أميرة: (باستغراب) وليش كل هذا؟.
سارة: أنت عاجبك اللي يصير فينا من ورا الرجال؟. اسأليني أنا.
أميرة: لكن أنا ما عندي مشكلة مع زوجي، ومثل ما قلتي خاتم بيدي.
سارة: تضمنيه؟.
أميرة: أكيد أضمنه لأني اعرفه عدل.
سارة: والله انك طيبة وعلى نياتك، الرجال كلهم زي بعض.
أميرة: ما ادري، بس أنا مو معاك.
سارة: أنت عاجبك وضعك مع زوجك؟.
أميرة: بصراحة لا، ولا أبغي زوج مثل أبو نواف.
سارة: يعني أنت مغلوبة على أمرك لأنك تتحملي كل شي وهو مرتاح، تتحملي أشغال البيت، ومقاضي البيت، وهو بسبب شخصيته المهزوزة يعرضك للحرج. صح؟.
أميرة: صح.
سارة: شفتي، أنت حالك من حال أم نواف وان اختلفت الأشكال.
أميرة: (مستسلمة) طيب، شنهو تبغيني أسوي؟.
سارة: بقول لك، بس لازم أجمع كل نسوان العمارة، ونسوي اجتماع نحدد الخطوة اللي نسويها ضد الرجال.
أميرة: متى؟.
سارة: الليلة، نكلم نسوان العمارة ونتجمع هنا.
أم سارة: (وهي تنظر للنافذة) يا بنتي يا أميرة، زوجك رجع.
أميرة: (باستغراب) هذا لحق؟، توه طالع من العمارة.. (ترفع الهاتف وتتصل به) أهلاً، أنت ليش رجعت؟، نعم؟، ما عرفت وين تروح؟، روح أي مكان مثل كل الرجال، استراحة، قهوة، أي داهية.. مع السلامة.
تنظر سارة نظرات استغراب واستفهام لأميرة.
أميرة: (بسخرية) الأخ مو عارف وين يروح، تصوري.
سارة: قلت لك، حالك من حالهم.
-إظلام-
المشهد الثاني
نفس المنظر، الوقت ليلاً، أم سارة تجلس في مكانها ذاته وهي تنظر للنافذة تارة وتراقب أمل تارة أخرى التي تمسك بكاميرتها وهي تصور كل محتويات الشقة.
أم سارة: (بغضب) أنت ما خلصتي يا بنتي؟، ما خليتي شي بالشقة ما صورتيه، حتى أصابعي وعيني. اشفيكِ؟.
أمل: دقايق وبخلص يا خالة.
أم سارة: صدعتي راسي من هالفلاشات.
أمل: خلاص، خلصت (تتجه لأم سارة) ليش زعلانة يا خالة؟.
أم سارة: مو زعلانة، لكن أنتي من جيتي وأنتي ما خليتي شي ما صورتيه، ليش كل هذا؟، أنتي أول مرة تشوفي شقة؟.
أمل: يا خالة أنا صورت كل شي في شقتنا، وفي بيت أهلي وبيت أهل زوجي وبيت إخواني.. والمواضيع خلصت.. وين ألاقي شي أصوره؟.
أم سارة: اطلعي الشارع وصوري.
أمل: (بصدمة) يا خزياه، أصور بالشارع؟، أيش يقولوا الناس عني؟، وبعدين رجلي ما يرضى، ممنوع أصور بالشارع أو أروح معارض التصوير، أو حتى أشارك فيها.
أم سارة: أجل ليش تصوري؟.
أمل: أحب التصوير، أحبه، لكن ما أقدر أصور غير الأماكن المغلقة.
أم سارة: وشنهو تسوي بكل ها الصور؟.
أمل: (بحزن) بس احتفظ بهم، قبل فترة كنت أنزل بعض الصور بالانستغرام، انتبه زوجي وصارت مشكلة، بغى يطلقني.
أم سارة: يطلقك؟، كل هذا علشان صور؟.
أمل: شسوي، هو كذا؟.
يفتح الباب، تدخل سارة وخلفها أم نواف وأم سلمان ..
سارة: (تقترب من أمل) ليش ما جيتي معانا توثقي الحدث؟.
أمل: وفرضاً شافني زوجي؟.
سارة: واحنا عملنا هالاعتصام علشان شنهو؟. موعلشان نعلن رفضنا لتعامل الرجال غير العادل معانا؟.
أمل: صح؟، يعني عادي أصور؟.
سارة: أكيد، حنا نحتاج لتوثيق، ورح نرسل الصور للصحافة، وننزل الصور في الفيسبوك وتويتر والانستغرام، لازم كل الناس يعرفوا عن كل حركتنا.
أمل: (سعيدة) بصور كل اللافتات اللي برا.
أم سلمان: لا تخلي شي لا تصوريه، وبنركب لافتات داخل، علشان المؤتمر الصحفي للاعتصام، بس ننتظر تكتمل.
أم نواف: أنا جهزت المقاضي للاعتصام، وبنركب كل اللافتات.
سارة: (لأمل) يا الله يا أمل، روحي صوري وإحنا بنجهز كل شي، نبغى كل شي جاهز قبل رجعتهم من دواماتهم.
أم سلمان: وين أميرة؟.
سارة: (تنظر لساعتها) شوية وتجي، بتستأذن من مديرتها وتجي على طول (لأم سلمان) وأنتِ، كلمتي الجرايد؟.
أم سلمان: الجرايد؟، موضوع الجرايد عند أميرة.
تبدأ أم نواف بتجهيز اللافتات والبوسترات لتعليقها، لافتات مكتوب عليها شعارات عن المرأة ومطالبها. أم سارة تراقبهن وتهز رأسها أسفاً.
أم سارة: (تحذر) انتبهوا للشقة، لا تخربوا شي.. مفهوم؟.
أم سلمان: ولا يهمك يا أم سارة (يرن هاتفها، ترد) ألو، من معاي؟.. حياك الله.. أيوا أنا أم سلمان.. عندي كل المواصفات وكل الأعمار.
سارة وأم نواف وأم سارة تركزن على مكالمة أم سلمان..
أم سلمان: دكتورة؟، إيه، موجودة دكتورة. بس أنت شنهو تشتغل، شنهي مؤهلاتك؟، وكم عمرك؟.. (تستمع ويبدو عليها الامتعاض) أها، مو مشكلة، كلمني بعد كم يوم ونشوف .. مع السلامة. (تنهي المكالمة) آخر زمن.
سارة: أيش صاير؟.
أم سلمان: الرجال يبغي أدور له وحده للزواج، يبغي دكتورة.
أمل: اشمعنى دكتورة؟.
أم نواف: فيها اشعنى هذي؟، أكيد علشان راتبها.
أم سلمان: صدقتي والله، وعاد الأدهى.. تعرفي شنهي شغلته؟.
ينظرن لبعضهما بعضاً مع إيماءات تدل على عدم المعرفة، يترقبن الاجابة.
أم سلمان: سكورتي.
شهقة جماعية..
أم سلمان: ومؤهله متوسطة.
شهقة جماعية أخرى، تقطع أم سارة حالة الاستغراب..
أم سارة: وأيش فيها؟.
سارة: شنهو أيش فيها يمه، تقول لك سكورتي بثالث متوسط يدور على دكتورة يتزوجها.
أم سارة: ما فيها شي. الرجال ما يعيبه شهادته أو شغله، المهم أخلاقه ويكون ولد حمولة.
سارة: والتكافؤ؟.
أم سارة: أنت مو قلتي إنك ضد تكافؤ النسب وصدعتي راسي أيام علشان أقتنع؟، أيش اللي غير؟.
سارة: هذا التكافؤ غير، تكافؤ علمي، فكري، وأصلاً هو طمعان، يدور له وحدة راتبها قوي علشان يشفطه.
أمل: الموضوع واضح، ليش مصمم على الدكتورة؟.
أم نواف: يمكن علشان يتباهى بها بين الناس، ويقولوا عنه زوج الدكتورة.
سارة: (تضحك) والله ضحكتيني يا أم نواف. الرجال في مجتمعنا ما يرضوا يعلنوا عن أسماء أمهاتهم، وتبغيهم يتباهوا بزوجاتهم. كأنك موعايشة بهالبلد.
أمل: وحدة تدرس وتتعلم وتتوظف، ويجي لها واحد أقل منها بكل شي، ويطلب يدها. كيف؟.
أم نواف: ويمكن يتزوجها ويضربها زي ما يسوي أبو نواف.
سارة: وين تروح سنوات الدراسة والتعب والمستقبل. المرأة تحتاج لرجال يفهمها، يكون بينهم تكافؤ في الأفكار والثقافة.
أمل: أكيد، لا يطيح حظها مثل ما أنا طايح حظي، درست وتعلمت وقعدني بالبيت، حبيت التصوير ومنعني من التصوير والطلعة من البيت بالكاميرا. هذي حالة؟.
سارة: هذا اللي أقوله، التكافؤ، هو التفاهم بين الطرفين، يفهمها وتفهمه.
أم سلمان: اهدأوا يا جماعة، أنا ما يهمني كل هذا، أنا يهمني إني ألاقي طلبه، ومتأكدة إني رح ألاقي، المهم اللي يدخل في جيبي، وبعدين أنا أجمع راسين بالحلال ولي الأجر.
سارة: لكن اللي تسويه غلط يا أم سلمان، تجمعين اثنين ما بينهم تكافؤ علشان الفلوس.
أم سلمان: والأجر.
سارة: أي أجر وأنتي بتخربي حياة وحدة.
أم سارة: (تقاطعهن) ما علينا ألحين، شوفي يا أم سلمان، شوفي لنا رجال محترم لبنيتي سارة، خليها تتزوج وتنستر.
سارة: (غاضبة) أنا قلت لك يمه، ما أبغي أتزوج.
أم سارة: ليش ما تبغين تتزوجي، الحياة ما وقفت على طلاق. يروح رجال ويجي غيره أحسن منه.
سارة: أنا قلت يمه، لا يمكن أتزوج إلا إذا تغيرت صورة المرأة في هالمجتمع، وتغيرت نظرة الرجال للمرأة.
أم سارة: (بسخرية) ومن بيغيرها؟، أنتِ؟.
سارة: إيه أنا، وأمل وأم نواف وأم سلمان وأميرة.. لازم نعتصم ضد الرجال ونلقنهم درس.
أمل: لازم يا خالة، ما يصير هالكلام، احنا لازم يكون لنا وقفة حازمة ضد الرجال والتعسف اللي يمارس علينا، لازم يعطونا حقوقنا.
أم نواف: وأنا معاهم يا خالة، بصراحة أنا تعبت من الضرب، مع إني أحبه وهذا اللي يخليني أتحمله كل هالسنين.
أم سارة: تحبينه، وأيش اللي خلاكِ تمشي ورا سارة؟.
أم نواف: أقنعتني إنه ما رح يوقف عن تعنيفي وضربي إلا إذا وقفت بوجهه.
أم سارة: ويا خوفي إنكم كلكم تخسرون.
سارة: ما رح نخسر (تهتف) ما رح نخسر، ما رح نخسر.
يهتفن بحماس معها
الجميع: (يهتفن) ما رح نخسر.. ما رح نخسر.
تدخل وقتها أميرة مستغربة، تراقبهن وهن يهتفن، تنظر للشعارات المعلقة على جدران الشقة بتمعن. ينتبهن لوجودها. يتوقفن عن الهتاف
أمل: وصلت أميرة، وصلت.
يحطن بها.
سارة: أيش سويتي؟.
أميرة: بالغصب رضت المديرة تخليني أطلع.
أمل: والصحافيات؟، أنا رح أكون المصورة الرئيسية للاعتصام.
أميرة: حاولت اكلم أكثر من صحفية، ومكاتب الصحف، المكاتب كلما قلت لهم عن الاعتصام ضحكوا ضحكة هستيرية وسكروا التلفون.
أم سارة: يعني شنهو ضحكة هستيرية؟.
أم سلمان: يعني، يعني يظلوا يضحكوا، ويضحكوا وما يوقفوا ضحك.
أم سارة: يعني يضحكوا على خبالكم. أنا أتفرج على الشارع أحسن لي (تدير وجهها وتحدق في الخارج).
سارة: أنتِ يمه بس خليك مكانك وقولي لنا متى يوصلوا الرجال (للأخريات) ما عليكم من الوالدة، هي كذا على طول، احباطات.
أم نواف: المهم الصحافيات، بيجوا؟، أنا قلت رح يلاقوا لهم موضوع صحفي جيد، لو جوا رح أكلمهم عن موضوع العنف ضد المرأة.
أميرة: اعتذروا كلهم عن الحضور، طلبوا مني أكتب أنا عن الاعتصام وأرسل لهم الخبر.
سارة: ما فهمت، شنهو شغلهم أجل؟.
أميرة: ياخذوا المادة اللي أرسلها وينشروها.
أم نواف: باسمهم؟.
أميرة: أكيد.
أمل: والصور؟.
أم سلمان: أكيد بيحطوا اسم مصورهم.
أمل: لا يمكن أقبل.
سارة: أيش هالحالة، أيش هالصحافة الغريبة.
أميرة: هذا اللي صار، لكن فيه صحفية وحدة وعدت تحضر، المهم انتوا متى رح تبدأوا؟.
سارة: أنا قلت نسوي مؤتمر صحفي، وبعدين أول ما يوصل الرجال من دواماتهم نبدأ الاعتصام. المهم تكونوا كلكم جاهزين.
أم سلمان: جاهزين لا تشيلي هم.
سارة: يا بنات، لازم يكون عندنا إصرار، وما نتراجع.
أمل: لا تراجع، لا تراجع (تهتف) لا تراجع.
يهتفن جميعاً، لا تراجع، وسط امتعاض أم سارة.
-إظلام-
المشهد الثالث
نفس المنظر، زيادة ملحوظة في الشعارات المنتشرة على الجدران، طاولة تتوسط المسرح خلفها لوحة مكتوب عليها (المؤتمر الصحفي لاعتصام نساء عمارة 20) وأسفلها مكتوب عليه (نحو حقوق مشروعة للنساء)، تدخل أم سارة وهي تتوكأ على عكازتها، تنظر للشعارات بتذمر، تهز رأسها بضيق واضح.
أم سارة: قلبوا الشقة فوق تحت، والله مو فاهمة شنهو فايدة هذا الاعتصام، ما استفدنا منه غير أكل السندويشات، حتى الغذا نسيوا يعملوه (تتجه لمكان جلستها المعتادة) نشوف آخرتها أيش؟.
تدخل سارة وفي يدها ورقة تراجعها وهي تقرأها في سرها، تذمر واضح على ملامح أم سارة، تقف سارة في منتصف المسرح. تدخل أميرة وفي يدها جوالها.
أميرة: (في الهاتف) احنا تأخرنا علشانك، ننتظرك تجي علشان لا تخسري موضوع مهم في حياتك الصحفية (احباط واضح) نعم؟، ما بتجي؟..
تنتبه سارة لأميرة المحبطة.
أميرة: (لا زالت في الهاتف) مو مشكلة، معذورة اختي، .. احنا .. (يبدو أن من الطرف الآخر قد أنهى المكالمة، تبعد الهاتف) .. سكرت التلفون بوجهي..
سارة: ليش ما بتجي؟.
أميرة: الجريدة طلبوا منها تغطي فعالية ثانية.
سارة: كيف بنسوي المؤتمر الصحفي بدون صحافة؟
تدخل وقتها أم نواف، أم سلمان وأمل
أمل: لا تشيلي هم، بنغطيها حنا، أميرة بتكتب وأنا رح أصور، ورح نوزع الخبر على كل الجرايد والمواقع، وعلى فكرة سويت صفحة على الفيسبوك، ونساء واجد عملوا لايك، وحساب على التويتر ويا كثر الفلورز.
أم نواف: يعني قضيتنا رح توصل لكل الناس، وبدون صحفيات.
أم سلمان: احنا معاك يا سارة، لا تشيلي هم.
سارة: كنت أتمنى تجي صحفية واحدة على الأقل. المهم، ركبتوا السماعة الخارجية.
أم سلمان: أيوا، وركبنا الميكرفون معاها. يعني نقدر نسمعهم ويسمعونا.
أم سارة: (وهي تنظر من النافذة) وصلوا يا بنات، وصلوا..
أم نواف: ورجلي؟.
أم سلمان: وأبو سلمان؟.
أم سارة: كلهم وصلوا، (تصف ما تراه في الخارج) وقفوا سياراتهم، نزلوا من السيارات، مشوا شوية، تلاقوا عند باب العمارة، تبادلوا التحية.. دخلوا العمارة.. تقدروا تبتدوا.
يركضن كل واحدة بإتجاه، سارة تجلس خلف الطاولة، تشغل الميكرفون، تطرق عليه عدة طرقات للتأكد من الصوت، أمل تستعد للتصوير، تبدأ التصوير، أميرة تسجل في دفترها، أم نواف على يمين سارة وأم سلمان على يسارها.
سارة: (تقرأ من الورقة) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نظراً لما تتعرض له النساء في هذا المجتمع الذي يهمش المرأة، ويغيبها عن الواقع، ونظراً للتعنيف المتكرر الذي يمارس ضد المرأة خاصة نساء هذه العمارة. قررنا نحن تجمع نساء عمارة 20 أن نبدأ اعتصامنا ضد الرجال منذ الآن، لذا نعلنها في وجوهكم أيها الرجال، لن نسكت عن حقوقنا، لن نسكت عن حقوقنا..
الجميع: (يهتفن) لن نسكت عن حقوقنا، لن نسكت عن حقوقنا..
ص.أبو نواف: (من الميكرفون) أنتِ مين يا الخبلة يا أم الحقوق.
سارة: (غاضبة) احترم نفسك، ما رح نسمح لك تهين أي إمرأة. أنا سارة، ناشطة اجتماعية، ومعاي كل نساء العمارة.
ص.أبو نواف: كل نساء العمارة؟، يعني أم نواف معاكم؟.
يبدو الخوف على أم نواف، تتحرك جانباً كأنها تهم بالهروب من المكان. توقفها أم سلمان.
سارة: إيه معانا، وأم سلمان معانا، وأمل وأميرة. هذا اعتصام رح نوصله للجرايد والإعلام والوكالات العالمية، ونفضح ممارستكم ضد المرأة.
ص.أبو نواف: (غاضباً) أنا ما علي منك يا أم حقوق، سمعيني يا أم نواف، أنا بدخل البيت، وإن ما لقيتك وراي بتشوفي شي ما يعجبك. سمعتي؟.
بحركة من سارة، تدعو أم نواف للاقتراب من الميكرفون، تقترب أم نواف بخوف وتردد
أم نواف: (بارتباك) هـ.. هلا..
ص.أبو نواف: أقول يا الخبلة، تعالي البيت لا أكسر راسك.
أم نواف: (خائفة، تهم بالهروب، تمسكها أم سلمان وتشجعها) ما رح أجي يا أبو نواف، ما رح أجي لك وأنت كل يوم تضربني، أنا إنسانة، وزوجة ولي احترامي، مو جارية عندك (تزداد حدة كلامها وحماسها مع التشجيع) ما رح أسمح لك بعد هاليوم تمسني بسوء، فهمت أو لا.
تصفيق من الجميع بمن فيهم أم سارة التي كانت تراقب
سارة: (تشجع أم نواف) كذا خلك قوية، الرجال ما يجوا إلا بالعين الحمرا.
ص.أبو نواف: والله لا أخليكم تندموا، كلكم، اعتصام أجل.
ص. أبو سلمان: أم سلمان؟، أنتي معاهم؟.
أم سلمان: (بتحدٍ) إيه معاهم، خلاص يكفي اللي تسويه، أنتهى زمن العبودية، أنا رح أشتغل بالطريقة اللي أبغاها، وما رح أسمح لك تمنعني. فهمت؟.
ص. أبو سلمان: بس أنتي اللي بتخسري يا أم سلمان.
أم سلمان: أنا اللي خسرانة عمري معاك، من ألحين وطالع، مثلي مثلك، مثل ما لك حق تشتغل، لي حق أنا بعد.
تصفيق من الجميع
ص. زوج أمل: أمل.. تسمعيني؟. أنتي معاهم؟.
أمل: (تفتح جوالها وتوثق الحدث بالتصوير بالفيديو) إيه أسمعك.
ص. زوج أمل: أنتي ليش معاهم؟.
أمل: اعتصام، أنا معتصمة معاهم.
ص. زوج أمل: وليش كل هذا؟. أنا مو مقصر معاك.
أمل: اسأل نفسك. هذي عيشة اللي أنا عايشتها؟.
ص. زوج أمل: أشفيها عيشتك؟، عايشة بعز، كل طلباتك مجابة.
أمل: والتصوير؟.
ص. زوج أمل: اشفيه، طلبتي كاميرا واشتريت لك أحسن كاميرا بعدستها واكسسواراتها، شنهو أكثر من كذا؟.
أمل: أبغي أصور برا، بالشارع. أيش فايدة التصوير بين الجدران؟، خلصت مواضيعي، صورت كل شي بالشقة وبيت أهلي وبيت أهلك.. أنا أبغي أطلع أصور برا زي الناس، في الشوارع، في الأسواق.
ص. زوج أمل: (بغضب) نعم.. نعم؟، هذا الكلام مرفوض. وقلت لك من قبل، لا يمكن أوافق.
أمل: (بإصرار) رح توافق، وبتوديني الثمامة أصور الشباب اللي يطعسون. أبغي أصور قلت لك.
تصفيق من الجميع
ص. زوج أمل: أنتي شكلك استخفيتي يا مرا. اعقلي وتعالي أحسن لك.
الجميع: (بصوت واحد) ما أحد منا رح يجي، اعتصام ولا تراجع، لا تراجع.
أصوات الرجال: (بشكل مختلط) نوريكم، اعتصام، قال اعتصام، نشوف وين يوديكم اعتصامكم.
أميرة: انتوا رايحين؟.
ص.أبو نواف: أنتي مين بعد؟
أميرة: أميرة.
ص.أبو نواف: وأنتي ليش معاهم، كل العمارة يعرفون انك بعلاقة جيدة مع زوجك، أيش لك مع هالمخابيل؟.
أميرة: زوجي معاكم؟.
ص. أبو سلمان: موجود، لكن ملتزم الصمت. ما قلتي له يحكي..
أميرة: (تنظر للأخريات) شفتوا الحالة؟ (لزوجها) اسمعني، روح سوي الغذا للعيال، غذيهم وذاكر لهم.. مفهوم.
ص. زوج أميرة: إن شاء الله، تآمرين.
تختلط أصوات الرجال المتذمرة
أصوات الرجال: (مختلطة) تأمرين؟.. الرجال ما يقول لحرمته تآمرين.. المفروض تكسر راسها.. ملعوب عليك أنت ..
تختفي الأصوات تدريجياً، وتبدو السعادة على وجوه النساء، يصفقن فرحاً
سارة: نجحنا، نجحنا..
أمل: (تضحك بفرح) رح ينجح اعتصامنا، ورح يوافقوا على مطالبنا.
أم نواف: (لسارة) أنتي عبقرية يا سارة، عبقرية.
أم سلمان: أنا ودي هالرجال يتغير، ويصير مثل زوجك يا أميرة.
أميرة: صدقيني تندمين.
أم سلمان: ليش أندم؟، أنت بنعمة يا أميرة، رجال ما يتحرك خطوة إلا بإذنك، مو رجال يحسب عليك كل خطوة، وين رايحة ومن وين جاية، ومن تكلمي.
أم نواف: أنا ما أبغى زوجي خاتم بيدي، أو زوج ما عنده شخصية، أنا أبغاه بس يحترمني ويقدرني كزوجة.
أمل: أنا أبغى زوجي بس يعطيني حقي، أنا عاجبني فيه كل شي، إلا رفضه إني أطلع أصور برا وأشارك في معارض.
أم سارة: (وهي تنظر من النافذة) رجالكم واقفين برا مجتمعين على باب العمارة، شكلهم ناويين عليكم.
سارة: أعلى ما بخيلهم يركبوه، لا تراجع عن المطالب. وبكرا لما الصحافة تنشر الخبر وينفضحوا رح ينزلوا عند رغباتنا وينفذوا كل مطالبنا، وبعدين نعمم التجربة على كل بنات جنسنا بهالبلد.
ضحك أم سارة فجأة، استغراب من الجميع
سارة: (مستنكرة) اشفيك تضحكين كذا يمه؟
أم سارة: (وهي غارقة في الضحك) ولا شي، لكن أتخيل اللي رح يصير.
أم نواف: وشنهو اللي رح يصير؟.
تعطيهم ظهرها وتستمر بالضحك. يتبادلن النظرات المستغربة.
-إظلام-
المشهد الرابع
نفس المنظر، ولكن تنتشر مراتب النوم على الأرض، أربع مراتب، وأغراض شخصية لكل واحدة من النساء بجانب المرتبات، ويبدو أنه مرت أيام على الاعتصام. لا أحد في المسرح سوى أم سلمان التي تجلس على أحد المراتب وهي تحادث أحداً ما بالجوال.
أم سلمان: (بصوت هامس) أنا عارفة انك تعاني، مو بس أنت، كل رجال العمارة نفس حالتك.. أنا؟، أنا مو معاهم باللي يسووه.. أنا ضد خراب البيوت، وأنا عارفة إن اللي صار فيه خراب بيوت ومعاناة من أيام طويلة، وإذا طالت المسألة، الحل عندي.. فكر عدل. عندي كل اللي تتمناه، فكر زين (تبعد الجوال وتنظر إليه) زي ما قلت لك، فكر زين، أنا عندي مكالمة ألحين، أنتظر قرارك.. مع السلامة (تنهي المكالمة وترد على المكالمة الأخرى) ألو (تنظر حولها بحذر) هه، أيش قلت؟، فكرت بالموضوع يا أبو نواف؟، رح أعوضك بوحدة أحسن من أم نواف (في هذه الأثناء تدخل أم سارة بهدوء دون أن تنتبه لها أم سلمان، تقف مندهشة مما تسمعه من أم سلمان).. إن شاء الله البنت اللي بزوجك إياها تختلف عن أم نواف، بنت أصغر، شابة وجميلة، وأنت بعدك بأول العمر يا أبو نواف.. شنهو قلت؟.. رح تفكر؟، كم يبغى لك وقت للتفكير؟، لا تضيع الفرص من يدك.. (يبدو عليها الامتعاض) يومين.. مو مشكلة..مع السلامة.. عندي مكالمة ثانية.. (تقف الخط) تفكر.. على كيفك، أنت الخسران.. نشوف واحد ثاني..
تدخل سارة وأميرة وهي تتصفح في هاتفها الجوال، تنتبه لهما أم سلمان، تقف بارتباك.. تنتبه لوقوف أم سارة بالقرب منها وهي تنظر إليها بنظرات غاضبة..
سارة: (لأميرة) عجيب، انتي متأكدة إنك أرسلتي الخبر؟. صار لنا عشرة أيام من بدأنا.
أميرة: أرسلت الخبر لكل الصحف الورقية والإلكترونية، بس ما أدري ليش ما نشروا شي؟.
تقترب أم سلمان من أم سارة..
أم سلمان: (لأم سارة) أنتي من متى واقفة هنا؟.
أم سارة: من زمان..
يبدو الارتباك وضاحاً على أم سلمان وأم سارة تنظر لها بنظرات غريبة، تبتعد عن أم سارة.. تقترب من سارة وأميرة..
سارة: (لأم سلمان) شفتي يا أم سلمان، ولا وسيلة إعلامية وحدة نشرت خبر الاعتصام.
أم سلمان: (بعد سرحان) هه؟..
أميرة: تقول لك. ما أحد نشر الخبر. على عكس اللي كنا نتوقعه.
أم سلمان: يمكن رجالنا لهم يد بالموضوع.
سارة: صح، يمكن لهم يد علشان يخربوا الاعتصام.
أميرة: طيب شنسوي؟.
سارة: ما لنا غير كتابة الخبر باللغة الانجليزية وإرساله لجرائد أجنبية، أنتي عارفة انهم يهتموا بأي شي له علاقة بالمرأة السعودية.
تدخل أم نواف وأمل التي تريها الصور من شاشة الكاميرا
أمل: ايش رايك؟.
أم نواف: والله انك فنانة، صورتي كل شي بالفطور، الصور صارت أحلى من الحقيقة.
أمل: قلت لك، أحتاج فرصة بس.
أم نواف: (بعد أن تنتبه لحيرة الجميع) ايش فيكم، أيش اللي صاير؟.
أميرة: للحين ما نشروا شي.
أمل: (محبطة) يعني ما نزلت صوري للحين؟
أميرة: لا.
أمل: خسارة، يعني وين ما أطقها عوجة.
أم نواف: يعني شنسوي؟.
سارة: نواصل اعتصام، لازم نواصل، ما يصير نوقف.
أم سلمان: (وهي تنظر لأم سارة) أكيد لازم نواصل، لا يمكن نوقف عند هذا الحد، رح نكون مهزومين قدام رجالنا.
أمل: لا يمكن نوقف، كيف أرجع لزوجي. بأي وجه؟. أنا كنت أنتظر يتحقق كل اللي في بالي.
أميرة: هذا مو سبب يا جماعة، ولو ما نشروا شي عن الاعتصام، نوقف؟. رح نجرب نرسل الخبر مرة واثنين وثلاثة.. ورح تزبط.
أم سارة: يا بنات اسمعوني، عندي كلمة.
يتجمعن حولها، ويبدو الخوف والارتباك على أم سلمان، تتحسس رقبتها
سارة: تفضلي يمه، قولي.
أم سارة: تآخذوا نصيحتي؟.
أم نواف: أكيد، أنتي أكبر منا، وزي ما يقولوا أكبر منك بيوم أفهم منك بسنة.
أمل: قولي يا خالة، كلنا آذان صاغية.
أم سارة: نصيحة مني، كل اللي تسووه ما يفيدكم، ورح يضركم كلكم. خلونا نتخيل شي.
تشدهن كلماتها..
أم سارة: بعد كل اللي سويتوه، يقوم الرجال كلهم، ويتزوجوا عليكم، ويجيبوا عليكم ضرات..
مصدومات..
الجميع: (تختلط الأصوات) لا يمكن .. ما يسوونها.. أبداً.. ما أتخيل..
أمل: زوجي لا يمكن يتزوج علي.
أم نواف: أبو نواف يحبني وما يستغنى عني، حتى لو كان يضربني، لكن لا يمكن يتزوج علي.
أميرة: أنا حاطة رجلي بماي باردة، حتى لو فكر بيجي يستأذن مني.
أم سارة: (لأم سلمان) وانتي يا أم سلمان؟.
أم سلمان: (مرتبكة) أنا؟.. شنهو؟.
أم سارة: تتخيلي زوجك يتزوج عليكِ؟.
أم سلمان: لا، وليش يتزوج علي؟، صحيح هو يعترض على شغلي، لكنه محتاج لي، راتبه ما يكفي عيشتنا، ولو ما الفلوس اللي تجيني من هالشغلة، ما كنا عشنا زي الناس.
أم سارة: يمكن أحد يقنعه، أحد يوسوس في راسه ويخليه يتزوج.
أم سلمان: ما أظن، أبو سلمان ما يسويها.
أم سارة: وأنتو؟، لو أحد أقنع أزواجكم ويتزوجوا عليكم، شنهو رح تسووا؟.
سارة: (تقاطعها) يمه، كفاية، شنهو قصدك بالضبط؟. تبغي تخربي اعتصامنا؟.
أم سارة: ما أبغي أخرب عليكم شي، أبغاكم تفكروا صح، بكرا لما يطيح الفاس في الراس ما رح تنفعكم لا سارة ولا غيرها.
سارة: يمه، انتِ وراك شي.. كلامك غريب.
أم سلمان: (بارتباك) ما وراها شي، هي تنصحنا بس.
أم سارة: أنا فعلاً أنصحكم، وأنصحكم تنتبهوا زين، فكروا عدل في الشي اللي ممكن يضركم.
أم سلمان: فكرنا عدل. أنت ما عليك من كل هالسالفة، انت بس جلسي مكانك وراقبي الشارع.
تأخذها من يديها لتجلسها يتبادلان النظرات الحذرة..
سارة: ما علينا، أنا آسفة خربت عليكم مزاجكم. أميرة ممكن تجهزي الخبر بالانجليزي؟.
أميرة: مو مشكلة، رح أرسله بالإيميل لزميلتي مدرسة الإنجليزي، اخليها تترجمه وترسله لجرايد أجنبية.
أمل: اهم شي الصور، لازم ترسلين الصور، وتكتبين اسمي معاهم.
سارة: يا الله، أجل خلونا ندخل غرفتي نشتغل، ما مفترض نضيع وقت أكثر من كذا..
يهممن بالدخول، تنتبه سارة لوقوف، أم سلمان بالقرب من أمها..
سارة: أم سلمان، اشفيك.. ما بتجي معانا؟.
أم سلمان: (بارتباك).. هه؟.
أم سارة: خليها معاي، أبغيها بسالفة. لكن أبغي وحدة تجيب لي دلة القهوة.
أم نواف: أنا أجيبها لك يا خالة.
يدخل، بينما تقف أم سلمان خائفة مرتبكة، وقلقة..تراقب دخولهن ..تبقى وحدها مع أم سارة.
أم سلمان: (بتردد) أم سارة.. أنتي سمعتي شي؟
أم سارة: سمعت كل شي..
أم سلمان: (مكسورة) أرجوك، لا تفضحيني..
أم سارة: لو ما الجيرة، كان طردتك من بيتي.
أم سلمان: (مهزومة) أنا اللي بطلع، بطريقتي.. بس بدون ما يعرفوا..
أم سارة: بعد أيش؟، بعد ما كنتي رح تخربي بيوتهم.
تدخل في الأثناء أم نواف، تقف، تتنصت على ما يدور من حديث دون أن تنتبه لها الاثنتان
أم سلمان: بصراحة، أنا كنت أدور مصلحتي.
أم سارة: مصلحة أو خراب بيوت؟. تقنعي الرجال بالزواج على نسوانهم اللي وثقوا فيكِ وتقولي مصلحة؟.
أم سلمان: لكن ولا واحد وافق.
تبدو الدهشة على وجه أم نواف..
أم سارة: افترضي، أبو نواف وافق، أو زوج أمل، أو زوج أميرة.. كيف بتوريهم وجهك؟، كيف يهنى لك بال بخراب بيوت؟.
أم سلمان: أنا خطابة يا أم سارة وهذي شغلتي.
أم سارة: الخطابة شغلتها تجمع راسين بالحلال، مو تخرب بيوت.. مو تقنع رجال متزوجين يتزوجوا على نسوانهم بسبب مشكلة بسيطة..
تدخل أم نواف في الأثناء غاضبة، تقترب منهما وهي تحمل الدلة بيدها..
أم نواف: (تصرخ بغضب) شنهو اللي أسمعه؟، تبغي تخربي بيوتنا يا أم سلمان؟.
تقفز أم سلمان خوفاً وتختبيء خلف أم سارة..
أم سلمان: (بخوف) من قال هالكلام؟.
أم نواف: (وهي غاضبة) سمع إذني، ما أحد قال لي يا خاينة، والله لا أقطعك تقطيع يا خاينة (تصرخ).. تعالوا يا بنات، لحقوا علينا يا بنات..
يدخلن جميعاً.. سارة، أميرة وأمل..
سارة: أشفيك يا أم نواف؟، شنهو اللي صاير؟.
أميرة: خرعتينا، تكلمي شنهو صاير..
أم نواف: تعالوا شوفوا الخيانة اللي على أصولها..
أم سارة: (تحاول تهدئتها) استهدي بالله يا أم نواف، خلينا نتفاهم أحسن.
أم نواف: ما رح أسكت، أنا شكلي اليوم بطلع كل العنف اللي حصلته بحياتي عليها هالخاينة؟.
سارة: مين الخاينة؟، وشنهو صاير بالضبط؟.
أم سارة: ما عليكم منها، حاولوا تهدؤها، وكل شي يجي بالتفاهم..
أم نواف: لا يمكن أتفاهم مع هالخاينة..
أم سلمان: الله يخليك، خلي الموضوع بيني وبينك ولا تفضحيني.
أميرة: لا، الموضوع فيه إنّ.. قولوا لنا شصاير؟.
أمل: أم نواف، قولي شصاير؟.
أم نواف: الأخت، الخطابة العالمية، اللي وثقنا فيها وأعطيناها كل أسرارنا، تتصل برجالنا تقنعهم يتزوجوا علينا.
الجميع: (مصدومات وبصوت واحد) نعم؟.
أم نواف: شفتوا الخاينة..؟.
يتجهن لها بخطوات متحفزة، تتراجع مع كل خطوة..
أم سلمان: ولا واحد رضى، ما وافقوا، رجالكم يحبونكم، وما يرضوا عليكم.
يقتربن منها، تبتعد عنهن، تهرب منهن، يركضن خلفها، تبدأ المطاردة على الخشبة، بينما تضرب أم سارة يداً بيد أسفاً..وتتجه بأنظارها للنافذة.. يقبضن على أم سلمان..
أم سلمان: توبة والله توبة..سامحوني..
أمل: نسامحك يا أم سلمان؟، تبغي تخربي بيوتنا، وتخربي علينا علاقاتنا برجالنا، وتبغينا نسامحك؟.
سارة: كل شي رح ينهار بسببك وبسبب طمعك.
أميرة: أنت خاينة ولا يمكن نقبل بخاينة بوسطنا.
أمل: لازم نحاكمها..
أم نواف: وأنا اللي أنفذ الحكم فيها، بطلع كل وجع توجعته فيك يا خاينة، سنوات وأنا متحملة المر، سنوات وأنا أحاول أحافظ على بيتي.. وأنتي بالأخير تجي تخربي كل شي؟.
أمل: زوجي يحبني وعمره ما فكر بهالطريقة وبالأخير تجي أنت تبغي تقنعيه يتزوج علي؟.
أميرة: كلمتي زوجي بعد؟.
تهز أم سلمان رأسها إيجاباً..
أميرة: تبغي تخربيه علي؟، مو عيب عليك؟..
تهجم أم نواف عليها ضرباً وركلاً.. في هذه الأثناء تصرخ أم سارة التي تنظر للنافذة، وهي تضرب على رأسها..
أم سارة: الحقوا يا بنات، الحقوا شوفوا المصيبة..
مشغولات بأم سلمان ..
أم سارة: (تصرخ) تعالوا شوفوا، لحقوا على أعماركم يا بنات..شوفوا آخر اعتصامكم..
يتوقفن عن ضرب أم سلمان، ويركضن تجاه النافذة..
أم سارة: تشوفوا اللي أشوفه؟.
يصرخن صرخة واحدة من الدهشة..
الجميع: معقولة.. أبو سلمان؟.
تنتبه أم سلمان لاسم زوجها وتقف متثاقلة، تتجه ناحية النافذة..تقف بجانبهن..
سارة: سويتها يا أبو سلمان؟.
تراقب أم سلمان من النافذة وتطلق صرخة..
أم سلمان: لا، لا يا أبو سلمان .. لا يمكن..
أم سارة: وحدة لابس ثوب عرس والرجال يباركوا لأبو سلمان..
سارة: يعني تزوج عليها؟..
أميرة: أكيد، أجل من هذي اللي بتكون معاه.
أم نواف: والله ما منكم أمان يا الرجال.
أم سلمان: (منهارة وهي تبكي) جيت أكحلها عميتها، أنا اللي كنت بزوج رجالكم، يتزوج علي أبو سلمان..
يبدو الأسى على الجميع، تتجه أم سلمان إلى الباب بتثاقل وهي تبكي..
سارة: وين يا أم سلمان؟.
تنظر أم سلمان لسارة، تجهش بالبكاء وتخرج. تنظر كل واحدة للأخرى بأسى وحيرة.. أمل تمشي جهة مرتبتها، تلم أغراضها وتتجه للباب..
سارة: وين؟.
أمل: بيتنا، لزوجي وعيالي..
سارة: والاعتصام؟.
أمل: هونت، أروح أحافظ على بيتي قبل ما يضيع مني.
تخرج.. تلحقها أميرة التي لملت أغراضها..
سارة: أميرة؟..
تشير لها بالسكوت..
سارة: اعتصامنا؟.
أميرة: (تضحك بسخرية) اعتصامنا.. (تواصل الضحك وهي تغادر).
أم نواف تلملم أغراضها، وتتجه للباب..
أم نواف: أكيد أبو نواف رح يجيب غذا من المطعم، أروح أتغذى معاه.. ألزم ما علي بيتي، وزوجي وعيالي..
سارة: والتعنيف؟.
أم نواف: بالتفاهم تنحل..
تخرج، وتبقى سارة وحيدة مع أمها.. سارة تنظر للشعارات المعلقة على الشقة..
أم سارة: خليهم يروحوا
سارة: واعتصامنا؟، كنت أتأمل أشياء واجد من هالاعتصام، الاعتراف بحقوقنا.
أم سارة: يا بنتي كل هالكلام ما ينفع في هالبلد، مجتمعنا ما رح يتقبل مطالبكم بسهولة، شوية شوية، وكل شي يتغير.. شوفي قدامك، الأشياء اللي كانت ممنوعة زمان صارت عادي الآن.. المدرسة اللي كانت عيب يدخلوها البنات، صاورا البنات مبتعثات ويحققوا انجازات ترفع راس بلدهم، مع الوقت كل شي بيتغير. صدقيني الاعتصامات ما رح تغير شي.
سارة: كانت أيام جميلة، ملوا علينا البيت بالحركة، كنت أشوف فيهم شعلة من النشاط علشان يغيروا واقعهم.
أم سارة: رح يتغير كل شي بالتدريج، وأنت لازم تغيري قناعاتك تجاه الرجل. اللي راح مو كل شي، لازم بتلاقي ابن الحلال اللي يسعدك ويملي أيامك فرح، مو لازم تعيشي حرب على طول ضد الرجل.
سارة: أنا لا يمكن أغير قناعاتي، كل الشعارات اللي مكتوبة على البوسترات هي قناعاتي. وإذا فشلت مرة، رح أنجح مرة ثانية.
أم سارة: يعني شنهو بتسوي؟.
سارة: رح أنتقل لعمارة ثانية، وأسوي اعتصام جديد، ولن أتراجع، لن أتراجع (تهتف) لن أتراجع..
صوت الجرس..تنتبه سارة له وبفرح تتجه له..
سارة: رجعوا، شفتي يمه، رجعوا.. رح نكمل الاعتصام سوا..
تقترب من الباب..
سارة: (وهي خلف الباب) نعم.. من بالباب..
صوت رجالي: الأخت سارة فهد؟.
سارة: أيوا، أنا سارة..
صوت رجالي: معاك الشرطة..
سارة: (بخوف) هه؟، شرطة؟.. (تصرخ) يمه..
-إظلام-
أضف تعليق